الشاعر توفيق أحمد: أنا منحاز للغة العربية وهذا أمر أعتز به

الشاعر توفيق أحمد: أنا منحاز للغة العربية وهذا أمر أعتز به

شاعرات وشعراء

الاثنين، ١ يوليو ٢٠١٣

لقد كتبت الشعر من أجل البحث عن الجمال ومكنونات الأشياء التي يرغب أن يجدها الإنسان ويحتفي بها ومن أجل أن أحلق بعيداً عن الواقع لأصل إلى مرتبة الشعر.
بهذه الرؤية لخص الشاعر توفيق أحمد علاقته مع القصيدة مضيفا إنه بعد ذلك وخلال أعوام مرت ليست بالقليلة أدرك سبباً آخر لكتابة الشعر هو أنه يمتلك الموهبة والأدوات الفنية والإيمان برسالته التي تمكنه من الوصول إلى ذهنية الناس والتعامل مع عواطفهم.
يكتب أحمد الشعر بنوعيه الموزون والنثر بأسلوب يرقى إلى خصوصية الشاعر الموهوب فتميزت قصائده بالصورة المبتكرة وبأصالة العاطفة وقوة اللفظة خلال مواضيعه التي تبدو قادرة على عبور الأزمنة نظرا لملامستها قضايا الإنسان وهمومه.
و قال أحمد أنا كتبت الشعر بكل أنواعه سواء كان نثرا أم تفعيلة أم شعر الشطرين وذلك بسبب ميولي لكتابة الشعر وهذا ما وجدته في نفسي إضافة إلى صنوف المجتمعات والبيئات والأشكال الجمالية التي تعاملت مع خيالي وسكنت فيه فباتت جزءاً من كينونة القصيدة وبعضاً من تعابيرها.
وأوضح أن هناك تشابها في الكتابة وفي طبيعة التعامل معها من حيث إنتاج نوع النص الشعري لأن الكتابة بشكل عام تشبه الريح وهي تأخذ كاتبها إلى جهة من جهات القصيدة دون علم مسبق بذلك إلا إذا كانت القصيدة نثرية فقد يتعمد الكاتب بناء بعض الأفكار المقصودة وصولاً إلى هدف فكري معين عبر التجربة الشعرية وهذا ما حصل معي في مدينة ميونخ بألمانيا عام 2005 عندما وجدت نفسي أمام جمهور ألماني وجمهور عربي نشأ وترعرع هناك فكان لا بد لي من محاولة الوصول إلى غاية إنسانية تؤكد مدى اهتمامنا في سورية بالحضارة ومدى مقدرتنا الراقية على التعامل مع كل البشر.
وقال صاحب جبال الريح إن الشعر النثري لا يحتاج إلى ذات العاطفة التي يتحلى بها الشعر الموزون لأن هذا النوع يحتمل ذلك بل تعتبر العاطفة أساسا بارزا يميز هذا النوع من الشعر ويعمل على تقريبه أكثر من المتلقي الذي يبحث دائماً عن ذاته في نتاجات المبدعين.
وتابع أحمد عندما استخدم الإسقاط في تعاملي الشعري اعتبره استثماراً لغوياً ثقافياً ينزل من ذروة الوعي إلى بياض القصيدة مشكلاً حالة كتابية إبداعية تشير إلى مصادر ثقافة الكاتب وإلى قدرته على استخدامها ليحدث صدمة ما في الوعي العام تؤدي إلى رسائل إيجابية تشكل هذه الرسائل إضافة جديدة على الحالة الكتابية.
وتابع إن حالة الإسقاط حالة هامة ولكن يجب أن يأتي بعدها دعم لفكرتها أو لحالتها التعبيرية وبذلك من المفترض أن يتجاوز الشاعر الحالة التي أسقطها في قصيدته على روءاه حتى لا يكون ضعيفاً أمام من سبقوه وبذلك يكون قد أبدع وتجاوز وطور على موروث الماضي.
وقال صاحب جبال الريح إن عمليات الإسقاط التي تظهر في قصائدي إضافة الى العاطفة والألفاظ الجذلة والأدوات التي أعمد على تكوينها في نصوصي هي دلالة قطعية على عشقي للغة وإشارة إلى أنني مشبع بالتراث ومنحاز للغة العربية وهذا أمر أعتز به ولا يمكن أن أحيد عنه.
أما عن تأثره بمن سبقه أو عاصره من شعراء قال أحمد لقد قرأت بدوي الجبل بشكل تفصيلي كما قرأت عمر أبو ريشة وأحمد شوقي ونزار قباني والأخطل الصغير وسعيد عقل وغيرهم ولكن هذا كان إغناء لمفرداتي وإشباعاً لذائقتي التي أرادت أن تلتقي بهذا الكم الهائل من الثقافات والرؤى الشعرية المختلفة دون أن يظهر أثر لأحد على تعابير قصيدتي.
وأعرب أحمد عن مدى حرصه على عدم التأثر بأي شاعر نثري سواء كان عربيا أو غير عربي لأنه يعتبر قصيدته النثرية هي امتداد لموهبته التي كتب خلالها قصيدة الشطرين والتفعيلة وإن كانت قصيدة النثر تختلف في بعض معاييرها فهو يعتبرها شيئا يشبهه ويشبه كتاباته الأخرى ولا يظهر عليها أي طابع أو أثر لمدرسة أو لشاعر سبقه.
وختم.. كتاباتي هي على مسافات متساوية مني فأنا أجد نفسي في كل الأشياء الكتابية التي أمارسها لأنها تعبر عن رسائل مختلفة إلا أنها تتلاقى في الهدف وإن اختلفت الأساليب فليس غريباً أن استقر في يوم على كتابة النثر فهو محبب إلي كما هو محبب شعر الشطرين والتفعيلة وإن الشعر بأنواعه هو رسالة المستقبل الحضارية وكما وصلت إلينا رسائل القدماء فلا بد لنا من أن ندرك دورنا التاريخي المشابه في إعداد هذه الرسالة بشكل يتلاءم مع حركة الزمن وتطورات العصر دون أن نمس بقدسية المستوى الفني للشعر.
يذكر أن الشاعر توفيق أحمد وجه إعلامي وثقافي تقلد خلال عمله الإذاعي عددا من المناصب في الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون وشارك في العديد من المهرجانات الأدبية على مستوى القطر والوطن العربي والعالم ونشر قصائده في مختلف الدوريات وهو عضو اتحاد الكتاب العرب له مجموعة من الدواوين الشعرية صدرت مؤخرا ضمن مجلد بعنوان الأعمال الكاملة عن دار بعل في دمشق.