تعثر فكرة المسارين وغاتيلوف يأتي للانقاذ..اقتحام روسي للفراغ السوري في جنيف

تعثر فكرة المسارين وغاتيلوف يأتي للانقاذ..اقتحام روسي للفراغ السوري في جنيف

مؤتمر جنيف 2

الأربعاء، ١٢ فبراير ٢٠١٤

ليس للأخضر الإبراهيمي مَن يفاوضه. الوسيط الدولي يكتفي من جنيف ومفاوضاتها اليوم بلقاء نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف.
وحتى ساعة متأخرة من الليل لم يكن أي من الوفدين "الائتلافي" والحكومي قد تلقى دعوة للحضور اليوم إلى قصر الأمم المتحدة. ويشكل ذلك أول إعلان بالتراجع عن المفاوضات منذ انطلاقها في مونترو في كانون الثاني الماضي، بإلغاء جولة من الاجتماعات إلى ما بعد المشاورات اليوم مع الراعي الروسي. ونقلت وكالة "نوفوستي" عن مصدر مطلع قوله إن غاتيلوف سيلتقي في جنيف بوزير الخارجية السوري وليد المعلم ورئيس "الائتلاف الوطني السوري" أحمد الجربا.
وذهب الثمانيني الجزائري أمام الصحافيين لإعلان الجولة، التي بدأها أمس الأول، شاقة "وربما أشقّ من سابقتها، ولم يتحقق فيها تقدم يذكر، ولكنه يحمل الأطنان من الصبر" للبقاء في مهمته.
وينبغي الرجوع إلى جلسة الأمس التي شكلت اختبارا مريرا للديبلوماسي المخضرم، اكتشف خلالها حدود التمرين الديبلوماسي، بعد أن اصطدم اقتراحه بإطلاق مسارين متوازيين حول بند وقف العنف ومكافحة الإرهاب وهيئة الحاكمة الانتقالية، برفض الوفد الحكومي السوري، وتحفظ "الائتلافيين" على مكافحة الإرهاب، وسجال مع رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، اضطر الإبراهيمي بعدها إلى رفع الجلسة.
وكان الإبراهيمي قد اختار الالتفاف على ثبات الحكوميين رفض أي بحث في الهيئة الحاكمة الانتقالية، بعرض بدا ظاهريا متوازنا، يجمع بين أولويات الطرفين، بوضعهما على سكتين متوازيتين من المسارات. وفيما لم يشعل التحفظ "الائتلافي" أي سجال مع الإبراهيمي، لقي اقتراح البحث بالهيئة الحاكمة الانتقالية غضبا من جانب الجعفري. وعد الجعفري اقتراح البحث بالهيئة الانتقالية، تجاوزا لبيان "جنيف 1"، واتهم الإبراهيمي بالخروج عن مضمون البيان، وترتيبه التسلسلي، وقال إن مسألة مكافحة الإرهاب لم تأخذ قسطها من النقاش، وليس كافيا طرحها بالطريقة التي طرحها فيها الإبراهيمي.
واحتج الجعفري على إيراد الإبراهيمي عبارة تغيير مؤسسات الدولة، في ثالث النقاط التي طرحها للنقاش. وقال إن ما يطرحه الإبراهيمي، ليس في نص جنيف، وهو لا يستهدف تغيير مؤسسات الدولة السورية، وإنما تفكيكها.
وقال مصدر ديبلوماسي إن الصدام كان أعنف من أي مرة سابقة، وقد وصل إلى حد الاتهام المبطن بالعمالة. ولم يكن مقدرا بأي حال أن يتمكن الإبراهيمي، لو واصل الاجتماعات اليوم، أن يعيد النقاش إلى ما كان يتمناه، لان الوفد السوري الحكومي كان سيرفض الخوض، كما اقترح الإبراهيمي، في موضوع الهيئة الحاكمة الانتقالية والياتها، وعملية تشكيلها، وصلاحياتها، مفضلا العودة إلى تقديم رؤية الحكوميين لما ينبغي أن يكون عليه مكافحة الإرهاب ووقف العنف.
ويقول ديبلوماسي عربي، مقرّب من الملف، إن الإبراهيمي قد استعجل جمع الوفدين في قاعة واحدة، كما كان مقترحا في البداية، لعرض خطته الجديدة للمفاوضات على الجانبين في قاعات منفصلة، قبل دعوتهما إلى قاعة مفاوضات واحدة، يخاطر فيها بإشعال سجال مع الوفد الحكومي، ويتبارى فيها الطرفان بالتمسك بأولوياته: وقف العنف للحكوميين، والدخول في صلب العملية الانتقالية، كما يسعى "الائتلافيون".
