مشروع تقسيم العراق.. هل بات قيد التنفيذ؟

مشروع تقسيم العراق.. هل بات قيد التنفيذ؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٣ مايو ٢٠١٥

 عباس الزين
يبدو أنّ المشروع الأميركي الهادف الى تقسيم العراق الى ثلاثة كيانات "سنية، كردية، وشيعية" قد دخل حيّز التنفيذ من الجانب الأميركي، خاصةً بعد الإنتصارات التي حققها الجيش العراقي و"الحشد الشعبي" ضد تنظيم داعش وتحريرهم لمناطق واسعة كانت "داعش" قد سيطرت عليها سابقًا.

أثار هذا المشروع الذي يتعامل مع "الأكراد" و"السنّة" في العراق كـ"بلدين مستقلّين" حفيظة القيادات في العراق، حيث أجمعت معظم المواقف العراقية على رفض هذا المشروع معتبرةً أنه يستهدف وحدة الشعب العراقي.

ويتضمن المشروع الذي قدمته لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأمريكي وطرحه أعضاء الكونجرس من الحزب الجمهوري السبت الماضي على تصويت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، على الاعتراف بالمكون الكردي والعشائر السُنية كدولتين مستقلتين بهدف تقديم مساعدات أمريكية مباشرة لهما بعيدًا عن حكومة العراق المركزية. إضافةً الى منح المقاتلين العراقيين الذين يحاربون تنظيم "داعش" في العراق 715 مليون دولار مساعدات عسكرية، كما يغطي هذا المشروع 25% من المساعدات الأمريكية التي قد تمنح إلى قوات البيشمركة، وفي حال مرت 3 شهور بعد تمرير المشروع ولم تتمكن بغداد من موافاة بعض الشروط فسيتم تجميد 75% من المساعدات لبغداد، وإرسال أكثر من 60% منها مباشرةً للأكراد والسُنة، ووفقًا لنص المشروع، سيسمح هذا القرار للقوات التي تحارب "داعش" بتلقي الدعم من الولايات المتحدة مباشرةً من دون تدخل الحكومة العراقية.

وكردٍّ أوّلي على المشروع الأميركي، أعلنت وزارة الخارجية العراقية عن رفضها الشديد للمشروع، وجاء في بيانها إنّ "أية مساعدة تقدم للعراق في حربه ضد الإرهاب لا بدّ أن تراعي ثوابت العلاقات الدولية المبنية على الاحترام المتبادل لسيادة الدول وضرورة التعامل مع الحكومة المركزية حصرًا في هذا السياق"، معتبرةً أنّ أي تعامل أميركي خارج الشرعية العراقية سيؤدي الى مزيدٍ من الانقسامات وله تبعات سلبية على سير المعارك في الداخل العراقي. من جانبه، وصف رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي "عمار الحكيم" مسودة القرار بـ"الأمر الخطير"، محذرًا من أنّ القرار من شأنه تعميق الانقسام في المجتمع العراقي ودفعه باتجاه التشظي والتقسيم، داعيًا الشعب العراقي إلى "اليقظة والحذر وتوحيد الصفوف والدفاع عن العراق الموحد المنسجم الذي يضمن للعراقيين عزتهم وكرامتهم".

لم يكتفِ زعيم التيار الصدري السيد "مقتدى الصدر" بالتعبير عن رفض المشروع، بل جاء مصحوبًا بتهديدات تستهدف المصالح الأمريكية في العراق حال إقرار المشروع، حيث قال "في حال استصدار قرار من مجلس النواب الأمريكي فإننا ملزمون لرفع التجميد عن الجناح العسكري المتخصص بالجانب الأمريكي ليبدأ عملية ضرب المصالح الأمريكية في العراق بل وخارجه"، ويأتي ذلك التهديد مع عرض عسكري في محافظة البصرى دعا اليه التيار الصدري ردًا على طرح القانون من قبل الكونغرس الأميريكي".

ومن ضمن الردود، عبّر إئتلاف دولة القانون عن رفضه للمشروع الأميركي حيث إعتبر حسن السنيد النائب عن الإئتلاف في البرلمان العراقي أنّ "مقترح الجمهوريين في الكونغرس الامريكي بتسليح العشائر العراقية بعيدًا عن الحكومة العراقية خرقٌ للسيادة العراقية وتعبيرٌ عن حقدٍ سياسي ضد كيان الدولة العراقية".

كما أعلن عضو مجلس محافظة الأنبار مزهر الملا إنّ "الولايات المتحدة الأمريكية وافقت على تسليح أبناء الأنبار من أسلحة ثقيلة ومتوسطة ومختلفة من أجل محاربة تنظيم داعش الذي يسيطر على مساحات كبيرة من المحافظة". وأشار إلى أنّ السفير الأمريكي بالعراق ستيوارت جونز أبلغ المجلس بموافقة الجانب الأمريكي على تسليح أبناء العشائر. مضيفاً أنّ الدفعة الأولى من الأسلحة ستصل قريباً عبر قاعدتي الحبانية وعين الأسد بالمحافظة، وأنّ التوزيع سيكون بعلم الحكومة المركزية وبإشرافٍ من الجيش الأمريكي.

وفي سياقٍ متّصل، أكّد مكتب نائب الرئيس العراقي أسامة النجفي عبر مديره أمجد توفيق أنّ السلطات الأردنية وافقت على تسليح مقاتلي العشائر العراقية في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش"، وأضاف إنّ الاتفاق يقضي بتسليح العشائر التي تحارب داعش، بالتنسيق مع الحكومة العراقية ووزارة الدفاع. وأشار إلى أنّ عملية تسليح العشائر بحثت في لقاءٍ جمع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والنجيفي خلال زيارته الأخيرة إلى عمان برفقة عددٍ من المسؤولين العراقيين.

مشروع القرار الأمريكي لم يكن الأول الذي يُظهر نية الولايات المتحدة الأميركية لتقسيم العراق، فقد أعلن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في عام 2013، أي قبل إنشاء ما عُرف بـ"الحشد الشعبي" لمواجهة "داعش"، عن أنّ إنشاء أقاليم ثلاثة "شيعي وسُني وكردي" بات خيارًا "ملحًّا وضروريًّا"، يأتي ذلك بالتزامن مع الدخول الأردني على الخط العراقي بعد ما أظهرته التقارير والوقائع عن دعم أردني أيضًا للمجموعات المسلحة في الداخل السوري وخاصةً في منطقة درعا، لذلك فإنّ مشروع تقسيم العراق وحسب ما تظهره المعطيات الميدانية والسياسية سيمتد ليصل الى سوريا، فهو مشروعٌ أميركي يطال كل المنطقة وخاصةً مع بدء الخطة التي تهدف الى تدريب "مسلحين معتدلين" في تركيا لإرسالهم الى سوريا بهدف إظهار نوعٍ من الشرعية على المجموعات المسلحة. فإلى أي مدى سيستمر هذا المشروع مع رفض الحكومة العراقية ومعظم الأحزاب والتيارات السياسية له؟ وهل المشروع التقسيمي يمكن أن ينتقل إلى سوريا ليمتد الى المنطقة كلها؟ أم أنّ لمحور المقاومة كلامًا آخر ومشاريع أخرى للمواجهة؟