داعش.. صنيعة الليلة الحرام

داعش.. صنيعة الليلة الحرام

تحليل وآراء

الخميس، ٩ يوليو ٢٠١٥

 في ليلة التقى الجمع تحت السقف الحرام، ومارسوا الرذيلة جمعاء، "بدلوا أماكنهم وأدوارهم وأوضاعهم، فلما نتج جنين عن حفلتهم الماجنة، تاه النسب، وحينما لجأ البعض إلى إثبات الـ"D.N.A" كانت المفاجأة، لقد أثبت التحليل أنّ الكل للجنين أب وأم".

إنّه تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي جاء للدنيا بعد حفلة جمعت الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والكيان الصهيوني ودول أوروبية وقطر والسعودية ومشيخات خليجية أخرى، وباركها مجموعة من العملاء والمرتزقة، قدموا هداياهم برؤوس محنية ليحوزوا الرضا الصهيوأمريكي.

وأهم من يتصور إلى الآن أنّ "داعش" يحارب الأمريكان أو يقف ضد مصالحهم، ومغيب من يصدق الأكذوبة الأمريكية بحربها ضد التنظيم، ويكفي ما قاله الرئيس الأمريكي باراك أوباما مؤخرًا خلال لقاء صحفي بالبيت الأبيض "نحن ندرب قوات داعش"، صحيح أنّ الموقع الرسمي للبيت الأبيض حينما قام بتغطية كلمة أوباما، عدل للمرة الأولى في تصريحاته ليصبح قوله "نحن ندرب قوات العراق"، إلا أن الرئيس الأمريكي قد قال الحقيقة التي يعلمها علم اليقين.

إنّ المخطط الصهيوأميريكي يستهدف دون شك تقسيم وتفتيت الدول العربية القائمة، وتحويلها إلى دويلات طائفية وعرقية ومذهبية، كي يصير الكيان الصهيوني هو الأكبر حجمًا والأكثر قوة، ويصبح بإمكانه احتلال أراضٍ عربية جديدة تضاف الى ما يحتله اليوم بالفعل، ولكي يصير مخططهم نافذًا، كان لا بد من تنظيم يلعب الدور الأكبر، طبقًا لما هو مرسوم له، فإلى جوار العملاء والخونة، ومؤسسات مجتمع مدني تابعة للغرب، وجماعات مصالح تربت في المدارس السياسية الأمريكية، جاء تنظيم داعش ليضرب عدة عصافير بحجر واحد.

التنظيم الإرهابي قدم للمخطط الصهيوأميريكي ما لم يفعله غيره من قبل، فأعلن بالفعل الحرب الطائفية، ضد الجميع فيما عدا "الصهاينة"، وقسم أعداءه إلى فرق وجماعات مذهبية، وفي حربه العصابية يترك أرضًا يدّعي أنّه هزم فيها، ويتمسك بغيرها، لينفذ الخريطة الجديدة التي اعتمدها الغرب، ويوحي لأعدائه، وهم أعداء للعروبة في الوقت ذاته بنصر زائف. هذا هو مخططه الذي تدركه جيدًا القيادة السورية، ولم تنجرف إلى منحدرات الطائفية التي يسعى إليها داعش، وهنا فشل التنظيم في إحدى مهامه، أمام الصمود السوري.

أيضًا يعمل داعش على صنع عدو تقف ضده الجيوش العربية تاركة العصابات الصهيونية في الأراضي المحتلة، لتثبت أرجلها وتقوي سلاحها العسكري، في حين تنهك الجيوش العربية في حرب عصابات مع مجموعات التنظيم الإرهابي التي لا تجتمع في نقطة جغرافية واحدة، لزيادة التوسع والإرهاق في محاربتها.

