قراءة نقدية في مجموعة نرجسة الحروف للشاعر إسماعيل ركاب

قراءة نقدية في مجموعة نرجسة الحروف للشاعر إسماعيل ركاب

شاعرات وشعراء

الأحد، ٢ نوفمبر ٢٠١٤

محمد خالد الخضر
في مجموعته الشعرية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب يعتمد الشاعر إسماعيل ركاب أسلوب الومضة الشعرية أو ما يسميه بعض الشعراء المنمنمات وذلك خلافاً لطبائعه الشعرية، وبذلك يكون قد أتى بمدخل جديد إلى عالمه الشعري الذي كان يعتمد سابقاً على مقومات الشعر التي اعتمدها معظم الشعراء الموهوبين.. ما يدلنا على أن رحلته الجديدة قد تصل إلى نجاحات من المفترض أن لا تكون قليلة باعتباره يمتلك ناصية الشعر في معظم ما جاء به سابقاً سواء كان فيما نشره من كتب أو فيما قدمه من قصائد على المنابر وإلى الصحف والدوريات.
يعتمد الشاعر حالة التكثيف البنيوي التي تعوض عن كثير من النظم الكلامي الذي يخرج أحياناً عن ملكوت الشعر حيث يختار ألفاظاً تتلاءم مع الكثافة المؤدية للغرض المنشود طالما الشاعر يمتلك زمام دفة النص ويصل إلى ما يريد عبر تلك الكلمات القليلة مثل نصه ترتيب الذي يقول فيه:
أرتب قلبي كما أشتهي
أو كما تشتهين
أفرش داري
سجاجيد شوق
وأزرع ترب الحديقة..
ورد حنين
وإن كانت السكون تأتي في معظم الأحيان ملزمة للشاعر بالذهاب إلى ما لا يشتهي إلا أنّ الشاعر تمكن تماماً من السيطرة على النغمة الموسيقية أيضاً عندما أداها بشكل تصاعدي مع حالة الموضوع المتوازن والمتصاعد بالحدث ليصل إلى ذروة العقدة المتوازنة فنياً وهذا أيضاً جاء في نص طوبى يقول:
طوبى لمن شال الوطن
بين الرموش
بمهجة الروح السخية
ثم راح مزمجراً يحمي الحمى
ويعانق الأمجاد..
وفي مجموعته الشعرية تبقى العاطفة ضمن هاجس النقاء الذي يسببه الوطن بشكل مباشر أو غير مباشر فجميع ما يأتي به الشاعر سواء كان عن جمال البلاد ومكوناتها أو عن الغربة وشواطئها فهي دلالات لا تخفى على أحد أنها توحي بالانتماء وشدة الحب والتعلق بالغربة والأهل والبلد.. وجميعها تأخذ بها العاطفة إلى القصيدة كما جاء في نص قارب:
وعلى شاطئ الغربة الآن..
في حرقة يشتكي ويقول:
صدئت أضلعي
آه.. كم أشتهي بوح قلبين.. يطلقني لحدود المدى،
والندى والذهول؟!
وتختلط أشياء الكون برغم الحجم التشكيلي الصغير لمفردات القصيدة مع هواجس الشاعر فيذهب ليصطاد ضالته الشعرية محلقاً خلف النجوم وطائراً بين طيور السماء إنها رحلة ارتقاء دائماً تغوي الشعراء وتروح بهم إلى أماكن سعادتهم.. هذا ما جاء في نص نجمة:
شعشعتني..
نجمة ذات انبجاس
وأضاءت في دمي زهر انطلاق..
وارتقاء
هكذا أتي إسماعيل ركاب بنصوصه إلا أنّ هذا النوع من الشعر لا يمكن أبداً أن يؤدي دور الشعر الآخر مهما كان له حضور لأنه ذات حالة قد تكون فكرية أكثر منها عاطفية ما يجعل المتلقي في نفور لأنّ الذائقة اعتادت أن تسترسل مع الموسيقا ومع الذائقة الشعرية الأخرى وهذا جاء في بعض قصائده إلا أنّه قليل لم يكن بكم الذي كان يعتمد عليه سابقاً ويمكن لنا أن نقارن بنصه نرجسة الحروف وبكل النصوص السابقة فنجد أنّ المتلقي أو القارئ قد يطالبه بالإبقاء على ذلك فهو يقول:
من أي زاهية زهت لغتي
 أو أي بارقة وملهمة
أسلاف نبض العشق صيرها
أسراب أنغام على شفتي
أحمامة ناحت على غصن
 قد هيجت أوتار حنجرتي