دمشق.. من واحد إلى مالا نهاية.. بقلم: ميساء نعامة

دمشق.. من واحد إلى مالا نهاية.. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ٦ فبراير ٢٠١٦

تتخبط الدول التي استجرت معارضات الخمس نجوم لتشارك بهم في مؤتمر جنيف3، في محاولة منها لإعطاء المؤتمر طابع مصداقية وجود معارضة سورية تحمل الهمَّ السوري أولاً وأخيراً وتضع يدها في يد الدولة السورية لمحاربة الإرهاب...لكن فشل هذه الدول عينها في تمدد الإرهاب على مدى خمس سنوات لا يوازيه إلا فشل آخر في تقديم صورة النضج السياسي عن معارضات متناحرة فيما بين أعضاء الوفد الواحد.
يبدو للجميع أن تخبط المعارضات وتناقضاتها وانعدام توازنها يعود إلى سبب واحد فقط، وهو أنها ليست صاحبة القرار في الذهاب إلى مفاوضات أو حتى إبداء رأي سوري خالص فيما يخص الحل السياسي في سورية.
فالدول الممولة لترف تلك المعارضات متباينة بين السعودية المتشددة في تمثيل المجموعات الإرهابية التي ترعاها أصلاً وهي أحد أهم أسباب الوجود الإرهابي في سورية، والتي تمتد أصولها إلى الوهابية المستشرية في بلاد نجد والحجاز، وبين التمثيل الإخواني الذي يرعاه أردوغان وتتبنى دويلة قطر تمويله.
وبين هؤلاء وأولئك يطل علينا الشيخ الوهابي جورج صبرا، وعرابة إسرائيل بسمة قضماني ويهددان بمقاطعة مفاوضات جنيف3.
بجميع الأحوال المتابع لمجريات جنيف3 والإحراجات التي يقع فيها المفوض الأممي ستيفان دي ميستورا جراء تخبط وفود المعارضات المنحدرة من عبوديات مختلفة لأسياد مختلفين، يصل إلى نتيجة مفادها أن الدولة السورية رغم ما تعرفه عن المعارضات وارتهان قراراتهم إلى الدول ذات الوصاية عليهم، قبلت الذهاب إلى جنيف3، على أمل أن يجبر أسياد هؤلاء المعارضات على تطبيق أهم بند في القرار الأممي 2254 القاضي بمحاباة الإرهاب وإجبار الدول الداعمة له بوقف إمداد المجموعات الإرهابية المسلحة بمسمياتها المختلفة "جبهة النصرة أو أحرار الشام أو داعش"، بالمال والعتاد والتدريب والتسريب عبر أراضيها.
المعارضات المترفة بالمال الخليجي، وصلت إلى جنيف مع عائلاتها ليس لإجراء مفاوضات لأنها لم تُؤمر بذلك بعد، إنما لإقامة "سيران" على الطريقة السويسرية، بينما وفد الجمهورية العربية السورية ذهب إلى جنيف حاملاً الوجع السوري ومفاتيح الحل السياسي للأزمة السورية.
من جنيف السويسرية، علق دي ميستورا المفاوضات إلى 25 الشهر الجاري لحفظ ماء الوجه وعدم إعلان فشل ضبط إيقاع وفود المعارضات بما يتوافق مع رؤية مشغليهم وأسياد مشغليهم.
المشهد في سورية مختلف تماماً عما هو في جنيف، جميع السوريين أداروا ظهرهم لمفاوضات جنيف3 بعد أن علقوا آمالهم على إنجازات الجيش العربي السوري في الشمال الشرقي والغربي لمحافظة اللاذقية مروراً بفك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء، والمضي بهمة الأسود في تطهير جميع الأراضي السورية من الإرهاب الذي أرهق الشعب السوري على مدى خمس سنوات وحرمه من متعة الأمن والأمان والعيش الرغيد، الشعب السوري صمد في وجه الفقر والتشريد والغلاء المعيشي وانعدام ضروريات الحياة الكريمة التي كان ينعم بها قبل الحرب العدوانية على سورية، كما صمد في وجه الإرهاب الوحشي وقدم للوطن زينة الشباب السوري قرابين النجاة.
ما يتطلع إليه الشعب السوري اليوم العودة إلى المصالحات الكبرى بين جميع المواطنين في الداخل السوري، ومحاربة استشراء الفساد الذي لا يبتعد في وحشيته عن الإرهاب الداعشي.
إذاً هدف الدولة السورية من مفاوضات جنيف3 واضح ومحدد، ومتى اندحر الإرهاب عن الجغرافية السورية سينعقد مؤتمر الحوار الموسع في دمشق "1" لأنه على الأرض السورية فقط سيتفق جميع السوريين على ولادة سورية المتجددة.