تداعيات الشعر العربي النسائي ..والشاعرة أشجان الشعراني نموذجاً

تداعيات الشعر العربي النسائي ..والشاعرة أشجان الشعراني نموذجاً

شاعرات وشعراء

الأربعاء، ٢٥ يونيو ٢٠١٤

محمد خالد الخضر
بعد أن تراجعت الثقافة وأصبحت كما هي عليه الآن على مستوى الوطن العربي بوضعها المتردي، ولاسيما أنها بدأت تعاني من انهيارِ واحدٍ من أهمِّ أركانها وهو الشعر الذي كان ديوان العرب ومفاخرهم ومآثرهم؛ لما عانته من وطأة الحداثة وتسلّط المنظومات الافتراضية التي مكّنت الآخرين الذين لا يمتلكون إلا أحلامهم من الدخول إلى الساحة واحتلال كثير من الأماكن بدلاّ من أصحابها.. وهذا ما يجعل الشعراء الحقيقيين يعانون أكثر من اللازم للحفاظ على كينونتهم وموهبتهم.. هذا بشكل عام، أما الخاص منه، فالمرأة الشاعرة أصبحت تعاني الويلات لأن المتشاعرين بدؤوا يفرزون كثيراً من حاملات لواء تخريب الشعر بحجة أو بأخرى وبسعي أو بآخر لما في تلك النفس الرذيلة من انحطاط.. فإذا طلعت من الشقاء شاعرة واحدة من مليون فهذا يعني أننا قد وصلنا إلى فتح ليس بقليل.
الشاعرة أشجان الشعراني تلك المرأة الشغوف بحب التراث وحب الأصالة والطالعة كشجرة نخيل من صحراء عربية برغم الاغتراب والغربة وما تكابده من أدوات تحاصر موهبتها الشعرية، وهي هناك عند الغربيين الذين لا يتمنون لامرأة أن تنطق بالعربية فكيف إذا رأوا امرأة شاعرة امتلكت الأدوات وتمكّنت من الموهبة وساهمت في محاولة إعادة المجد العربي إلى ديوانه الكريم.
وبعد ذلك ثمة سؤال: كيف تتمكن تلك المرأة وهي في ألمانيا أو حتى في سواها أن تبحث عن أمهات الكتب فتصل إلى أمهات المعاني وتغني موهبتها وتحفظ كيان حروفها التي جفّ مدادها وتاه رونقها منذ أن بدأت العربية تعاني نير الحداثة والغزو الثقافي وانتشار الثقافة المعلوماتية وضياع الكثير مما يجب أن تجده المرأة في تكوينها النفسي والاجتماعي بصفتها عربية الأصل والانتماء ويجب أن تحافظ على طموحاتها وماضيها ومستقبل أمتها.. ؟!
قصيدة واحدة تكفي لنقرأ تلك الشاعرة التي انتقت بكلماتها أعذب الموسيقا وأكثر الألفاظ ملاءمة لموضوع لا يمكن أن يكون خيالياً إلا بما سما فيه من إيحاءات ودلالات تمكنت الشعراني أن تصطادها عبر خيالها الشعري والميتافيزيقي الموهوب.. فقصيدة الصمت بأبياتها المكونة وفق موضوع متناسق يسير إلى بنية متكاملة تقول فيها:
أذابه العشق لكن صمته حرمه
وخاض أحلامه في وحشة العتمة
إذا تكلم لم يفصح كأن يدا
على مجازاتها قد علقت علمه
ولم يشيد له من عشقه حجرا
وقد بنى في زوايا حلمه هرمه
في وجهه موطن للشوق يحمله
إلى محاجرنا جهرا وقد كتمه

ويتوضح أن الشاعرة أشجان قادرة تماماً على انتقاء الحروف التي تكون الألفاظ وتنقيها من الشوائب والغرائب والمجازات حتى تتمكن من بناء حالتها الشعرية وعاطفتها المنسوبة إلى موهبة قادرة على الجمع بين الأصالة والمعاصرة بشكل شفاف يتمكن من تقوية روابط العلاقة بين النص والمتلقي مما يدفعه للسؤال عن ماهيّة الشاعرة وكيف استطاعت في زمن الانفلات البنيوي أن تكتب كل هذا النص وهي تعيش في بلد قد لا تجد فيه أداة حاسوب تمكنها من الكتابة بالعربية تقول أيضاً:
إن قلت مالك حاكاني تلعثمه
وإن سكت تحاكي مهجتي ألمه
من وجد ما خضب الأوراق من لغتي
أتت تقبل من أشجانها قلمه
درى بأن عروق الحسن ملك دمي
وإن مثلي محال أن ينال دمه
فآثر الخوض في بحري وآثرني
ريحاً تزلزل في دوامتي قدمه

وبذلك نستطيع القول إن الشاعرة تمكّنت من ناصية موهبتها، ولسنا بصدد تفسير المعاني التي ذهبت إليها لنكشف لواعج رجل غرق حباً وقد يكون قد اصطدم بالمهرة الحرون التي لا يلائمها أي فارس، وهذا ما جاء في تفعيلات البحر البسيط ورويّه وقافيته.