شعراء سوريون.. من العصر الهيلينستي.. تغنوا بالحب والحياة

شعراء سوريون.. من العصر الهيلينستي.. تغنوا بالحب والحياة

شاعرات وشعراء

الخميس، ٢٦ مارس ٢٠١٥

(شعراء سورية في العصر الهيلينستي) عنوان كتاب صدر عن وزارة الثقافة - الهيئة العامة السورية للكتاب وترجمه وأعده الدكتور إحسان الهندي.
يقسم الكتاب إلى عشرة فصول وقد خصص المؤلف فصلاً واحداً لكل شاعر من الشعراء العشرة الذين اختارهم لتمثيل هذه العصر,‏‏
فذكر لمحة عن حياة الشاعر وعن الطابع العام لشعره (بطولي - رثائي - فلسفي - علمي..) ثم ذكر نصوصاً مختارة له مترجمة من الفرنسية أو الانجليزية إلى العربية, وقد حرص على ذكر عنوان كل قصيدة بالفرنسية إلى جانب العربية لتسهيل الاستدلال.‏‏
وربما تبرز مشكلة ذكرها المؤلف أن الشعر - أي شعر- يفقد نصف جماليته إذا ترجم من لغة إلى أخرى, أي في حالتنا هذه من اليونانية إلى الفرنسية أو الانجليزية فكيف الحال إذا تمت ترجمته مرة ثانية من إحدى هاتين اللغتين إلى العربية !..أضف إلى ذلك أن القصائد اليونانية تحتوي على أسماء آلهة وربات للشعر, وربات للجمال والبهاء, وأبطال قد يحتاج المرء غير المطلع للرجوع إلى معجم الميتولوجيا الإغريقية لكي يفهم مغازيها!‏‏
ونقتطف من الشعراء العشرة (ميلياغروس) وهو واحد من أهم الشعراء السوريين في العصر الهيلينستي بل إن بعض النقاد الأوروبيين الحديثين يُعرفونه بأنه (رائد المدرسة السورية في الشعر) خلال مرحلة ماقبل الميلاد.‏‏
ميلياغروس كتب على شاهدة قبره باللغة الآرامية وخاطب العابر قرب قبره بالسوري:‏‏
أيها العابر من هنا‏‏
لا تخف من مرورك بين أجداث الموتى المقدسين‏‏
فهنا يرقد عجوز مُسالم رقدته الأخيرة‏‏
إنه ميليا غروس, ابن أوقراطس‏‏
الذي تغنى بالحب‏‏
فإذا كنت سوريًا، أيها العابر‏‏
فقل عند قبري: سلام‏‏
وإن كنت فينيقيًا قل: أودوني‏‏
وإن كنت يونانيًا قل: خايريه‏‏
وتقبل مني التحية‏‏
التي يردّها طيفي إليك‏‏
وفي قصيدة باسم تيمو يقول ميليا غروس:‏‏
إني أقسم بخصلات شعر تيمو‏‏
ذي التجعيدات الساحرة‏‏
وبجسد تيمو المضمخ بالعطور‏‏
والذي يطرد النعاس عن الأجفان‏‏
وأقسم أيضاً بالعاب إيلياس المحببة‏‏
وبالمصباح الساهر‏‏
الذي كان في أغلب الأحوال‏‏
شاهداً وضامناً لملذاتي العربيدة‏‏
أما الشاعر (أنتيباتروس الصيداوي) فقد ولد في مدينة صيدا عام 150ق.م ومعنى هذا أنه أكبر من زميله ميلياغروس بعشر سنوات.‏‏
كان أنتيباتروس فيلسوفاً إلى جانب كونه شاعراً, ولم يكن من حيث نظريته في الحياة فيلسوفاً ابيقورياً وإنما كان فيلسوفاً مترفعاً إلى حد اللامبالاة حيث يقول ضمن نظريته اللامبالية تجاه الموت مثلاً:‏‏
يقول العالمون بالنجوم إنني قصير العمر‏‏
إنني كذلك ياسلوقوس‏‏
ولك ذلك لايهمني!‏‏
ليس هناك سوى طريق واحدة إلى العالم الأسفل‏‏
وهي التي الجميع‏‏
فإذا كانت طريقي أسرع‏‏
سأرى مانوس بسرعة‏‏
تأتي أهمية الكتاب أنه يلقي الضوء ولو جزئياً على فترة مظلومة من التاريخ الأدبي لسورية, الأمر الذي من المفترض أن يجعل الباحثين والنقاد لدراسة هذه النصوص وشرحها وإغنائها والبحث أكثر فأكثر في هذا التاريخ علنّا نصل إلى مانطمح إليه من معلومات غنية وهامة وموثقة.‏‏