«العاصفة» السعودية تتلاشى.. والنهاية لم تعلن!

«العاصفة» السعودية تتلاشى.. والنهاية لم تعلن!

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٢ أبريل ٢٠١٥

آلاف الضحايا المدنيين، وعشرات آلاف المشردين، وتدمير لمقومات الدولة، هي أبرز ما أنجزته «عاصفة الحزم»، التي أعلنت بدء تلاشيها قبل اكتمال «أهدافها» المعلنة، مع انقضاء الأسبوع الرابع على بدء الحرب.
في اليوم السابع والعشرين، أنهت السعودية «عاصفة الحزم» على اليمن، في ما يؤشّر إلى بلوغها طريقاً مسدوداً، خصوصاً أنّ أهداف الحرب المعلنة، بعودة «الشرعية» واستسلام «أنصار الله»، لم تتحقّق، وهو ما يشير الى ان الحرب لم تضع أوزارها بشكل رسمي، وأن تسوية سياسية جرى طبخها بعيداً عن الأضواء، ويتوقع ان يُعلن عن نضوجها في عاصمة ما.
«عاصفة الحزم»، بدأت وانتهت بطلب من الرئيس اليمني، المقيم في السعودية، عبد ربه منصور هادي، وفقاً لبيان «التحالف»، الذي أكّد «سرعة استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن الدولي والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني»، على أن يستمر في «حماية المدنيين»، وما وصفه بـ «مكافحة الإرهاب»، محتفظاً لنفسه بحقّ التدخل في اليمن متى يراه مناسباً «للتصدّي للتحركات والعمليات العسكرية للميليشيات الحوثية ومن تحالف معها»، من دون أن يأتي البيان على ذكر «عودة الشرعية» الى اليمن، على عكس بيان انطلاق العملية.
قبل إعلان وقف الحرب بساعات، كانت إيران قد أشارت، على لسان مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إلى «تفاؤل بأنّه، خلال الساعات المقبلة، سنشهد وقفاً للهجمات العسكرية في اليمن، بعد بذل جهود كبيرة».
وإيران التي كانت أول المعلنين، كانت كذلك أول المرحبين، إذ اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية مرضية افخم أنّ «قرار وقف إطلاق النار ووقف المجازر بحق الأهالي الأبرياء والعزّل، يمثّل خطوة إلى الأمام».
إلّا أن الحرب التي استمرت طوال 27 يوماً، ونفّذت خلالها 2415 غارة، وفقاً للمتحدّث باسم «التحالف» أحمد عسيري، انتهت بخسائر فادحة في الأرواح، فضلاً عن التدمير المنهجي للبنى التحتية في البلاد. وتشير أرقام «منظمة الصحة العالمية» إلى أنّ عدد القتلى وصل إلى 944 شخصاً، وجرح 3500، ولكنّها تؤكّد، في الوقت ذاته، أنّ الأرقام الحقيقية هي أعلى بكثير.
بداية مؤشرات وقف العملية العسكرية جاءت في بيان وزارة الدفاع السعودية الأول منذ بدء «عاصفة الحزم» في 26 آذار الماضي، وبعد ساعات على إصدار الملك سلمان أمراً ملكياً بمشاركة قوات «الحرس الوطني»، إذ أعلنت الوزارة «إزالة التهديد على أمن المملكة العربية السعودية والدول المجاورة من خلال تدمير الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية التي استولت عليها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية لعلي عبدالله صالح من قواعد ومعسكرات الجيش اليمني».
«أنصار الله» على لسان عضو المكتب السياسي عبد الملك العجري، أشارت إلى أنّ إنهاء العملية يتزامن مع إحراز تقدم نحو اتفاق سياسي شامل، مؤكداً أنّ الجماعة «كانت تتوقّع أن يكون هناك اتفاق على وقف لإطلاق النار بعد توقيع اتفاق سياسي.. وأن الموافقة عليه جاهزة تقريباً».
وفي مؤتمره الصحافي الأخير، كرّر أحمد عسيري الحديث عن الإنجازات التي حققتها العملية العسكرية، معلناً بداية ما أسماه «عملية الأمل». وفيما أوضح أنّ هذه العملية ستشهد «مزيجاً من العمل السياسي والديبلوماسي والعسكري»، أكد استمرار فرض حظر بحري لمنع وصول الأسلحة إلى «اللجان الشعبية» التابعة لـ «أنصار الله».
في هذه الأثناء، قال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إنّ مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعاً في السابع والعشرين من الشهر الحالي لمراجعة الموقف من أزمة اليمن، موضحاً، في تصريحات للصحافيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أنّ المجلس سيعاود الاجتماع مرة أخرى خلال الأيام المقبلة، لمتابعة مدى الالتزام بتنفيذ بنود القرار.
ماذا حصل قبل ساعات على إعلان انتهاء «عاصفة الحزم»؟
بداية كان الإعلان الإيراني عن احتمال توقف الحرب خلال الساعات المقبلة، إلّا أن الأمر الملكي باستدعاء «الحرس الوطني» للمشاركة في «عاصفة الحزم» بدا مربكاً، خصوصاً أنه لم يُعرف على وجه التحديد ما هو الدور الذي سيضطلع فيه «الحرس» في هذه العملية.
ولا يزال غير واضح سبب استدعاء «الحرس» الذي يقوده الامير متعب بن عبد الله منذ العام 2010، إذا كان «التحالف» قد قرّر إنهاء عملياته في اليمن، إلّا أنّ عسيري عاد وأكّد أن «الحرس الوطني» سيشارك في «حماية الحدود الجنوبية للمملكة».
ولمّا كانت قيادة العملية العسكرية منوطة بالقوات الجوية السعودية والقوات البرية التابعة لوزارة الدفاع السعودية، على رأسها الامير محمد بن سلمان، ابن الملك السعودي، لم يبرز أيّ دور لـ «الحرس الوطني» بقيادة متعب إلى أن صدر الأمر الملكي، يوم أمس.
