لافروف: لا يوجد أسس موضوعية لاندلاع حرب باردة

لافروف: لا يوجد أسس موضوعية لاندلاع حرب باردة

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٢٧ فبراير ٢٠١٥

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "الانقلاب غير الدستوري" في أوكرانيا العام الماضي، والذي حظي بدعم واشنطن وبروكسل، شكل ذروة لسياسة الغرب المعادية لروسيا، مستبعداً الوقت نفسه وجود أسس موضوعية لاندلاع "حرب باردة" جديدة رغم المواقف المتشددة للعواصم الغربية.
وقال لافروف، خلال كلمة ألقاها في الأكاديمية الديبلوماسية الروسية اليوم، إن "الولايات المتحدة وغيرها مما يعرف بالغرب تاريخياً، تجاهلت القواعد الأساسية للقانون الدولي واستخدمت معايير مزدوجة على نطاق واسع"، مشيراً إلى أن شعوب يوغوسلافيا السابقة والعراق وليبيا وسوريا، وأوكرانيا اليوم استشعرت انعكاسات تدخل الغرب في شؤونها الداخلية.
وأشار الوزير الروسي إلى أن "الغرب واصل سياسته الرامية إلى فرض السيطرة على مزيد من الفضاء الجيوسياسي ونقل "خطوط الفصل" شرقاً رغم طرح موسكو مبادرات كثيرة تتعلق بإقامة فضاء موحد للأمن والاستقرار في منطقة أوروبا والمحيط الأطلسي، وتوقيع اتفاقية حول الأمن الأوروبي".
وذكّر لافروف بأن "استراتيجية الأمن القومي الأميركية المعدلة تفصح عن سعي واشنطن لفرض هيمنتها على العالم والاستعداد لاستخدام القوة العسكرية لتحقيق المصالح الأميركية"، مؤكداً أن موسكو لا تزال تتمسك بضرورة تعزيز التعاون الدولي من أجل مواجهة التحديات المشتركة المتمثلة، على سبيل المثال، في نزع الأسلحة الكيميائية السورية والملف النووي الإيراني وانتشار فيروس "إيبولا"، مؤكدا أن أية خطوات أحادية الجانب مخالفة لميثاق الأمم المتحدة تؤدي إلى زعزعة الأمن والفوضى.
ومن جهة ثانية، قال لافروف إن انتشار التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط جاء نتيجة لتدهور مؤسسات الدولة في عدد من بلدان المنطقة والتدخل الخارجي في شؤون هذه الدول ومحاولات "تصدير الديموقراطية" وفرض قيم غريبة وطرق غريبة للتغيير.
وأضاف أن موسكو دعت إلى عدم "تسليم" عمليات "الربيع العربي" للإسلاميين والسعي إلى تسوية الخلافات من خلال الطرق السياسية الديبلوماسية حصراً.
وأكد الوزير الروسي أن موسكو اقترحت إجراء تحليل شامل للمشاكل التي تؤدي إلى تفشي التطرف والإرهاب، بما في ذلك النزاع العربي الإسرائيلي، تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل إعداد إجراءات مناسبة لمساعدة شعوب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على توفير الأمن والاستقرار والتنمية.
وأضاف أن "الموقف المتناقض للغرب يعرقل تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات العالمية"، مشيراً إلى أن الغرب يحاول من جهة احتواء روسيا ومعاقبتها لسياستها الخارجية المستقلة، ويبدي من جهة أخرى اهتماماً بزيادة التعاون مع موسكو لتسوية القضايا الدولية.
وأكد لافروف أن موسكو لا ترفض التعاون، ولا تسعى إلى المواجهة وعزل نفسها، مشدداً في الوقت ذاته على أن الضغط الخارجي لن يجبرها على إعادة النظر في سياستها التي تعتبرها موسكو عادلة وصحيحة.
وقال إن الولايات المتحدة رغم كل جهودها فشلت في تشكيل تحالف مضاد لروسيا، مشيراً إلى أن موسكو لا تزال تحتفظ بعلاقات جيدة مع معظم دول العالم.
وأعرب عن أمله في تجاوز الخلافات مع الاتحاد الأوروبي، وهو أكبر شريك اقتصادي لروسيا، وأن تسود الروح البراغماتية في العلاقات بين موسكو وبروكسل.
كما أكد الوزير الروسي أن توجيه سياسة روسيا نحو دول الشرق والمحيط الهادئ لا يرتبط بالأزمة الحالية في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي ولن يتم على حساب العلاقات بين روسيا وأوروبا.
وحول الأزمة الأوكرانية، قال لافروف إن "موسكو تثق بتطبيع الوضع في أوكرانيا في حال تنفيذ اتفاقات مينسك، بما في ذلك إجراء إصلاح دستوري يضمن مصالح سكان شرق البلاد"، مؤكدا من جديد أنه لا يمكن حل الأزمة الأوكرانية باستخدام القوة.
وأشار إلى ظهور فرصة حقيقية لإنهاء إراقة الدماء وتحقيق السلام والوفاق الوطني بعد التوصل إلى مجموعة اتفاقات جديدة في مينسك في 12 شباط.
كما شدد وزير الخارجية الروسي من جديد على أن الحفاظ على الثقة والاستقرار في منطقة أوروبا والمحيط الأطلسي يتطلب تمسك أوكرانيا بوضها الحيادي وعدم انضمامها إلى أية أحلاف سياسية عسكرية.
من جهة أخرى، قال لافروف إن "فريق الحرب" لا يزال يسيطر على سياسة كييف، رغم تصريحات الرئيس بيوتر بوروشينكو الداعية إلى السلام، موضحاً أن أعضاء هذا الفريق من القيادة الأوكرانية يحظون بدعم جدي من الخارج.
وأكد الوزير الروسي أن روسيا تبقى من الدول القليلة التي تصرّ على إجراء تحقيق شفاف في تحطم الطائرة الماليزية في شرق أوكرانيا، مشيراً إلى الجانب المعني لم ينشر إلى الآن تسجيل المحادثات بين طاقم الطائرة وهيئة مراقبة حركة الطيران الأوكرانية وكذلك الصور التي التقطتها الأقمار الإصطناعية الأمريكية.
في المقابل، قال إن "الحرب الباردة كانت قائمة على مواجهة إيديولوجية شديدة بين الحلفين، وأضاف أن الوضع الآن مختلف"، موضحا "نحن نؤمن بالمبادئ ذاتها في الاقتصاد والنظام السياسي للمجتمع".
ومع ذلك اعتبر وزير الخارجية الروسي أن "التشدد في عدد من العواصم الغربية" الآن ربما يتجاوز مستوى التشدد في فترة "الحرب الباردة"، مشيرا إلى أن ذلك مرتبط برغبة الولايات المتحدة والدول الغربية عموما في التمسك بهيمنتها على التطور في العالم.