في غياب المتابعة في المدارس طالبات يتسابقن في ميادين الموضة والجمال.. والإدارات تغض النظر!

في غياب المتابعة في المدارس طالبات يتسابقن في ميادين الموضة والجمال.. والإدارات تغض النظر!

شعوب وعادات

الجمعة، ١٤ سبتمبر ٢٠١٨

لم يمض شهر على بدء العام الدراسي لتطالعنا به طالبات مدارسنا الخاصة والحكومية بأبهى وأحدث أنواع التسريحات، يرافقها لباس مدرسي حديث لا يطابق اللباس الذي ألزمت به وزارة التربية الطلاب سوى باللون، لنجد الشقوق والتشطيبات التي حفرت مسارها في البنطال المدرسي، والقمصان التي ضاهت أحدث صيحات الموضى، ترافقها لمسة من المكياج الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وعن الحديث عن الألوان العصرية، والماركات الأجنبية خلال الحصص المدرسية وخارجها، لتفقد طالباتنا براءة وعفوية المرحلة الدراسية على مرأى ورضى المدرسة والأهل!.
تعويض نفسي
على الرغم من أن وزارة التربية ألزمت جميع الطلبة هذا العام بالالتزام باللباس المدرسي، إلا أن الطلبة ضربوا بهذا القرار عرض الحائط، وبقيت مساحيق التجميل تدخل إلى حقائب الطالبات قبل الكتب المدرسية، وبقيت أنواع التسريحات الجديدة تسبق كتابتهم لواجباتهم المدرسية، ومع ذلك لا يمكن إلقاء اللوم على الطالبات فقط، فقد أثبتت دراسة أن استخدام طالبات المدرسة للمكياج، وصب تفكيرهن بآخر صيحات الموضة، يهدفان إلى لفت الانتباه، فالطالبات يشعرن بأنهن في مكان يعج بالفتيات، فيبذلن ما بوسعهن ليبرزن جمالهن، كذلك تلعب الفضائيات والأنترنت دوراً كبيراً في انتشار هذه الظاهرة، حيث إن الطالبة تنجذب لكل ما يسهم في إظهار أنوثتها وجاذبيتها، فتطبق كل ما تشاهده في القنوات التلفزيونية، وتأتي لتطبق الشيء ذاته في المدرسة لتحصل على أكبر قدر من التعليقات حول طريقة مكياجها، ونوعية “الكريم” الذي تضعه، وغيرها من الأشياء، وعندما تشعر بأنها فعلاً تغيرت للأفضل تتشجع لوضعها في كل وقت وفي كل مكان دون تفكير، كما بيّنت الدراسة أن هذه الطريقة ما هي إلا تنفيس عن التوتر النفسي الدفين لدى هؤلاء الفتيات، وقد يكون كتعويض عن الإحساس بالكآبة والضيق، أو الظهور بمظهر جمالي، تبحث الشخصية من خلاله عن فرص للتحايل بمظاهر مقنّعة، أو لإخفاء حالة نفسية معينة، أو للتأثر بالآخرين، والظهور بمظهر آخر يخفي الواقع، وهذه الشخصية غالباً ما تكون شخصية ناقصة تبحث عن طرق لجذب الانتباه إليها، والاعتماد على الآخرين في استعادة ثقتها بنفسها، لأن وضع المكياج في سن صغيرة هو في الحقيقة نوع من أنواع التعويض النفسي!.
ضرورة التوعية
تعارض الكثير من الأمهات دخول فتياتهن صالونات التجميل، ووضع مساحيق الزينة على الوجه، لأنها تسلب الفتاة براءتها التي يجب أن تكون بعيدة عما يشوهها، كذلك رأت الكثيرات أن وضع الفتيات للمكياج في سن مبكرة هو جريمة في حق الطفولة، وهذا يتوقف على دور الأم المسؤولة عن المظهر الخارجي لابنتها، إذ إن هناك دوراً سلبياً للأمهات الواقعات تحت تأثير الضغط اليومي لبرامج التلفزيون، وصرعات الموضة لساعات طويلة، وهو دور يكشف عن الفراغ الذي تعيشه هذه الأمهات، والجهل بطريقة تلبية رغبات البنات فيما يفيدهن من هوايات تتناسب مع طفولتهن، فإحدى مسؤوليات الأم تتعلق بجانب مهم في توعية الفتاة بمخاطر ارتياد صالونات الكوافيرات مع الصديقات، فمثل تلك الأمور لم نتعوّدها في تربيتنا ولا في مجتمعنا، وألقت الكثيرات اللوم على المدارس، وقيامها بتوفير بيئة مشجعة لتأخذ الفتيات فيها حريتهن في اللباس والمكياج، فمادة التربية العسكرية، والأساتذة المشرفون على تطبيق هذه المادة سابقاً شكّلوا لفترة طويلة رادعاً قوياً يخشى منه الطلاب من ذكور وإناث، فلم تكن الفتاة تجرؤ على ترك شعرها منسدلاً على كتفيها في السابق نتيجة وجود أساتذة يقومون بضبط المخالفات الطلابية، ولكن اليوم ومع إلغاء دور هؤلاء الأساتذة نجد الطلاب والطالبات بأحدث الموديلات والتسريحات والمكياج الكامل، لذا لابد من قيام المدرسة بالسعي إلى إلزام الطالبات للتقيد بالأنظمة، وغرس السلوك المدرسي الإيجابي الذي يسهم في تحقيق أهداف التعليم.
تعزيز الثقة
محاكاة الموضة، والانفتاح على المجتمعات الغربية، ومحاولة تقليدها في جميع المظاهر، بدءاً من المأكولات، وانتهاء باللباس، هو ما جعل الفتيات والشبان ينساقون لتقليد هذه المجتمعات حتى في المدارس دون أدنى شعور بالمسؤولية لأهمية هذه المرحلة، وضرورة التقيد باللباس والنظام المدرسي، برأي سمر سعد الدين، “موجهة تربوية”، لذا يقع العاتق الأكبر اليوم على الأهل والمدرسة بمراقبة الطلاب منذ الأيام الأولى للمدرسة، وفرض عقوبات جدية على الطلاب الذين يخالفون النظام المدرسي، وهنا يلعب التعاون بين الأهل والمدرسة دوراً هاماً في مراقبة الأبناء، والحفاظ على سلوكهم الصحيح خلال هذه المرحلة، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على المراحل اللاحقة، وأضافت سعد الدين: لابد أن تقوم الأم بغرس القيم الأخلاقية والجمالية في نفوس الفتيات، وتعزيز ثقة الفتاة بنفسها، وحثها على الاهتمام بجمال عقلها، وتحصيلها العلمي لا بمظهرها الخارجي، ولابد من أن تمارس المدرسة دورها في التربية مع التعليم، لا الاكتفاء بالتحصيل العلمي فقط، لأن التربية جزء أساسي من التعليم، فوضـع المكياج، وتقليد الفنانات، واتباع صيحات الموضة يضع الفتاة في قالب اجتماعي غير مرغوب، لذا يجب توعية الأمهات أولاً، والتذكير بأن زرع القيم الاجتماعية مهمة الأم تجاه ابنتها.
ميس بركات