والحرس الوطني هو أحد القطاعات العسكرية في السعودية، ويعمل على مساندة القوات المسلحة التابعة لوزارة الدفاع أثناء الحرب مع «عدو خارجي»، ومساندة وزارة الداخلية عند اختلال الأمن الداخلي والسلم الأهلي ومكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية.
وأعرب وزير «الحرس الوطني» متعب بن عبد الله، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية – «واس»، عن «بالغ الاعتزاز إثر صدور أمر خادم الحرمين الشريفين بمشاركة قوات الحرس الوطني في هذه المهمة»، مؤكداً «الجاهزية التامة والاستعداد المتكامل لكافة قوات الحرس الوطني، وهو الدور الذي يتشرفون بأدائه إلى جانب إخوانهم وزملائهم في بقية القطاعات العسكرية».
وتجدر الإشارة إلى أنّ دول مجلس التعاون الخليجي كانت قد أكّدت، خلال اجتماع في نيويورك، أمس الأول، أنّه لا مجال لوقف إطلاق النار في اليمن ما لم يلتزم الحوثيون بقرار مجلس الأمن الذي يطالبهم بالانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها.
وفي ختام الاجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة، قال السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي إن بان كي مون «يريد نهاية سريعة للعمليات الحربية. نحن جميعاً نريد نهاية سريعة للعمليات الحربية، لكن هناك شروطاً للتوصل إلى ذلك وهي شروط نص عليها القرار» 2216 الذي أصدره مجلس الأمن.
وأدت الغارات الأخيرة التي نفّذتها طائرات «التحالف» إلى مقتل 40 شخصاً على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، فضلاً عن إصابة العشرات في ضربتين جويتين.
واستهدفت غارة جسراً للعبور في الخط الواصل بين صنعاء وإب في منطقة الدليل مديرية المخادر في المحافظة، ما أدى إلى مقتل 20 مدنياً وإصابة 16 آخرين، كما قتل 13 مدنياً وسبعة جنود في ضربة أخرى استهدفت مبنى أمنياً في مدينة حرض قرب حدود اليمن مع السعودية.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد التقى في البيت الأبيض، أمس الأول، ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، إذ ركّز اللقاء «على أهمية تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ومبادرة مجلس التعاون الخليجي في اليمن بصفتها مدخلاً لتسوية الأزمة، ودور التحالف السعودي في تثبيت الشرعية وحفظ أمن واستقرار الشعب اليمني».
ووفقاً للمتحدث باسم مجلس الأمن القومي أليستير باسكي فإن «الزعيمين بحثا الحاجة المستمرة إلى توفير معدات وإمدادات عسكرية ضرورية للإمارات» في إطار التصدي لتنظيم «داعش»، ودعم الولايات المتحدة للعملية العسكرية في اليمن.
وفي غضون ذلك، أكد مصدر مصري لـ «سبوتنيك» الروسية أنّ وزير الخارجية اليمني السابق أبو بكر القربي، المتواجد في القاهرة منذ أسبوع، يحمل مبادرة من الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح لحل الأزمة اليمنية.
وأشار إلى أنّ المبادرة التي يحملها القربي، تتعلق بوقف العملية العسكرية والعودة إلى الحوار وتسوية الأزمة، مشيراً إلى أن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري المفاجئة إلى السعودية تتعلق بالمبادرة، وأنه يجري التشاور بين الرياض والقاهرة حول إمكانية قبول مبادرة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
والتقى شكري في الرياض نظيره سعود الفيصل، حيث بحثا الوضع في اليمن، وتنسيق المواقف بين دول «التحالف»، وأسلوب التعامل مع الأزمة والخطوات الجاري اتخاذها.
وأكد بيان لوزارة الخارجية المصرية أنّ الوزيرين تناولا عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الأوضاع في سوريا، وأهمية اجتماع رؤساء الأركان العرب في مقر الجامعة العربية في القاهرة بشأن تشكيل القوة العربية المشتركة.
ونقلت «رويترز» عن مسؤول يمني قوله إن ممثلين عن حزب «المؤتمر» تقدّموا باقتراحات للحكومة المستقيلة للتوصل إلى اتفاق سلام، لكنه ذكر أنه سيتعين على الجماعات المسلحة الوفاء بالمزيد من الشروط قبل أن تقبل الحكومة.
وأضاف المسؤول «هناك اتصالات ومبادرات لوقف إطلاق النار غالبيتها مقدمة من قياديين في حزب الرئيس السابق. لكن أيّ مبادرة لن يتم قبولها إلّا إذا أعلن الحوثيون وصالح الالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي».
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنّ الانتشار البحري الأميركي قرب شواطئ اليمن يتيح للولايات المتحدة «الحفاظ على خياراتها»، بعد إعلانها عن إرسال حاملة الطائرات «ثيودور روزفلت» والمدمرة «نورمندي»، ليتزامن هذا مع الاعلان عن اقتراب مجموعة من السفن الايرانية من الشواطئ اليمنية.
وقال المتحدث باسم البنتاغون ستيفن وارن إن نشر السفن الحربية الـ12 في خليج عدن وشمال المحيط الهندي إنما يأتي «رداً على تدهور الوضع الأمني في اليمن»، معتبراً أنّ وصول سفن إيرانية تشتبه الولايات المتحدة بأنها قد تحمل أسلحة إلى الحوثيين كان أحد «أسباب» القرار بزيادة الانتشار البحري الأميركي في المنطقة.