بعد النجومية والتصفيق … ماهو مصير الرياضيين بعد التقاعد؟!

بعد النجومية والتصفيق … ماهو مصير الرياضيين بعد التقاعد؟!

الأخبار الرياضيــة

الأحد، ٢٩ أبريل ٢٠١٨

سؤال تم طرحه سابقا إلى جانب أسئلة كثيرة تتعلق بمستقبل الرياضي بعد انتهاء صلاحيته، في الملاعب كنجم وفنان تلتهب له الأكف تصفيقا، وبعد الاعتزال ما هو مصيره؟ ومن الذي يرعاه عندما يمرض؟ أو يصاب بعجز ما وهو يلعب؟
ومن المسؤول عن تقاعده وتأمين لقمة عيش كريمة له بعد سنوات شبابه التي قضاها في الملاعب، في حال لم يجنِ من الرياضة ما يكفي لتأمين العيش الكريم له؟
ومتى تصبح الرياضة بشكل عام مهنة محترمة مثل باقي المهن؟ وفي حال تقدم رياضي لخطبة فتاة، لا يرفضه والدها بحجة «ما بيده صنعة يعيش من وراها»؟!
ومتى تصبح للرياضة نقابة أو هيئة أو رابطة تهتم بهذه الشريحة في حال تقاعدها أسوة ببقية المهن؟
وهل يمكن لميزانية الاتحاد الرياضي، أو المكتب التنفيذي بشكله الحالي أن يتحمل تبعية ونفقات كل الرياضيين، «وما أكثرهم» وتؤمن لهم كل احتياجاتهم، مع أن غالبيتهم إن لم نقل 90% منهم ليسوا على ملاك الاتحاد الرياضي وظيفيا، بل يتبعون لمؤسسات ودوائر حكومية أخرى، وبالتالي هم منتسبون لنقابات عمالية أو غيرها، والقليل منهم بلا أي تبعية وظيفية «أعمال حرة».
وهذه القلة القليلة الذين يزاولون أعمالا حرة، من يهتم بهم؟ ولماذا لا يوجد لهم تشريع رياضي يهتم بهم؟
أسئلة كثيرة راودتني وأنا أكتب هذا التحقيق الذي أثار لدي مواجع كثيرة، عن حالات إنسانية لرياضيين أصابهم الإهمال، ونسيهم الجمهور، والمسؤولون، وباتوا على قارعة الطريق!
حالات مأساوية
لن أضيف جديدا عندما أشير لحالة بطل آسيا في الشطرنج عماد حقي، وما وصل إليه، قبل أن تمتد له بعض الأيدي للاهتمام بحالته، وحال اللاعب جمال كشك المصاب بمرض عضال، واللاعب طارق علوش الذي يعاني مرض، واللاعب حنين بتراكي الذي يحتاج لرعاية، وقبل أيام توفى اللاعب إبراهيم خاروف، وهناك لاعبون دوليون يمتهنون مهنا لا تليق بأعمارهم الكبيرة، سواء في دمشق أو باقي المحافظات، مع احترامنا لجميع المهن الأخرى، ولكن لاعبا أو بطلا أفنى عمره في الملاعب يجد نفسه منسيا ولا أحد يهتم به، أو يتذكره.
قائمة هؤلاء طويلة ولا أريد أن أسمي كل الأمور بمسمياتها كي ابتعد عن التشخيص، ولكن أعرض لهذه الحالة من أجل إيجاد حل لها رغم التشابك الذي ينتابها، دون أن نلقي اللوم على الاتحاد الرياضي بعينه، فهناك تشابكات لابد من فضها أولا.
صندوق للتكافل الاجتماعي
نائب رئيس الاتحاد الرياضي العام الدكتور ماهر خياطة قال: بالتأكيد في حال وجود أي حالة إنسانية ما لرياضي تستوجب التدخل، تدخلنا كمنظمة رياضية ضمن الإمكانيات المتاحة، ووفق الأنظمة المالية، ولكن هناك رياضيون يتبعون لجهات أخرى وظيفيا يستفيدون منها صحيا وتقاعديا.