كذلك يلعب التنظيم دورًا هامًا في الحرب ضد الإسلام ذاته، بكافة مذاهبه السنية والشيعية على حد سواء، ويقدّم أبشع صورة ممكن أن تصور الإسلام، ويقدمها للغرب والمسلمين في وقت واحد، ويعطي مبررًا للرأي العام الغربي في كره كل ما يتعلق بمصطلح مسلم، لما يرونه من همجية وبشاعة في ممارسات التنظيم الإرهابي "داعش"، وقد تكون واضحة الحرب التي يخوضها التنظيم ضد أتباع الدين المسيحي، ولكن جوهر الأمر هو هجومه على الإسلام واتباعه.

ما قاله "إدوارد سنودن"، من قبل، وهو عميل سابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية، أصاب كبد الحقيقة، التي ينبغي التذكير بها كل فترة،  يكشف أنّ "داعش" الإرهابي أنشأ بالتعاون بين الوكالة التي كان يعمل بها ونظيرتيها البريطانية "MI6" وجهاز الاستخبارات الصهيوني "الموساد"، وأنّ تلك الأجهزة شرعت في وقت سابق لصنع التنظيم ليكون قادرًا على استقطاب المتطرفين من جميع أنحاء العالم في مكان واحد في عملية أسموها بـ"عش الدبابير"، لحماية "إسرائيل"، وإنهم رغبوا في إنشاء ما أسموه بـ"دين شعاراته إسلامية يتكون من مجموعة من الأحكام المتطرفة التي ترفض أي فكر آخر أو منافس له"، وإنهم يرون أنّ الحل الوحيد لحماية "إسرائيل" يكمن في خلق عدو قريب من حدودها، لكن سلاحه موجه نحو دول المنطقة الرافضة لوجوده والاعتراف به.

كما كشف "سنودن" أنّ "أبي بكر البغدادي" زعيم داعش والذي نصّب نفسه خليفة للمسلمين، قد خضع لدورة مكثفة استمرت لمدة عام كامل شملت تدريب عسكري على أيدي عناصر في الموساد بالإضافة إلى تلقيه دورات في فن الخطابة وفي علم اللاهوت.

بغض النظر عن حقيقة فيديوهات "داعش" التي يعلن فيها إعدام البعض بصور بشعة، فهي دون شك تعطي مؤشر تقارب نفسي وذهني بممارسات الصهاينة، فقد حاكى فيديو حرق الطيار الأردني "معاذ الكساسبه" ما فعله الصهاينة من قبل مع الشهيد محمد أبو خضير إبن الـ16 عامًا، حيث أحرقوه حيًا عقب وضع البنزين في فمه وأمعائه وجسده.

ولا يمكننا التغاضي عما كشف من إلقاء قوات التحالف الأمريكي للسلاح إلى عناصر داعش، واعترفوا به بعد فضحهم، وبرروا ذلك بقولهم "خطأ غير مقصود"، ويضاف إلى ذلك الشاحنات التركية التي فضحت نقل الأسلحة إلى عناصر التنظيم بسورية، فكلها مؤشرات تفيد بالتعاون الوثيق لا لمساندة ومؤازرة "داعش" وحسب، وإنّما في صنعها منذ البداية.

ومع كل هذا نجد من صنع "داعش" ويدعم الإرهاب يتحدث اليوم عن ضرورة القيام بتحالفات لتحارب ضد العصابات التكفيرية، بالقطع هي دعاوى خبيثة تعرقل الحرب الفعلية ضد معاقل وجذور تلك الجماعات، والتي يخوضها الجيش العربي السوري، وتسعى لتطويق الجيش المصري ومنعه من الإجهاز على عناصر التكفير والتحالف مع نظيره السوري.

القضاء على "داعش" وإخوانه لن يكون بتحالفات مع صانعيه، بل يكون بحرب فعلية ضد كل من يسانده، بحرب تخوضها دول تقف في مواجهة الحلف الصهيوأميريكي، فالوقوف في مناطق رمادية، لن يصنع انتصار على "داعش" بل سيؤدي دون شك إلى استكمال للمخطط التآمري.