الفريق الاقتصادي.. أقوال من دون أفعال.. بقلم: إيفلين المصطفى

الفريق الاقتصادي.. أقوال من دون أفعال.. بقلم: إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

السبت، ٢٠ يونيو ٢٠١٥

Evlism86@gmail.com
عام 1962 بين الرئيس الأميركي جون كيندي بأن مهمة تحقيق الاستقرار الاقتصادي تتطلب إبقاء الاقتصاد على مسار العمالة العالية ومنعه من أن يشت كثيراً عن ذلك المسار سواء ارتفاعاً أم انخفاضاً ففي أحدهما يكمن التضخم وفي الآخر الركود"
من هنا نجد أن وجود سياسة مالية ونقدية مرنة وواعية بإمكانها الحفاظ على المسار الوسط، لكن هذا الاستنتاج يبدو أنه لا ينطبق على الاقتصاد السوري الذي يعاني من تبعات الحرب والصراع الدامي الذي يحيط بكافة مكوناته حيث نجد أنه في وقت يعيش العالم صراعه الدامي السياسي والاقتصادي يواصل المواطن السوري معاناته المعيشية في البحث عن قوته اليومي الذي أضحى بفضل إجراءات الفريق الاقتصادي الحكومي صعب المنال، وخاصة أن الأسعار تجاوزت حدود المنطق في حين أن الرقابة نائمة وضمائر الأغلبية من التجار ما تزال تعمل وفق مبدأ " أن التجارة ربح وليس خسارة"، ولأن التاجر السوري اعتاد أن يجير المناسبات لخدمة ثروته من دون رأفة أو رحمة نجده يستبق المناسبات ويرفع أسعار السلع بحجة سعر صرف الدولار الذي لم تجد الحكومة عبر فريقها المسؤول عنه حلاً لكبح جماح ارتفاعه والذي أصبح سعره ما يقارب 300 ليرة في السوق غير النظامية، وللتوضيح أكثر نجد أن الدولار الرسمي سجل سعراً قياسيا جديداً 237.69 ليرة أي أن السعر الرسمي للدولار حالياً = 500% من السعر الرسمي قبل الأزمة بارتفاع قدره 400%، وبالتالي فإن الليرة السورية خسرت 80% من قيمتها وفقاً للسعر الرسمي بينما في السوق السوداء فقد بلغ سعر الدولار 296 ليرة أي ارتفع 526% وبالتالي تكون الليرة قد خسرت 84 % منذ بدء الأزمة. هذه المؤشرات تؤكد أن السياسة النقدية تعيش حالة من الوهم حينما تصرح وتعلن نيتها السعي لخفض سعر صرف الدولار متجاهلة حقيقة الأرقام التي تساهم في كشف زيف التعاطي الإعلامي الاقتصادي مع الواقع الذي تفرضه آلة الحرب، فقد أظهرت التجارب والأزمات العالمية إنه ليست هناك دولة محصنة ضد الركود الاقتصادي مهما بلغ حسن إدارتها ولنا في تاريخ أزمة الولايات المتحدة واليابان عبرة حينما شهد اقتصادهما انخفاضاً في أوائل التسعينات وتوقف فيهما نمو فرص العمل واختفت الأرباح في حين بقي التضخم على حاله في معظم الدول ما جعل من الصعب جداً على شعوب تلك الدول نسيان فورة ارتفاع الأسعار خلال السبعينات والثمانينات، وما أشبه اليوم بالأمس فقد أضحى المواطن السوري يعيش حياته وسط صراع اقتصادي يكاد يقصم ظهره من شدة انخفاض القدرة الشرائية لليرة التي لم تعد قادرة على تلبية أبسط احتياجاته المعيشية والفضل في ذلك يعود لجشع الأغلبية من التجار وغياب الرقابة ولا نبالغ إن قلنا عدم جدية الفريق الاقتصادي في مقدمته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتحقيق مهامها وضبط الأسواق من خلال القيام بدراسة منطقية لكلف السلع ومقارنتها بين الكلفة الحقيقية والكلف التي يتم وضعها من قبل المحتكرين.
وهذا يعني أنه من الأهمية بمكان إيجاد سياسات تحقق التوازن الصحيح بين التنمية والتضخم، بكلمة أخرى إن الطريقة الأساسية التي يمكن للحكومة أن تواجه بواسطتها الركود أو أن تبطئ التضخم هي من خلال استخدام أدواتها المالية والنقدية لإبطاء أو تسريع نمو الطلب الإجمالي، حيث تؤكد الدراسات الاقتصادية العالمية أن التركيبة المثالية من السياسات المالية والنقدية تعتمد على عاملين رئيسين هما الحاجة إلى إدارة الطلب وخليط السياستين المالية والنقدية.
وللتوضيح أكثر نبين أنه في الوضع الاقتصادي السوري لا يمكن التركيز على سعر صرف الليرة مقابل الدولار وتحويله إلى هاجس ومن ناحية ثانية يتم تجاهل القدرة الشرائية لليرة فهذا الأمر يجعل الليرة أداة للمضاربة وهذا الأمر يمكن رؤيته بوضوح من خلال تفقد شركات الصرافة التي نجد أمامها طوابير من الناس يقفون بانتظار شراء الدولار بسعر من شركات الصرافة من ثم بيعه في السوق السوداء " نتيجة اختلاف السعر " وبالتالي أضحت الليرة أداة للمضارية والتجارة وتحقيق أرباح من خلال الشراء بسعر والبيع بسعر آخر، وهذا يعود إلى إصرار القائمين على السياسة النقدية صم أذانهم وعيونهم عن حقيقة أن الناس يبحثون عن عمل يحقق لهم أجراً قادراً على تأمين أبسط احتياجاتهم المعيشية.
ومن المعيب أن الحكومة مازالت تصرح في كل اجتماعاتها أنها تسعى لتلبية احتياجات المواطنين وبأنها تناقش الصعوبات التي يواجهونها في حين أنه يفترض وخلال الحرب التي تدور رحاها في المنطقة أن تكون أكثر جدية في تحقيق احتياجات المواطنين وتطبيق القوانين بحزم على المستغلين والفاسدين الذين لا يفوتون فرصة أو مناسبة لاستغلال المواطن وتشليحه ما يملك من نقود، وكأن حال البعض من الفريق الاقتصادي يسعى بطريقة ما إلى إثارة صيحات من الاحتجاج الاقتصادي الذي يدوي في منزل أغلبية المواطنين من الطبقة الوسطى والفقيرة وحال قلوبهم تقول" أسمعت لو ناديت حياً " من الفريق الاقتصادي" لكن لا حياة لمن تنادي".