بوتين يهدد أوروبا من بلغراد بتقليص الغاز

بوتين يهدد أوروبا من بلغراد بتقليص الغاز

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٦ أكتوبر ٢٠١٤

قبل نحو أسبوع من محادثات روسية أوروبية حول الغاز،  حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم، من أن بلاده ستقلص إمدادات الغاز إلى أوروبا إذا سرقت أوكرانيا غازاً من خط الأنابيب المار بأراضيها لتلبية احتياجاتها وعبّر عن أمله في ألا يصل الأمر إلى هذا الحد.
ووصل الرئيس الروسي، اليوم، الى بلغراد، التي اختارها منبراً للتحذير من أي محاولة من الغرب لابتزاز موسكو في الأزمة الأوكرانية، بعد أن اتهم نظيره الأميركي باتخاذ موقف عدائي من روسيا.
وقال، في مؤتمر صحافي في عاصمة صربيا: "لن تكون هناك أي أزمة يسببها مسؤولون روس عن التعاون مع أوروبا.. لكن مخاطر كبرى على عبور (الغاز عبر أوكرانيا) قائمة".
ونبه الى أنه "اذا رأينا شركاءنا الأوكرانيين يبدأون اقتطاع الغاز بشكل غير شرعي من نظامنا لخطوط تصدير الغاز، فاننا سنقلص الكميات التي نضخّها بقدر الكميات التي يستولي عليها" الأوكرانيون.
وقال الرئيس الروسي "ان ساوث ستريم لا يمكن انجازه بدعم من طرف واحد. والامر هنا اشبه بعلاقة حب : لا يمكن ان تكون هناك سعادة الا اذا وجد شخصان يتقاسمانه".
وفي حديث مع صحيفة "بوليتيكا" الصربية، حذّر بوتين بلهجة شديدة النبرة الولايات المتحدة وحلفاءها من "محاولات ممارسة الابتزاز على روسيا" والتي قد تنال من "الاستقرار الاستراتيجي" في العالم.
واتهم الولايات المتحدة بانها افتعلت الأزمة الأوكرانية لتحميل روسيا مسؤوليتها لاحقاً، مؤكداً، في الوقت نفسه، أن هناك "امكانية حقيقية لوقف المواجهة العسكرية".
وشارك بوتين، لمناسبة زيارته صربيا، في مراسم الذكرى السبعين لتحرير بلغراد من النازية، حيث كان ينوي إعلاء صوته ضد الاتجاهات المتنامية لـ"تمجيد النازية" التي تهدد أوروبا، بحسب قوله.
وقال بوتين، الذي تعود آخر زيارة لهه الى بلغراد الى العام 2011، في تلك المقابلة إن "واجبنا المشترك هو الاحتجاج على تمجيد النازية وأي محاولة لإعادة النظر بفترة  الحرب العالمية الثانية".
وأضاف ان "اللقاح ضد فيروس النازية ضعف في بعض الدول الأوروبية"، مشيراً بصورة خاصة الى دول البلقان.
ولقي بوتين استقبالاً حافلاً في بلغراد، الصديقة الثمينة في أوروبا التي ترفض الانسياق مع العقوبات التي تفرضها بروكسل على موسكو وتسهر على عدم اثارة استياء حليفتها الكبيرة.
ووضع ونظيره الصربي توميسلاف نيكوليتش اكليل زهور في مقبرة يرقد فيها الجنود الروس الذين سقطوا خلال الحرب العالمية الثانية، كما أجرى مباحثات مع رئيس الوزراء الصربي الكسندر فوسيتش، الموالي لأوروبا.
ويصل بوتين، مساء اليوم، الى ميلانو لاجراء سلسلة من المباحثات مع الرئيس الاوكراني بيوتر بوروشينكو والقادة الأوروبيين.
