«واقعة» القلمون ومفاوضات اللحظة الأخيرة 4 معسكرات لـ«النصرة» في الجرود وكل معسكر يستوعب 200 متدرباً

«واقعة» القلمون ومفاوضات اللحظة الأخيرة 4 معسكرات لـ«النصرة» في الجرود وكل معسكر يستوعب 200 متدرباً

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٥ مايو ٢٠١٥

منال الربيعي

قد يكون الحديث عن واقعة» القلمون» أو ما يسمى» بمعركة الربيع» الأكثر ترقّبا من بين المعارك التي جرت في سوريا أو على الأقل على الحدود السورية اللبنانية بين مسلحي «جبهة النصرة» و«داعش» من جهة وبين حزب الله والجيش السوري من جهة أخرى وذلك نظرا للأهمية الإستراتيجية والعسكرية التي توليها هذه القوى لنتائج المعركة على المستوى السياسي والعسكري وبتحديد مسار الأزمة السورية في المدى القريب.
لم تكن الأخبار الواردة من الجبهة تقتصر على التحركات العسكرية لكل الأطراف بل تعدتها إلى حرب نفسية يحاول كل طرف شنّها ليقلل من معنويات الخصم ومنها ما تردد عن إنسحابات قام بها المسلحون من بعض المواقع الأمامية وتركهم بعض المعدات والأسلحة الثقيلة وراءهم، في محاولة لتضليل عناصر المقاومة وإيقاعهم في» أفخاخ» جرى تلغيمها منذ فترات طويلة تحسّبا لهذه المعركة.
مصادر قريبة من المقاومة ومن الجبهة رأت أن التراجع المشار إليه يُعتبر في الميدان العسكري «تكتيكياً»، فـ «النصرة» تسعى لتحصين المواقع وسدّ نقاط الضعف وحشد القوة وعدم تشظيها في كيلومترات واسعة تقلل من مستوى القوة تلك نظراً لما تتمتع به المقاومة من قوة، خاصة انها تحشد للعملية من ايـام طويلة وبحسب المصادر نفسها، فإن الترويج لمزاعم لها علاقة بانسحاب «النصرة» من القلمون تعتبر «افخاخاً» للمقاومة وعملية خداع إعلامية وحرب نفسية سعياً لعدم ترك المقاومة تحشد لتبدأ في المعركة، إلا إن هذا التدبير لا يعني المقاومة او الجيش السوري بشيء لأنه غير ملموس في الواقع الميداني، بل إن «جبهة النصرة» نفّذت قبل ايام «إعادة إنتشار» في المنطقة الجردية الفاصلة بين جرود عرسال وجرود فليطة خاصة في خاصرة تلّ موسى وتلال الحريق والبستان الملاصقة، وهي تراجعت عن بعض المواقع المتقدمة من جهة عرسال التي تعتبر تحت إستهداف ناري مباشر للمقاومة، إلى مواقع أخرى خلفية تعتبر أقلّ إستهدافاً، لكنها حافظت على المواقع التي تراجعت عنها عبر السيطرة النارية وهو تكتيك عسكري تعتمده الجهات المسلحة لتقلل من تكبدها لخسائر جسيمة متوقعة.
تضيف المصادر ردّا على الكلام عن إنسحاب مقاتلي «جبهة النصرة» من القلمون الشرقي إلى القلمون الغربي، إن هذا الكلام يبدو غير منطقي نظرا الى عدد المسلحين الذي يبلغ حوالى 5000 مسلح والذي لا يمكن أن ينسحب بين ليلة وضحاها وفي مناطق تكون تحت مرمى نيران حزب الله وغارات الجيش السوري, ناهيك أيضا عن بالخلافات الحاصلة بين أجنحة داخل تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة «والتي وصلت الى حدّ التقاتل بينهما على غرار ما حصل بين «جبهة النصرة» القطاع الفوقاني التي كان يقودها «أبو عامر» والذي قتل قبل اسابيع على يد «داعش»، هو أمر يمكن إستغلاله لمصلحة المقاومة في المعركة المقبلة.
