الكاميرا الخفية .. تقليد للبرامج الغربية واستخفاف يسيء للضيوف أم برامج ترفيهية..

الكاميرا الخفية .. تقليد للبرامج الغربية واستخفاف يسيء للضيوف أم برامج ترفيهية..

شعوب وعادات

الجمعة، ١ يوليو ٢٠١٦

يبدو أن البرامج الترفيهية، ومنها الكاميرا الخفية، تحولت عن هدفها الأساسي في رسم الابتسامة والفرح على وجوه ضيوفها ومتابعيها من المشاهدين، وتحوّلت بشكل جذريّ إلى حلقات يتفنن بها مقدموها لترهيب وتخويف ضيوفهم، وتصويرهم في مشاهد تفقدهم السيطرة على انفعالاتهم، نتيجة حوادث طارئة مختلقة، قد يكون أقلها الشتائم والضرب والبكاء “كبرنامج هاني في الأدغال” لينتهي المقلب بخروج مقدم البرنامج السمج باعتذار “لطيف جداً” من ضيفه النجم وكأن شيئاً لم يكن، فهل فقدت هذه البرامج بوصلتها وتاهت إلى مجالات ابتداع مواقف مؤذية للضيوف والمشاهدين معاً، أم هو إفلاس العقول المعنية في القنوات العربية، أدى بنا إلى استنساخ برامج غربيّة وإنتاجها بشكل يسيء إلى ذوق المشاهد العربي ويستخف بعقله؟؟

آثار اجتماعية
أحد آثار هذه البرامج تعدى الأثر المطلوب في إبهاج المشاهدين، وتحول إلى كارثة بتقليد بعض الأطفال في شارع الكامل بمنطقة الظاهرية بالاسكندرية، لألعاب برنامج “رامز يلعب بالنار”، الذي يذاع في رمضان الحالي، حيث قاموا بإشعال النار في أصحابهم بغرض بث الرعب في نفوسهم عن طريق اللعب بالنار، وأضاف مصدر الخبر المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي أن أعمار هؤلاء الأطفال لم تتجاوز الـ 16 عاماً، فقاموا بعد الإفطار بتجميع أصحابهم في أحد المنازل وإشعال النار فيه حتى شبت الحريق في كامل المنزل، ولم يستطيعوا السيطرة على الموقف، ما أدى إلى إصابتهم بالحروق وتم نقلهم إلى المستشفى ..

صدى سلبي
وفي استطلاع لرأي الجمهور المتابع لهذه البرامج، أشاد أحد الشباب أمام كلية الآداب، أن النسخ الأجنبية لهذه البرامج هي الأفضل والأجمل، بامتلاكها براعة حقيقية في رسم الابتسامة بطريقة لطيفة وعفوية، وتراعي ذوق المشاهد، وتحترم عقله ووعيه، يتضح ذلك في نوعية اختيار المقلب ككل، أما ما تفعله البرامج ذات النسخة العربية فهو إساءة فعلية لذوق المشاهد العربي، ولم يوفّقوا في لمساتهم الفنية سواء التعليق على الحدث أو على ردات فعل الضيوف، فتتلون لهجة المذيع ما بين السخرية والاستهزاء على الضيف، ومجموعة أخرى استنكروا استمرار إنتاج وتقديم مثل هذه البرامج في كل سنة، بالرغم من تقدم مجموعة من الفنانين بشكاوى على منتجيها ومقدميها، ورفع دعاوى قضائية عليهم، فالشاب باهر الحلبي قال ساخراً  “بشرفي ضغطي بيرتفع من الصريخ والعياط وكيف بيتمسخروا بسذاجة وغلاظه على الضيوف”، وزميله مهند أضاف  “والله لو مابيعرفوا بالمقلب من قبل كانوا ماتوا من الرعب”.
الضحك على اللحى
لا تخلو بعض الحلقات من مشاهد لطيفة وردات فعل مضحكة، إلا أن القسم الأكبر من الحلقات هي إغاظة المشاهد ومحاولات الاستخفاف بوعيه، بعد اعتراف العديد من النجوم بالتنسيق مع المنتج والمقدم لإعداد الحلقة، ما أفقدها روح المتعة والدهشة، ويظهر جلياً للمشاهدين  في بعض تلك البرامج هدوء الضيف وتمثيله ردات فعل مصطنعة  في حلقات البرنامج، ليكون الضحية هو المشاهد وليس الضيف، وحسب ما أكده الباحث الاجتماعي حسين العلي، إن القيمة الفنية في هذه البرامج تدنت إلى أدنى مستوياتها بانتشار نسخ مشوهة، اعتمدت على أفكار رديئة من ضمنها ترويع الشخص أو استفزازه أو إهانته وإيذاء المشاعر، بالإضافة إلى وجود اتفاق مسبق مع النجوم أو الضيوف، ما يفقدها إحدى أهم خصائصها، وتصبح ردود أفعالهم غير مقنعة وغير حقيقية.

وأخيراً
نرى أن السعي وراء الربح السريع هو الهدف بإعادة إنتاج البرامج الغربية الفكاهية منه أو الترفيهية، بطريقة رديئة أثرت على المشاهد العربي وأساءت إلى ذوقه الفني والاجتماعي، وانحدرت إلى مستوى التهريج وإضاعة الوقت والأموال عليها، سيما وأن مبالغ خيالية تصرف على هذه البرامج، الأجدى هو إتقان إنتاج برامج تلامس المشاهد وتحترم ذوقه وإدراكه، وتضيف إلى حياته القيم المجتمعية الأصيلة، أو الترفيهية التي تخفف عنه ضغوط الحياة، وتضيف إلى يومه ساعة ضحك قلما يجدها في مسيرة يومه المتعب.
فاتن شنان