ويعكس الصدام بين الجعفري والإبراهيمي، من دون مبالغات درامية، شعورا متزايدا لدى الحكوميين، أن الوسيط الدولي بدأ بالخروج من موقعه الحيادي. وكان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، قد رفض الإجابة لـ"السفير"، عما إذا كان لا يزال الإبراهيمي حياديا، وموضع ثقة الحكومة السورية. ويعزز إصرار الإبراهيمي على الخوض بالهيئة الانتقالية فورا، اعتقادا لدى الحكوميين أن الوسيط الدولي يقترب أكثر فأكثر من الإستراتيجية الأميركية.
ولاحقاً، دخل على السجال بين الإبراهيمي والوفد الحكومي ديبلوماسي غربي، يعمل في فريق دعم "الائتلافيين" في المفاوضات. ودافع الديبلوماسي، الذي أشرف على تشكيل وفد "الائتلاف"، عن موقف الإبراهيمي، وقال إنه هو من يحدد الأجندة في اجتماعات "جنيف 2"، بحسب الدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وروسيا وأميركا إلى الطرفين المفاوضين. وصعّد الديبلوماسي الغربي من لهجة التحذير للوفد الحكومي السوري، وقال إنه على الإبراهيمي، إذا لم يلتزم احد الأطراف بالأجندة التي قدمها، أن يقدم تقريره إلى مجلس الأمن، ليتحمل مسؤولياته. وكان الإبراهيمي نفسه أشار في مؤتمره الصحافي إلى عزمه تقديم مطالعة عن حصاد الجولتين إلى مجلس الأمن الأسبوع المقبل.
ولا يبدو أن أحدا ينتظر كبير تغييرات في الموقف الروسي لتقديم دعم إلى الإبراهيمي، يدفع السوريين إلى تقديم تنازلات في جنيف، إذ لا توجد أي مؤشرات على أن يقوم الروس بتغيير موقفهم من دعم أولوية مكافحة الإرهاب والعنف في سوريا، على ما عداها. ولا يبدون استعجالا لإجراء أي تغييرات جوهرية في تركيبة النظام الحالي في الوقت الراهن على الأقل، لا بل إن الديبلوماسية الروسية تبعث بالمزيد من الرسائل التي تشير إلى دعم مقاربة الحكومة السورية للمفاوضات.
وتعهد الروس بصوت وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بقطع الطريق على أي قرار جديد في مجلس الأمن ضد سوريا، ووصف مشروع القرار الغربي حول الوضع الإنساني في سوريا "بأنه يحمل أفكارا أحادية الطابع ومعزولة". والأهم أن الروسي ذكر بأن الصفقة حول مكافحة الإرهاب في سوريا، بند في مبادرة دولية، تبناها "الثمانية الكبار"، في دبلن في حزيران الماضي، عندما نص بيانهم الختامي، بين ما نص عليه، النظر في مصير الأسلحة الكيميائية في سوريا، وهو شق أنجز من البيان الذي رعى إصداره توافق بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي وباراك أوباما. أما الشق الذي يتعلق بمكافحة الإرهاب فقال لافروف "إنه ينص على الشراكة، حكومة ومعارضة، على مكافحة الإرهاب"، وهو ما لم ينجز بعد من الصفقة. (تفاصيل صفحة14)
من جهة أخرى، أعلن رئيس الاستخبارات الاميركية جيمس كلابر، خلال جلسة استماع امام لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي، ان توقعاته لمؤتمر جنيف "متواضعة جدا". وتوقع "بقاء الحال على ما هو عليه لفترة طويلة نسبيا" حيث لا تملك القوات السورية القوة لمواصلة السيطرة على الاراضي التي تقوم بطرد المسلحين منها، فيما تملك المعارضة الدعم الخارجي الكافي لمواصلة القتال.
وأشار الى أن عديد المقاتلين في سوريا يدور حاليا بما بين 75 ألف مقاتل الى 115 الفا، تحت مظلة 1500 مجموعة "تملك اهدافا سياسية مختلفة". وأعلن أن هناك ما بين 20 الى 26 ألف مقاتل متشدد، وهم يملكون القوة على الأرض. وأشار إلى وجود حوالي 7500 مقاتل أجنبي من 50 دولة.