آفات تفتك بالاقتصاد السوري وتستنزفه.. بقلم : إيفلين المصطفى

آفات تفتك بالاقتصاد السوري وتستنزفه.. بقلم : إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ٢٨ يونيو ٢٠١٥

Evlism86@gmail.com
 
يدرك الجميع أن الأزمة التي تمر بها بلدنا سورية ساهمت في إنتاج العديد من المفرزات التي طغت على جميع الأصعدة السياسية منها والاقتصادية وحتى الاجتماعية والأخلاقية، ولأن البيئة السورية بطبيعتها للأسف مهيأة لإنتاج مثل هذه المفرزات نجد أن عدداً من الممارسات غير الأخلاقية تتم تحت ستار الأوضاع والظروف الراهنة، والجميع يدرك أن شماعة الأزمة تتصدر كافة التبريرات لوجود أي آفة سلبية.
وكنا سابقاً أشرنا في إحدى المقالات إلى آفة الاحتكار والتي نذكر أن عدداً من المسؤولين الاقتصاديين ينفون وبشدة في إطلالاتهم الإعلامية أنه لا وجود لمثل هذه الظاهرة في الاقتصاد السوري، في وقت نجد أن هناك من يخالفهم ويدحض تصريحاتهم، فمثلاً اعترف أحد المسؤولين لإحدى الصحف المحلية بأنهم كانوا يبيعون المواطن البطاطا بسعر أغلى بـ 20% من السعر العالمي بينما أدى توقف تصديرها إلى هبوط سعرها ليصبح 80% من السعر العالمي.، هذا الاعتراف يؤكد أن آفة الاستغلال والاحتكار كانت تتم من قبل جهات رسمية، فما بالنا بممارسات الجهات غير الرسمية التي تنهي الحكومة عن أفعالها وتطالب بمحاسبتها ومعاقبتها.
لقد انتشرت آفة الاحتكار في الاقتصاد السوري قبيل الأزمة من خلال وجود شركات ورجال أعمال محددين لاستيراد السلع الغذائية، يطلق عليهم ملك السكر وملك الأرز وإلى ما هنالك من تسميات تطلق عليهم، في حين أن الأزمة لم تتمكن من إنشاء بدائل لهؤلاء المحتكرين وبعلم الأغلبية، فإن كثيراً من رجال الأعمال والتجار الصغار يبحثون عن فرصة لتوريد سلعة ما إلى السوق السورية بأسعار مخفضة لكنهم لا يحظون بهذه الفرصة نتيجة سيطرة التجار الكبار أو ما يعرف بحوت السوق على توريد سلعة معينة.
وهذا الأمر بيناه مراراً في تحقيقاتنا حول آليات استيراد السكر أو الأرز وغالباً ما كانت تتم بأسعار أعلى من الأسعار العالمية وبنوعية غير جيدة، فكيف اليوم وفي ظل الأزمة نجد أن ظاهرة الاستغلال والاحتكار تنتشر انتشار النار في الهشيم وخاصة أن أغلبية المساعدات التي يتم منحها للمتضررين من الأزمة لا تصل لمستحقيها ويتم المتاجرة بها من دون رقيب أو حسيب.
ولكي تعم الفائدة لا ضير من أن نذكر ببعض المقترحات التي تساهم في الحد من انتشار آفة الاحتكار. فمثلاً نجد أنه من الواجب على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الاستفادة من تجارب دول الجوار بقيامها بنشر أسعار معظم السلع الغذائية على صفحات المواقع الإلكترونية شريطة أن تكون الأسعار مدروسة من قبل لجان مختصة قادرة على حساب الكلف وهامش الربح ومقارنتها بأسعار السلع الغذائية العالمية للسلع التي يتم استيرادها وهذا الأمر يساهم في توعية المستهلك ويمنع استغلاله من قبل المحتكرين ولا يمنع من نشر ثقافة استخدام البدائل لسلع مشابهة لكبح آفة الاحتكار.
أما فيما يخص مؤسسات التدخل الإيجابي فلابد من تفعيلها بطريقة لا تجعل منها مؤسسة خاسرة شريطة أن تكون أسعارها مدروسة ومخفضة عن أسعار السوق، وهنا يجب أن تكون مؤسسات التجارة الخارجية شريكة بالاستيراد المباشر للسلع الغذائية وهذا أمر يساهم في تخفيف الضغط عن السوق من دون أن تعتمد على وسطاء وتجار يقومون برفع الأسعار نتيجة استغلالهم للمناقصات التي تطرحها الحكومة والتي أغلبيتها تتم بفساد كبير ولنا في مناقصة الأرز التايلاندي خير دليل على ذلك حين تم استيراد الطن بـ 800 دولار في حين أن أجود أنواع الرز التايلندي كان سعره عالمياً 500 دولار للطن الواحد.
كذلك يجب تشديد الرقابة على المنافذ الجمركية المسؤولة عن السلع التي يتم استيرادها وخاصة أننا نسمع كثيراً عن ممارسات بعض العاملين في المنافذ الجمركية والذين يضغطون على فئة صغيرة من التجار لتمرير الكبار منهم ويجب محاسبة من يساهم في تأخير دخول شحنة من السلع الغذائية من دون أسباب وجيهة
ويجب على المؤسسات الاقتصادية الاستفادة من قوانين وتجارب الدول الرأسمالية التي تعاقب وبشدة المحتكرين. فمثلاً نجد في أعتى الدول الرأسمالية تتم معاقبة شركات الطيران في حال أقامت تحالفاً لبيع تذاكر بسعر معين أو ساهمت برفع الأسعار، حيث تتم معاقبتها، في حين نجد أن الجهات الرسمية تغفل عن هذه الآفة وتصرح أنها غير موجودة البتة بدليل أن السلع موجودة، لكن ما لا تعرفه أن التجار يتفقون فيما بينهم على تسعيرة معينة ويتم طرحها في السوق مستغلين حاجة المواطن لهذه السلع وانعدام وجود البدائل يسرع في انتشار هذه الآفة التي يدرك من يهتم بالشأن الاقتصادي بأن الاحتكار يشل حركة اقتصاد أي بلد ويساهم في تخفيض التنافسية، لذلك يجب أخذها بعين الاعتبار والكف عن حجب رؤية شمس الحقيقة بيد ملطخة بالفساد.