كما أن الإستعراضات الكبيرة التي نفّذتها هذه القوى عبر مواقع التواصل الإجتماعي تضيف المصادر، عبر نشر صور لتدريب «رماة الصواريخ» تدحض نظرية الهروب من المعركة التي تخوضها بشعارات تتعلق بوجود و«كرامة» و«نصرة» النازحين السوريين، وهو أمر تمت معالجته في الآونة الأخيرة من قبل الجيش والقوى الأمنية اللبنانية عندما حاولت سدّ «الخاصرة الرخوة» الموجودة في مخيمات النازحين والتي كان المسلحون يسرحون ويمرحون فيها بحجة زيارة أقارب لهم، حيث تمّ تطويق هذه المخيمات وهو ما ساعد القوى الأمنية في ضبط حركة المسلحين، وبالتالي الإستفادة من «التململ» الحاصل بين أبناء القرى والمسلحين الذين بسببهم يُنفذ نوع من تضييق الخناق أو ضبط الحركة في هذه المخيمات لمنع عملية التسلل.
إذا معركة القلمون أصبحت «قريبة جداً» تؤكد المصادر، وهي المعركة التي يشنها حزب الله تحت شعار تثبيت وتحصين المواقع في وجه الارهابيين التكفيريين لمنعهم من تشكيل خطر على القرى اللبنانية في السلسلة الشرقية وعلى قرى المقلب السوري من جبال القلمون وهنا تكمن أهميتها وليس الهدف منها إنهاء وجود المسلحين، وهو ما يدركه الحزب جيدا، لأن المساحة الجغرافية التي ينتشر عليها هؤلاء كبيرة جداً، وبالتالي فإن التثبيت العسكري في هذه المنطقة يتطلّب إمكانات ضخمة وخططاً لوجستية معقّدة وهو ما تحاول جبهة النصرة ترسيخه بعد التقدم الذي حققته مؤخرا في الميدان وتحديدا في بصرى الشام وإدلب وجسر الشغور، الذي ولو بدا وكأنه يأتي في سياق استراتيجية جديدة للمسلحين ومن يدعمهم في الخارج، فإنه لا يشكّل تعديلاً في موازين القوى الأساسي ولا يعدو كونه تحسيناً للمواقع، تماماً كما كان تقدم الجيش السوري وحلفائه في جنوب سوريا، لذلك الكل يراهن على المعركة المنتظرة في القلمون التي يتوقع أن تعدّل في موازين القوى في الميدان وتحسّن شروط التفاوض.
وتشير مصادر عسكرية متابعة لتحضيرات المسلحين لهذه المعركة، الى أن «جبهة النصرة» أنشات 4 معسكرات في الجرود وكل معسكر يستوعب 200 متدرب ويخرّج دورة عسكرية كل شهر، وبهذا يكون عديد «النصرة» قد وصل إلى 6000 مقاتل تقريبا وهم يتنقلون من وادي بردى لحدود جرود الهرمل ويحشدون قواتهم لهذه «الواقعة « الكبرى التي ستُشن من 4 جبهات، و«يستهزئون» بالحديث عن الإنسحاب من المعركة لأنهم يختلفون عن «الجيش السوري الحر» الذي يفرّ من المواجهة، حيث أطلقوا على أنفسهم إسم جيش»الفتح» في معركة «تحرير» القرى السورية من حزب الله حسب زعمهم!
وبالرغم من كل الإستعدادات اللوجيستسة والعسكرية والنفسية لهذه المعركة يبدو أن إعلان ساعة الصفر والبدء بالهجوم لم يفصح عنه أي من الفريقين بعد , وإن كانت المعلومات تشير إلى انه قد يكون منتصف هذا الأسبوع من جهة حزب الله فإن أسبابا تتعلق بملف المخطوفين العسكريين لدى جبهة «النصرة «تُؤخذ بالإعتبار كيلا يُقال إنّ هذه المعركة قد عرقلت ملف التفاوض بشأنهم، إضافة إلى الثغر الامنية داخل الاراضي اللبنانية، والتخوف من تحرك خلايا إرهابية نائمة قد تلجأ إلى عمل إرهابي في الداخل، والإستعدادات شملت الجيش اللبناني الذي إستدعى تعزيزات مواقعه المنتشرة على أطراف القرى، ورفع جهوزيته وطلب وحدات خاصة ونشرها على الحدود المتاخمة لتواجد المسلحين ليشكل سندا خلفيا لعناصر المقاومة.
إذا أُتمت الإستعدادات لمعركة» الربيع»، وتأهّب الجانبان بكل أنواع الأسلحة وبدأت الحرب «الإفتراضية» والحرب «النفسية» قبل المعركة العسكرية، وسط كل هذه الظروف يبقى لإتصالات اللحظة الأخيرة والمفاوضات حول إنسحاب بعض المسلحين وتأمين ممرات آمنة إلى الداخل السوري، مع تحييد ملف المخطوفين العسكريين لدى النصرة، هامشاً وأملاً ضعيفاً يمكن أن يجنّب كل الأطراف معركة كبيرة مكلفة يجري التحضير لها على مدى شهور طويلة!!