حين يصبح التعاطي مع العاملين في الإعلام كالمرتزقة..بقلم : إيفلين المصطفى

حين يصبح التعاطي مع العاملين في الإعلام كالمرتزقة..بقلم : إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ٤ أكتوبر ٢٠١٥

Evlism86@gmail.com
منذ خمسة أعوام طرحت تساؤلاً عبر مجلة الأزمنة، عن أسباب معاملة الإعلاميين العاملين في القطاع العام كالجنود النظاميين في حين يتم معاملة الإعلاميين العاملين في القطاع الخاص كالمرتزقة، حينها كان الهدف من التساؤل هو إيجاد جهة مسؤولة قادرة على تأمين ضمانات وصون حقوق مادية ومعنوية للعاملين في الإعلام بالقطاع الخاص، وذلك لكون الإعلاميين العاملين في القطاع العام لديهم اتحاد صحفي ومؤسسات إعلامية رسمية لديها إمكانيات إلى حد ما بأن تضمن له حقه المادي على الأقل.
اليوم يبدو أن عدم وجود جواب أتاح الفرصة لبعض المسؤولين والعاملين في المؤسسات الحكومية للتعامل مع الإعلاميين بطريقة لا ترتقي لأصول آداب التعامل الأخلاقي،  خاصة إذا كان الصحفي ليس من أصحاب من يبيع قلمه مقابل راتب شهري خاص من قبل بعض المسؤولين
مؤخراً أثارت قضية الصحفي أدم طريفة وما تعرض له من إهانة من قبل رئيس اتحاد نقابات العمال العام، انتقاد عدد من الإعلاميين لهذا التصرف غير المقبول تجاه صحفي يقوم بتأدية عمله، لكن للأسف هذا الانتقاد لم يتعدى حدود صفحات التواصل الاجتماعي وعلى الوسيلة الأقرب "الفيس بوك"، في حين كان الصمت هو سيد الموقف في وسائل الإعلام الرسمية المكتوبة والمرئية والمسموعة، ولم نشهد أي بيان أو تصريح من قبل وزارة الإعلام لتعرب فيه عن دفاعها عن حقوق الصحفي وعدم القبول بإهانته، بل أيضا كان الصمت هو المسيطر على وزارة الإعلام التي تدعي أنها تحمي صحفييها والعاملين فيها.
قضية الصحفي أدم وما تعرض له من إهانات ليست بالحدث الجديد،  خاصة وأن هناك عدة صحفيين سبق وأن تعرضوا لاهانات من قبل بعض العاملين في المؤسسات الحكوميةـ ويتم التعامل معهم وكأنهم أعداء الوطن، خاصة إذا كان الصحفي لديه قضية يدافع عنها أو كان لديه ملف للفساد، حينها فإنه لن يجد شخصاً مسؤولاً يمنحه جواباً شافياً أو يقدم له مساعدة بمعلومة أو منحه تسهيلات لإنجاز عمله، بل على العكس يتم وضع العراقيل والصعوبات وقبل كل ذلك يتم التعاطي معه بطريقة غير أخلاقية، والسبب في ذلك انعدام وجود جهة فاعلة لها كيانها قادرة على حماية الصحفي ومنحه دعماً حقيقياً، يدفعه للعمل والإخلاص بعمله، والمخاطرة بهدف إيصال رسالته الإعلامية.
كثيراً ما يتم نقد الإعلام الرسمي لعدم مهنيته وقدرته على التعامل مع الأحداث والواقع بجرأة وشفافية، هنا لا يمكن إلقاء اللوم على الصحفيين فقط بل السبب الأساسي يكمن بالقائمين على إدارة الإعلام وتعاطيهم حتى مع الإعلاميين العاملين لديهمـ بطريقة غير أخلاقية،  تدفع بالصحفي إما للاستقالة أو البحث عن فرصة عمل في الخارج أو يكون ردهم الصمت لأن ليس لديهم خيار للعمل في مكان آخر، ولو قارنا آلية التعاطي التي يتم التعامل بها مع الصحفي في حال تم إهانته أو تعرض لموقف من قبل مؤسسة ما في دول الجوار نجد أن الصحفي لايترك وحيداً ليدافع عن نفسه بل يتم اعتبار إهانة الصحفي إهانة للمؤسسة التي يعمل بها ويلقى تضامناً من قبل وسائل إعلام أخرى حتى لو كانت تتعارض مع مواقفه واتجاهاته السياسية، هنا يكون التضامن بدافع حماية وصون حقوق العمل الصحفي وليس بدافع الشخصنة والمحسوبيات.
لكن للأسف هنا يتم تدارك الموضوع ويطلب من الصحفي التزام الصمت بالعامية "لملمة" الموضوع والحل يكون باعتذار خجول ومبطن من قبل المسؤول الذي أساء للصحفي، حتى أن الاعتذار يكون بسرية وذلك لأن المهم هنا هو الحفاظ على صورة المسؤول وتلميعها أكثر بطريقة تضيع القصة بين الجلاد والضحية.
إن حديثي عن هذه الحادثة التي تعرض لها الزميل آدم طريفي ولو جاءت متأخرة إنما بقصد القول أن الغاية هنا ليس الدفاع عن الزميل شخصيا بقدر ماهو دفاع عن العمل الصحفي وعن الصحفيين مهما كانت توجهاتهم لايجوز إهانتهم وفي حال ارتكاب الصحفي لخطأ ما بالإمكان معالجة الأمر بالتوجه للإدارة المسؤولة عنه أو لوزارة الاعلام أو للقضاء، وليس الحل بضربه وشتمه وأخيراً أقول في وقت  يضرب صحفي وتتم إهانته دون رد اعتبار من قبل وزارة الاعلام أو اتحاد الصحفيين فهنا أجزم أن الاعلاميين سواء العاملين في القطاع االعام والخاص يعاملون كالمرتزقة وأصبحوا بحاجة للجنة أو قانون يصون حقوقهم ويدافع عنهم وعن كرامتهم.