واقع الشعر وخبرة الصحفيين

واقع الشعر وخبرة الصحفيين

شاعرات وشعراء

الثلاثاء، ١٠ فبراير ٢٠١٥

محمد خالد الخضر
ليست وحدها المؤسسات الثقافية مسؤولة عن تدهور الشعر خلال أعوام قليلة مضت وكان نتيجتها فرز كثير من الشعر الذي يدعو إلى الاشمئزاز والانهزام من سماع الشعر أو قراءته بل يشارك في ذلك كثير ممن اشتغلوا في الإعلام وروجوا لتلك الترهات أساءت لحضارتنا الشعرية وتاريخنا العريق فكل واحد أعياه الشعر والكتابة الحقيقية يلجأ إلى التهوين ومحاولة التنويم والترميز والضبابية وهذا يسعفه صحفي يبحث عن ضالته سواء كانت شرعية أم غير شرعية فيطبل له ويزمر ولاسيما إذا دخل هذا النوع الأدبي في إطار العلاقة الجدلية بين الذكور والأنوثة أو دخول الإغراء المادي في دفع هذه العملية أو قد تكون ألغاز أخرى وراء الأكمة لا يعرفها رئيس المركز والذي لا يعرف ما يدور حوله ولاسيما أنّه كل عشر سنوات قد يقرأ كتاباً أو كذلك الإعلامي الذي سألته ذات يوم وهو يجلس على المنصة هل يحتاج فعل اكتب إلى همزة أم لا فارتبك الرجل وضاقت به الدنيا وهذا المحترم منذ سنوات كانت له أعمدة في عدد من المجلات والصحف وهو الآن انشق من رأسه إلى أخمص قدميه مروراً بأشيائه الأخرى وأصبح رئيساً لتحرير جريدة تدّعي أنّها معارضة وفي الواقع هي عميلة لجهات أجنبية غير شرعية خارج القطر.
وفي واقع الأمر تحتاج العملية الثقافية الآن بعد كل الخراب الذي لحق بها وفي بداية نهوضها الملحوظ إلى أكبر قدر ممكن من الانتقائية والحذر لأنّ الانتقائية الثقافية والانتقائية الإعلامية يؤديان إلى ألق ثقافي يعيد إلى حضارتنا رونقها وإنني لا يمكن أن أنسى الحالة الإيجابية التي صادفتني منذ شهر تقريباً وأنا في عملي حيث أرسل لي المدير العام ورقة كتب عليها إذا كان هذا الكتاب يستحق فلا بأس أن نقدم له عرضاً في مؤسستنا على أن يعود لي الكتاب بعد عرضه.. ولكن هذه الحالة قد لا تكون شاملة وجميل أن تتكرر إلى حد المنتصف على الأقل فتحمل الأمور بعضها حتى يتمكن الإعلامي من تقييم الثقافة شرط أن يمتلك الإعلامي خبرة تخوّله الدخول في هذا المجال وغير ذلك فالكارثة كبيرة وعلى ذكر الكوارث إليكم هذا النمط الشعري..
صحفية ما حفظها الله ورعاها ترسل من محافظة إلى مؤسستها لقاء تعنونه الشاعرة فلانة تجربة شعرية ثرية في الغزل والعشق وحب الوطن مدّعية أن تجربتها تمتد لسنوات طويلة كتبت فيها للطفولة والطبيعة والأمومة والتصوف والغزل والعشق والأرض والوطن وتستشهد بقولها..
يذوب قلبي صبا وفي دمشق يقتلني الغرام
للمحبة حرم يتعبد به والأموي بيت لنا حرام
يا أرض الرسالات وأرض المحشر رسالتك السلام
سورية يا حبيبتي يا مهجتي..
عيوننا لأجلك لا تنام
بهذا الكلام الهستريائي وغير المعقول وغير المنظم وغير المسؤول تتورط الصحفية وتستشهد على بطلانها دون أن تعود إلى الوراء وتعد سنوات خدمتها في العمل الصحفي وتحاسب نفسها فتخجل من الأدب وتقرأ كتاباً في الأدب أو في موسيقا الشعر أو الصورة الشعرية أو حتى في أدنى حدود التقرير الإعلامي الذي يحق له أن يتكلم عن الشعر ثم تعمد الصحفية وتتابع ما ذهبت إليه وتصمم على نشره فتورط معها من قرأه ومن تابعه وبهذا يكون وضع الشعر أصبح مزرياً حد البكاء حيث لا أحد يناقش أحد ولاسيما أنّ الأزمة التي عصفت بسورية الغالية أتاحت بمثل هذا النوع من الشعر أن يأخذ مجده فتابع معي مرة أخرى عزيزي المتلقي هذه القصيدة العظماء:
عذرا زهر النارنج ريحك يكويني
رطبي رمشي أيقظيني.. حبات المطر أحييني
ولا أخفي على القارئ أنني وأنا أتابع هذه الكلمات أن ألطم نفسي وتمنيت أن أقول لكل من يمر عليه هذا الشعر ويصمت دون أن يحافظ على ثقافتنا فليذهب إلى بيته وينام.. ومثل هذا الكلام تشهد المحافظات الأخرى ويتحفنا الصحفيون بمتابعاتهم العصماء في أغلب الوسائل الإعلامية وثمة أمر آخر لابد من ذكره أنّ هناك عدداً كبيراً من الصحفيين في المؤسسات التي تستخدم الورق أو التي تستخدم المواقع الالكترونية تمد يدها إلى وكالة الأنباء وتنسخ وتلصق دون أن تنوه إلى المصدر فهذا وشم آخر يعود على الكسل والانهزام.. الآن الآن فحسب وسورية تحتاج إلى كل مهاراتها وأخلاق أبنائها والروم قادمة من كل صوب.. قليل من الحياء وقليل من النخوة حتى لا تنعكس هذه الحالات فتسبب ضعفنا وانهزامنا.