كاتحاد رياضي عام، علينا التفكير جديا بإنشاء صندوق للتكافل الاجتماعي لمثل هذه الحالات أسوة بباقي النقابات والدوائر للرياضيين غير الموظفين، وحينها يدفع كل رياضي مشترك فيه من مستحقاته الشهرية، وبصيغة مناسبة، ويصدر القرار من المجلس المركزي، ويستفيدوا منه بعد التقاعد أو أثناء المرض.
تم الحديث سابقا بموضوع إنشاء رابطة للرياضيين القدامى، وتم وضع بعض الضوابط، وسيتم مناقشة الأمر من جديد في اجتماع المجلس المركزي القادم، وقد تم قطع خطوات واسعة في هذا الخصوص.
ربما نكون قد تأخرنا في هذا الموضوع، ولكن فقط بسبب الاهتمام في الأولويات، فهناك مستجدات تتطلب التحرك أسرع، ولم يقصر الاتحاد الرياضي مع أحد في أي حالة إنسانية سمعنا بها، سواء مع اللاعب المتوفي إبراهيم خاروف، أو بحالة اللاعب عماد حقي الذي تكفلنا بتكاليف العملية كاملة، وهناك حالات كثيرة ساعدناها وهذا واجبنا الإنساني، وهناك مبالغة في طرح بعض المواضيع أو غيره، لغاية الإثارة، والتقليل من الجهود التي نقوم بها.
كما تم طرح مثل هذا الموضوع في مجلس الشعب، وله بعض الأطر القانونية التي تحتاج لاستكمال، والاتحاد الرياضي جامع لكل الشرائح، وكل الوظائف موجودة لديه، والموضوع يحتاج لدراسة وافية بحيث لا تتعارض مع القوانين النافذة في هذا الخصوص.
  الإداري والرياضي طريف قوطرش قال: «دعني أقول لك، اليوم وفاة إبراهيم خاروف الذي أخلص للرياضة، هل أخلصت له الرياضة؟ هل قام الاتحاد الرياضي بواجبه تجاه هؤلاء اللاعبين النجوم؟
المسؤول عن هذه الحالات هو الاتحاد الرياضي العام، هل قام الاتحاد الرياضي بواجبه تجاه إبراهيم خاروف؟ وإن كان قام بواجبه «كثر خيره» فهذا واجبه وإن قصّر، عليه إشكال كبير.
أما بشأن وجود رابطة للرياضيين القدامى أو ماشابهها، فهذا يعيدنا للمطبخ الذي يجب أن يكون حول قيادة الرياضة، الذي من واجبه متابعة كل الرياضيين خارج دمشق وداخلها، وهناك حالات كثيرة، هل يملك الاتحاد الرياضي عنهم معلومات كافية؟ هل يتابعها؟ وهل يملك الاتحاد مجمع سكني للرياضيين؟ هل من المعقول أن يكون نجومنا دون تأمين صحي؟!
قمت بدراسة في نادي الوحدة لتأمين 250 لاعبا مقابل مبلغ مالي يتجاوز 4 ملايين في السنة، أين دور وزارات الدولة؟ يجب أن تكون الرياضة مهنة محترمة وتليق بالشخص الذي يمارسها، ونعمل احتراف يليق بنا وبرياضتنا».
لا يريدون رابطة
 صاحبة فكرة رابطة الرياضيين القدامى الرياضية هالة مغربي قالت: «كل القدامى منسيون، اسأل أنور عبد الحي من ساعده، وجمال كشك ومحمد الدهمان وطارق علوش وحبيب مشهدية؟
رابطة الرياضيين لو قدّر أن ترى النور لكان العمل الاجتماعي والإنساني من أهم أسباب إنشائها، هناك العديد من الحالات التي لم يقدّم الاتحاد الرياضي أية مساعدة لها، وإن قدم «من الجمل أذنه».
في العراق توجد رابطة الرياضيين الرواد، الذين رفعوا اسم وعلم الوطن حصرا، ويأخذون أهم الامتيازات ورواتب مدى الحياة، حتى لا يقول الاتحاد الرياضي «شو بدي أعطي لإعطي».
