الأردن: لا تهديد جدياً من «داعش»

الأردن: لا تهديد جدياً من «داعش»

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٨ أبريل ٢٠١٥

بالرغم من التهديدات التي لم يبخل بها «داعش» على أمن الأردن منذ أشهر عدّة، إلا أن محللين ومراقبين كثيرين يضعون التفجيرات التي نفذها التنظيم المتشدد عند معبر طريبيل، على الجانب العراقي من الحدود الأردنية - العراقية، في «سياقها الطبيعي».
الأردن الرسمي ملتزم حتى اللحظة بالتأكيد على أنه لم يغلق معبر الكرامة (الجانب الحدودي الأردني مع العراق).
وبحسب ما قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية الأردنية زياد الزعبي لـ «السفير»، فإن ما جرى هو إغلاق مؤقت سببه أعطال فنية نتيجة لعملية التفجير، التي تمت بثلاث سيارات مفخخة، ما أدى الى تعطيل حركة المسافرين ونقل البضائع.
ورداً على سؤال «السفير» حول احتمال ان يغلق الأردن المعبر رسمياً، بعد إغلاقه مؤفتاً لمجرد أعطال فنية، أجاب المتحدث «الأحداث الآتية لا يستطيع أحد التنبؤ بها».
الكلام واضح اذاً، وهو أن الأردن، وبالرغم من عدم إغلاق المعبر رسمياً، يترقب ما يجري على الجانب الآخر من الحدود، وأنه من المستحيل أن يتعامل مع تنظيم «داعش» في حال تمكن الأخير من السيطرة على المنطقة الحدودية.
وسائل إعلام أردنية نقلت يوم امس تصريحات لسائقي الشاحنات ومصدّري الخضار تطالب بفتح معبر طريبيل، والسماح لهم بالعبور والتحميل.
ورافق ذلك تصريحات رسمية من وزارة الزراعة الأردنية بأن الصادرات الزراعية الأردنية إلى العراق عادت الى طبيعتها، وهذا يؤكد ما ذهب إليه الزعبي من أن الإغلاق ناجم عن أعطال فنية لا غير.
لكن ما هو السبب الذي دفع «داعش» الى استهداف معبر طريبيل في هذا الوقت تحديداً، وهل الظرف مهيأ لتفجيرات جديدة على المعبر؟
عند النظر الى ظاهر الأمور، تعود إلى الذهن فوراً حادثة سيطرة المسلحين على معبر نصيب السوري، لكن عند البحث تبدو الحادثة مختلفة.
ويقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية مروان شحادة لـ «السفير» إنّ الحكومة العراقية قامت خلال الأيام الأخيرة بخرق اتفاق «ضمني» بينها وبين تنظيم «داعش»، وملخص الاتفاق هو التالي: «بعد مرور الشاحنات من معبر الكرامة الأردني، ومن ثم معبر طريبيل، فإن الجيش العراقي يقوم بتحويل هذه الشاحنات إلى نقطة جمركية لتنظيم داعش تبعد بضعة كيلومترات عن المعبر، وهناك يدفع سائق الشاحنة ما قيمته 300 دولار».
ويشير شحادة إلى أنه «في الأيام الأخيرة، وأثناء مواجهات الجيش العراقي لداعش، قام بقصف النقطة الجمركية هذه، ومن باب التخريب على الحكومة العراقية، قامت خلايا انتحارية من داعش بتنفيذ هجومها على طريبيل».
وتبعاً لما سبق، فإن المحللين السياسيين والعسكريين يستبعدون أن يكون التفجير بداية لتنفيذ تهديدات ضد الأردن، وإن كان الأردن يضع نصب عينيه الخطر الذي يحدق به من كل الجهات ومنذ زمن بعيد، وذلك وفق العقيد المتقاعد من الأمن العام والحقوقي فواز الهواوشة، الذي قال، في حديث الى «السفير»، إنّ الأردن يشدد حماية حدوده مع العراق.
ويقول الهواوشة «إن الجيش الأردني يحرس الحدود الأردنية ـ العراقية بدلاً من قوات البادية الأردنية منذ العام 1997، وذلك بعد استشعار المسؤولين أن التهريب على الحدود ما عاد يقتصر على المواشي والتموين بل تعداه إلى السلاح».
وبعد سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين، على اثر الغزو الاميركي في العام 2003، رفع الأدرن من نسبة حراسة الحدود، وفقاً للهواوشة، الذي يشير الى ان الجيش الأردني يحرس أيضاً الحدود مع السعودية، ليستخلص أنه لا توجد حدود آمنة مئة في المئة، لكن نسبة الأمن على الحدود الأردنية تتراوح بين 70 و80 في المئة.
ويحضر هنا تساؤل أساسي: هل فعلاً من السهل إحكام السيطرة على المنطقة الصحراوية في منطقة الأنبار؟
يقول الهواوشة، من واقع خدمته في المنطقة الحدودية الاردنية ـ العراقية، إن «المنطقة الصحراوية من الجانب العراقي شاسعة جداً، وتنظيم داعش قادر على التحرك فيها، والسيطرة عليها».
ويرى الهواوشة انه «كان بمقدور التنظيم المتشدد طيلة الفترة الماضية السيطرة على تلك المنطقة، لكن مصلحته لم تكن تقتضي ذلك، ويبدو أن المصلحة المتحققة له كانت في نقطة الجمارك التي يجبي فيها أموالاً».
قد لا تعني إعادة فتح المعبر مع العراق أن قصة التفجير انتهت إلى نهاية سعيدة، إذ إن قرار الإغلاق أو عدمه يبقى رهن المتغيرات السياسية والعسكرية المتقلبة. وإذا كان الإغلاق الذي طرأ بسبب الأعطال الفنية قد انتهى، أمس، بفتح المعبر، فإنه قد يتحول الى إغلاق رسمي مستقبلاً، في حال تمكن تنظيم «داعش» من السيطرة على معبر طريبيل تماماً، وهذا ما سيقرره أداء الجيش العراقي في مواجهة التنظيم المتشدد خلال الأيام المقبلة، بالإضافة الى طبيعة الظرف السياسي والعسكري.