إيبلا ..الشاعر توفيق أحمد

إيبلا ..الشاعر توفيق أحمد

شاعرات وشعراء

الجمعة، ١٣ مارس ٢٠١٥

  
ألقيت في مهرجان إيبلا الشعري الأول
في مدينة إدلب

ولأنها أحلى الزهور تزاحمتْ
من حولها الأيامُ أطياراً ونحلا

ومشتْ وفي يدها الغمامُ
تسيرُ عَجلى

نسج الزمانُ لها
سريراً من جمانٍ
كلما التاريخ شاخَ
على يديها الحلوتينِ
تصير أحلى

هي طفلةٌ.. وضفيرتاها
ترسمانِ معاجمَ الأيامِ
تلويناً وشكلا

هي أصلُ كلِّ بدايةٍ
لبس الترابُ جذورَ دهشتِها
ولولاها
لما عرف الزمانُ لأصلهِ الأزليِّ أصلا

هي نجمةٌ سكنتْ ضميرَ الشرقِ
واكتحلتْ بمرودِ رملهِ
أَكْرِمْ برمل البيد كُحلا
تحت التراب غفتْ
فهزّ سريرَها الآتي
وقال لها: انفضي عنك النعاسَ
توضّئي بالحاضرِ
اغتسلي بصفصافِ النهارْ
وقفتْ كرمح الشمس
ترفع نيزك الدنيا
على كتفين من حجرٍ
يكاد الصمتُ فيه يقول: أهلا
خلّوا الطريقَ لها
أتت إيبلا عروساً
في ثياب النور تُجلى
فتحتْ يديها للحوارِ
وسافرتْ بين القصيدةِ والغمامِ مدينةً
ملكوتُها فكرٌ.. وفي أسرارها
ما لم يَدُرْ في البالِ قبلا
هي في المعرَّة شيخُها الأعمى
وتُبصرُ باسمهِ الأشياءَ
من باب البسيطةِ لاحترابِ الطامعينَ
وتدفعُ الغرباءَ عن ينبوعِها الغالي
ليبقى في ضمير الأرض أغلى
هي كلُّ هذي الذكرياتِ
توحّدتْ فينا
وسماها جنونُ الشِّعرِ.. إيبلا

23/10/2003


نبع السنّ
   
ألقيت هذه القصيدة على ضفة نبع السن عام 2005 ضمن مهرجان شعري. وكان المرحوم كريم الشيباني قلقاً من عدم تلبية محافظي اللاذقية وطرطوس الدعوة، لأن كلاً منهما قال: إن نبع السنّ ليس تابعاً لإدارته، لأنه يقع على الحد الفاصل بين المحافظتين.

القربُ والبعدُ في ميعادكَ اسـتويا

أتحضنُ البحرَ أم تَسقي شموخَ ذرى

يراك وحـدكَ مزروعــاً بمقلتــهِ

من كان يُحسنُ في استكشافكَ النظرا

ومَنْ رأى جوهر الأشياء يرفض أَنْ

يرى الجميلَ من الأشياء منشطرا

اللاذقيّةُ فـي يـمـنــاكَ راقــدةٌ

فهل تخبّئ عن طرطوسك الخبرا

هما على ساعديْ نهر الحياة كما

أراهما يا صديقي الشمس والقمرا

البعد والقرب مرفوضٌ بمعجم منْ

يصوغ من كبرياء الفتنة الصورا


شتـّان بين يدٍ تبني بلا كللٍ

مجداً، وأخرى بحقد تقطع الشجرا

"يا سنُّ" مثلُكَ مثلي رُحتَ تكتُبُ في

صمتٍ وتعبرُ هذا العالَمَ الوعِرا

ومثلُ مائَك جرحي كم تدفق كي

يُبقي على كلّ دربٍ في الدنى أثرا

وأنتَ مثليَ تسقي غيرَ مكترثٍ

إنْ أحمقٌ ذات يومٍ زوّر الثمرا

"يا سنُّ" أطفئ لهيباً لستُ أعرف كم

من ألف عامٍ هنا في صدريَ استعرا

وحاورِ البحرَ لكن لا تُضِفْ زبداً

على الضفاف، ولا في لُجّةٍ جزرا

سافر معي بين أوراقي تجد ولداً

مازال يحمل في أضلاعه الصِّغرا

فتـّشْ ثيابي تجدْ عصفورةً شردتْ

وجانحاً من جنون العاصف انكسرا

"يا سنُّ" تكبر في أعماقنا غُصصٌ

فَقُصَّ لي بهدوءِ الحالم السِّيرا

"يا سنُّ" ماؤُكَ يَروي كُلَّ ذي ظمأٍ

لكنّه عاجزٌ أن يُوقظَ الحجرا


صلخد
     ألقيت في مدينة صلخد بالسويداء عام 2008
يصحو بعينيَّ الغمامُ ويرقدُ   
 ويــدٌ تطوقني وتُمسك بي يدُ
وتفرُ من بين التلال غزالةٌ
 لبريق عينيها الضحى يتشّهدُ
وتقول داليةٌ سكبتُ له المنى
 فدعوه يحلو البدر حين يُعربدُ
الله ما هذا الجمالُ يطير بي
 ويغصُّ بالألقِ النديِّ المشهدُ
الله ما هذي النساءُ كأنّها
 مليون أغنيةٍ بصدري تُولــدُ
الله ما هذا الترابُ كأنه
 مسكٌ به إرثُ الورى يتجدَّدُ

هذا كتاب المجد حين فتحتُهُ
 وصرختُ من : راح الصدى يترددُ
الفاتحون الثائرون المؤمنون
 المخلصون الأمــسُ فيهم والغـــدُ
تاريخُ هذا الشرق نورُ محمدٍ   
 وجميع ما للمجد ســنَّ محمــدُ
لكأنني والطور بين جوانحي   
 موسى إلى جبــل الألوهة يصعدُ
جبل السويداءُ الذي زيتونُهُ
 نورٌ ومنه ســنا الحــقيقةِ يوقــدُ
عربيةٌ هذي السنابلُ, قمحُها
 إلا بعــزم رجــالها لا يُحصــدُ
عربيةٌ هذي المواسمُ, غارُها
 إلا لـتيــه جبـــــاههم لا يُعـقــدُ

عربيةٌ هذي المنازلُ, أهلُهــا
 متصّــوفٌ ومقــاتلٌ وموحـــدٌ
هذي سويداءُ الوجودِ ولم يزل
 سلطانُهــا شرفَ الجلاءِ يُجددُ
فتحت ليَ الأبوابُ فيها صدرها
 ودخلتُها وكمــــا يشاءُ الموعدُ
حتّى إذا جدَّ الركابُ لصلخدٍ
 قلتُ الجنانُ وساكنوها صلخدُ