مع الأسف لا يريدون رابطة، ولا يريدون أن يتذكروا رواد ونجوم الرياضة السورية، لأن بعض القائمين على الرياضة، ليسوا رياضيين حقيقيين..  إذا أحدثت الرابطة، كيف يكون تمويلها وهل من واجب الاتحاد الرياضي أن يظل يرعى رياضيين، هم أصلا غير متفرغين للرياضة، أي موظفين لدى جهات ثانية؟
في البداية لا بد من مساعدة المنظمة، والتمويل يكون مثل رابطة المحاربين القدامى، والنظام الداخلي فيه اشتراكات وتبرعات، وكل شيء كان مدروسا، المقر المقترح بالفيحاء فيه بهو كبير، كان مقررا أن يصبح ندوة للأعضاء والعموم، ومن الممكن أن يتم استثمارها بعدة أشكال وهناك مساحة ممكن أن تكون مطعم.
صحيح أن بعض الرياضيين غير موظفين بالمنظمة، لكن المنظمة بلا أبطالها ورياضييها لا مبرر لوجودها أصلا، ومن المفروض وجود وزارة، لها مواردها وأن يكون لرواد وأبطال الرياضة راتب مدى الحياة مقابل سنوات بطولتهم ورفع علم الوطن.
المفروض أن تكون الامتيازات فقط لأصحاب الإنجاز الخارجي، وحسب الإنجاز وتكراره ومستواه طبعا، متأكدة ستتدخل الواسطة والمحسوبيات، وكل واحد يفصل التقييم بما يناسبه ليشمله التكريم، ولكن لابد من البدء بالخطوة الدقيقة، وموضوع التأمين الصحي للرياضيين تم طرحه كثيرا، ولكن دون جدوى، التأمين ليس للاعب المنتخب أثناء تواجده بالمنتخب، بل لمدى الحياة، وهو ضروري بعد الاعتزال حفظا لكرامة الرياضي.
دعم معنوي كبير
لاعب كرة السلة السابق أنور عبد الحي قال: المحور الأساسي لموضوع الاهتمام بالرياضيين المتقاعدين، هو الاعتراف بأننا نطبق الاحتراف أم لا، فالمعني الداخلي لكلمه احتراف هو أن تكون الرياضة هي المهنة الأساسية لأي لاعب أو شخص، ليؤمن فيها قوته الذي يكفيه ليعيش حياه كريمة دون الاحتياج لأحد، وهذا يتضمن الطعام والشراب والمصاريف اللازمة للزواج وإنجاب الأطفال، وما يلحقه من مصاريف، وهذا يقودنا لسؤال هام: ماذا بعد؟
كما نعلم أن عمر الرياضي لا يتجاوز في أغلب الأحيان ٣٥ عاما داخل الملاعب، وهذه الأعوام هي الأساس في تأمين المستقبل عند الشخص أو الموظف أو التاجر العادي، فهل من الممكن أن تلغي الدولة قانون التقاعد؟
من المؤكد الجواب سوف يكون بالنفي، ومن البديهي أن نطالب المسؤول عنا بضمان حياتنا ومعيشتنا ما بعد الاعتزال، وبرأيي يجب تشكيل لجنة من الرياضيين القدماء برئاسة رئيس المنظمة للبت بهذا الموضوع. وكمثال جاهز، هو لاعب منتخب إيطاليا الذي توفي في ليلة المباراة وأترك لك أن تذكر ما حصلت عليه عائلته.
 أما بالنسبة لحالتي الشخصية وأقولها بكل فخر، كان الدعم المعنوي عاليا، ولم أجد حولي خلال الفترة الصعبة سوى أصدقاء الرياضة، ومن كافه المحافظات والأندية والديانات، وهنا أعني من رأس الهرم الرياضي إلى إدارة نادينا ولجماهيره وكافة اللاعبين، فخلال الفترة الماضية كنت خارجا عن الوعي، وهنا لا أعني الجانب المادي، ولكن الاهتمام، وخاصة في الفترة التي لم أكن استطيع المشي فيها، استمر بدعمي ليومنا هذا، وهنا لا أستطيع المرور على هذا الموضوع دون أن أقدم الشكر لسورية ممثلة بالسيد الرئيس بشار الأسد، فهو لم يترك أي فرصه للاطمئنان على وضعي ومستلزماتي الصحية والحياتية، وهو بأصعب الظروف وأصعب حرب مرت على البشرية.
بسام جميدة-الأيام