وعلى هامش قمة "اسيم" (الحوار بين آسيا وأوروبا) التي تجمع قادة الاتحاد الأوروبي وعدة بلدان آسيوية في 16 و17 تشرين الأول، سيحاول المجتمعون إيجاد حل للنزاع بين كييف والانفصاليين الموالين للروس.
وتباحث بوروشينكو، أمس هاتفياً مع الرئيس الأميركي باراك أوباما حول عملية السلام في شرق أوكرانيا.
في غضون ذلك، تتابع بروكسل عن كثب زيارة بوتين بلغراد، بعد ان طلبت من صربيا تأكيد التزامها بأوروبا خلال هذه الزيارة.
وشكلت القروض الروسية بقيمة 800 مليون دولار للبنى التحتية في كانون الثاني و500 مليون دولار في نيسان الماضيين لمواجهة عجز كبير في الموازنة، مساعدة كبيرة للاقتصاد الصربي المتعثر.
وقال رئيس تحرير مجلة "روسيا في السياسة العالمية" فيدور لوكيانوف، لـ"فرانس برس"، إن "الهدف الرئيسي للزيارة الى صربيا هو دعم العلاقات القائمة كما أن الطاقة ستشكل موضوعاً مهماً جداً".
وتقع صربيا في طريق خط الغاز (ساوث ستريم) وهو مشروع تقدر تكلفته بـ 16 مليار يورو يشيده عملاق الطاقة الروسي "غازبروم" لنقل الغاز الى أوروبا في العام 2015 بعيداً عن أوكرانيا.
وتعتبر المفوضية الأوروبية أن القواعد الأوروبية للاسواق العامة لم تُحترم، وحصلت من بلغاريا على تأكيد بأنها ستوقف العمل في خط أنابيب الغاز، لكن صربيا ردت بوضوح أن الأشغال ستستمر في أراضيها.
كما أن "غازبروم" تملك 51 في المئة من شركة النفط الصربية.
وحضر بوتين عرضاً عسكرياً كبيراً هو الأول في العاصمة الصربية منذ العام 1985، حيث ألقى كلمة أمام الحشود.
وفي الوقت نفسه، أعلن المفوض الأوروبي للطاقة غونتر اوتينغر، اليوم، أن الاجتماع الثلاثي الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي لتسوية النزاع حول ملف الغاز بين روسيا وأوكرانيا سيعقد في 21 تشرين الأول في بروكسل، مشيراً الى ان "من الممكن التوصل الى اتفاق".
في سياق متصل، يعقد اجتماع بين وزيري الطاقة الروسي والأوكراني ومسؤولي شركات الغاز الروسية والأوكرانية "في بروكسل في 21 تشرين الأول" وليس في برلين كما كان مقرراً، بحسب ما أوضح اوتينغر في مؤتمر صحافي.
وأضاف اوتينغر، الذي يتوجه الاثنين المقبل الى كييف لتحضير الاجتماع، إن الهدف هو التوصل الى اتفاق يتيح عدم توقف امدادات الغاز خلال فترة الشتاء.
وقال إن "عقد اتفاق ممكن، نظراً الى الأعمال التحضيرية وارادة كل طرف".
وينص اقتراح التسوية المطروح على أن تدفع كييف 3,1 مليارات دولار من الفواتير غير المدفوعة المستحقة لشركة "غازبروم"، منها ملياران قبل نهاية تشرين الأول.
وفي المقابل، تتعهد "غازبروم" باستئناف إمدادات الغاز المتوقفة منذ حزيران الى أوكرانيا، مع حد أدنى للتسليم يبلغ 5 مليارات متر مكعب تُدفع بسعر 385 دولاراً للألف متر مكعب.
من جهته، طلب الاتحاد الأوروبي إعداد دراسة حول قدرة الاتحاد وبلدان أوروبية مجاورة على مواجهة وقف شامل لامدادات الغاز من قبل روسيا خلال أشهر الشتاء الستة. وهذه الدراسة التي ستسلم الى القادة الأوروبيين خلال قمتهم" الخميس المقبل في بروكسل، تبرهن على إمكان ضمان الإمدادات للمواطنين.