كما داعش .. العثمانيون دخلاء على تراث المنطقة

كما داعش .. العثمانيون دخلاء على تراث المنطقة

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٦ مارس ٢٠١٥

بين الفينة والأخرى يخلع رجب طيب أردوغان البذلة والكرافات، ليرتدي عباءته العثمانية المزركشة ويضع عمامة السلطان، يدخل حالة هوسه بتاريخ السلطنة ويجتّر أمجاداً كتبها طغاة التاريخ! لقد أوضح الرئيس أردوغان إن تنظيم "داعش" الذي ينشط في سوريا والعراق "يحاول تدمير حضارتنا وثقافتنا الإسلامية"، مشيرا إلى إحراق التنظيم أكثر من 8 آلاف كتاب ومخطوطة من مكتبة الموصل، وقال "إن حضارتنا رغم الجراح، ومحاولات الإبادة، والمجازر الثقافية التي شهدتها سابقا، نجحت في البقاء على قيد الحياة".

واستذكر الرئيس التركي قيام الجيش المغولي بقيادة "هولاكو" بحرق 36 مكتبة في عاصمة الدولة العباسية بغداد، قائلا إن داعش يتبع نفس الأسلوب في سوريا، والعراق ويحاول تدمير "حضارتنا وثقافتنا وجذورنا".

قد حاول أردوغان إقحام نفسه و إمبراطوريته البائدة كأحد حضارات وثقافات وجذور العرب والمسلمين، فما علاقة حضارة وإرث العثمانيين بالدولتين الأموية والعباسية خصوصاً والحضارة العربية عموماً؟، كل كلام أردوغان لم يكن سوى محاولةٍ منه لتسويق نفسه على أنه أحد المتسيدين لمشروع حماية إرث المنطقة العربية والإسلامية وتاريخها.

يُقال بأن التاريخ يكتبه الأقوياء وغالباً ما يكون جزء كبير من هؤلاء الأقوياء من الطغاة العتاة، هنا لم يذكر أردوغان بأن الخازوق العثماني هو أبرز ما تفتقت عنه الحضارة "العصمنلية".

لم يذكر أردوغان ماذا فعل أجداده العثمانيون عندما انتزعوا مصر من يد المماليك، حيث قاموا وقتها بسلب، ونهب، وتدمير، وحرق المكتبات، وقد وثق المؤرخ ابن أياس المتوفى سنة 930هـ / 1523م الذي عاصر الغزو العثماني الكثير من أحداث التخريب والتدمير وحرق الكتب.

 وقد نهبت مكتبة السلطان حسن، وأحرقت مكتبة جامع الأمير شيخو عن بكرة أبيها وغيرها من المكتبات، ونقلت الآلاف من المخطوطات العربية إلى إسطنبول، ولم يقل أردوغان كيف انتقلت أهم المخطوطات والكتب العربية والإسلامية إلى "اسطنبول" إبان الاحتلال العثماني والمعارك التي كان يسميها بالفتوحات في الدول العربية والإسلامية، ولم يتطرق أردوغان إلى مجازر الحرق والقتل والخوزقة وفرض الجزية والإبادة الجماعية التي طالت غالبية أطياف المجتمعات العربية والإسلامية، ليأت بعد كل ذلك ويُدعي بأنه وأجداده من صلب تراث المنطقة ، فيما هم أكثر من هدمها وحاربها، إن كان ما يريده أردوغان صحيحاً، فلم كل تلك النزعة الشعوبية والعنصرية ضد العرب والأكراد؟ لم يكن أردوغان موفقاً بترويج مزاعمه، لأن كل تاريخ سلطنته العثمانية البائدة لم يكن يمت بصلة إلى تراث العرب وإسلامهم، لنصل في نتيجة مقالنا هذا إلى أن داعش ما هي إلى نتيجة حتمية لتاريخ يحبل بالمخازي والتعصب والفجور كما كان تاريخ العثمانيين.