المسلحون يطلبون معبراً لمغادرة «الجرود»..سورية رفضت ولبنان في مأزق

المسلحون يطلبون معبراً لمغادرة «الجرود»..سورية رفضت ولبنان في مأزق

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٧ أغسطس ٢٠١٤

كل التسريبات والتحليلات لم تتطرق بعد الى جوهر المشكلة الحقيقية في عرسال، كون المشكلة كبيرة وتفوق طاقة الدولة اللبنانية للحل واللاعبين المحليين نتيجة تشعباتها الطائفية والمذهبية والسياسية.
وحسب مصادر متابعة للقضية «ان المشكلة تكمن في ان المسلحين الذين يقدر عددهم بثلاثة الاف وموزعين بين «داعش» و«النصرة» يريدون الرحيل من جبال القلمون بعد ان درسوا اوضاعهم وتبين لهم استحالة بقائهم في فصل الشتاء في جرود القلمون، وضمن مرتفعات تتجاوز ما بين الـ 1800 او 2000 م وتصل كثافة الثلوج الى عدة امتار رغم وجود المغاور والكهوف وبالتالي هناك استحالة لمقاومة العواصف الثلجية، خصوصاً ان الجيش العربي السوري وحزب الله قطعا كل المعابر التي تربط بين الزبداني وجرود القلمون وكذلك الى مزارع رنكوس وبلدة فليطا حيث سيطر الجيش السوري وحزب الله على كل المعابر خلال الشهرين الماضيين بعد اشتباكات عنيفة، ورغم الهجمات التي نفذها المسلحون للحفاظ على معبر يربطهم بالزبداني لكنهم فشلوا رغم استخدامهم كل الوسائل العسكرية حيث تكبدوا الكثير من الخسائر.
وتشير المصادر الى ان المسلحين طرحوا على «هيئة العلماء المسلمين» ووسطاء عرب وبعض فاعليات عرسال العمل لتأمين اتفاق يضمن خروجهم من جبال القلمون وطرحوا ممراً آمناً الى شمال حلب بضمانات عربية ودولية مع اسلحتهم الفردية ومع جرحاهم، هذا المطلب رفضته القيادة السورية جملة وتفصيلا ورفضت النقاش بالامر، مؤكدة ان هؤلاء المسلحين خرجوا من حمص بعد تأمين ممر آمن لانسحابهم ومغادرتهم المنطقة، لكنهم انتقلوا الى يبرود، فتم اقتحام البلدة وترك ممر للمسلحين لمغادرة المنطقة الى أماكن بعيدة عن القلمون لكنهم انتقلوا الى قارة ومن قارة الى جبال القلمون وجرودها مع عرسال، الان اذا تم تأمين ممر لخروجهم كما يطلبون فسيعودون الى مناطق المعارضة بعد ايام لقتال الجيش السوري والوقائع تثبت ذلك؟
وتتابع المصادر «عند فشل الحل ضغط المسلحون على الحكومة اللبنانية لتأمين ممر لاخراجهم من المنطقة ومن لبنان الى تركيا بضمانات دولية، لكن الدولة اللبنانية اعجز من تنفيذ هذا المطلب، وهنا ذهب المسلحون الى استخدام اساليب الابتزاز على الحكومة اللبنانية والتهديد بتفجير الاوضاع في لبنان وقصف مناطق الهرمل، وكل ذلك لم يثنِ الدولة اللبنانية عن قرارها بعدم القدرة على تنفيذ مطالب المسلحين.
وتتابع المصادر «ان المسلحين هددوا باجتياح عرسال والبقاء فيها لتأمين اوضاعهم خلال فصل الشتاء، وحصل ما حصل في عرسال، واضطر المسلحون لمغادرة البلدة بعدما اخذوا 40 اسيراً للقوى الامنية كرهائن لتنفيذ شرط اخراجهم من جرود عرسال بأمان ونقلهم الى مناطق آمنة لكن تصدي الجيش والضغوط الدولية فرضا على المسلحين الانسحاب من عرسال، واحتفظوا بالاسرى «كورقة» ضغط في مفاوضاتهم من اجل الخروج من المنطقة قبل فصل الشتاء.
وتشير المصادر الى «ان النقاش بين الرئيس نبيه بري والوزير محمد المشنوق تركز على صعوبة هذا الملف واستحالة تطبيق شروط المسلحين الذين يهددون الان بالعودة الى عرسال واجتياحها والاشتباك مع الجيش اللبناني والبقاء فيها طيلة فصل الشتاء، لتأمين حياتهم، فيما لا يمكن للجيش السماح لهم بدخول البلدة، وهنا ستقع المواجهة بين الجيش والمسلحين الذين يحتمون بالسكان الذين يشكلون البيئة الحاضنة لهم، واذا حصل السيناريو وعودة المسلحين الى عرسال فان تداعياته ستكون كبيرة على لبنان وعلى الجيش اللبناني في ظل تركيبة البلد الحالية.
وتلفت المصادر «الى ان المصدر الوحيد لتمويل المسلحين حاليا يتم عبر معبر ما زال مفتوحاً بين البلدة وعرسال حيث يحتاج المسلحون الى 40 الف ربطة خبز يوميا ويتم نقلها عبر الجبال بالاضافة الى كميات كبيرة من التموين والاغذية، وهذا الامر من المستحيل ان يبقى متوافراً للمسلحين في فصل الشتاء وهناك استحالة وصول التموين لهم واذا حصل يمكن ان يتم مرة بالاسبوع بالاضافة الى حالات «البرد» وعمليات القصف وبالتالي قرر المسلحون مغادرة المنطقة بأي ثمن والا فانهم سيقضون برداً وجوعاً في الجبال في منطقة يصل فيها الثلج الى اكثر من 8 امتار. وبعد ان درسوا كل الاوضاع وتبين لهم استحالة البقاء في ظل الحصار المحكم لمقاتلي الجيش السوري وحزب الله.
وبالتالي فان الحل حسب المصادر غير متوافر حاليا والدولة لا تستطيع تلبية شروط المسلحين وتأمين انتقالهم الى دولة اخرى، والمسلحون يرفضون الافراج عن الاسرى الا بعد تحقيق مطلبهم، والا فان خيار العودة الى عرسال يبقى المخرج الوحيد امامهم وعندها ستقع حتماً المواجهة الكبرى مع الجيش خلال الاسابيع القادمة حيث تشعباتها ستكون كبيرة على اهالي البقاع ولبنان والجيش. ومن هنا ينطلق المسؤولون بكلامهم عن خطورة الاوضاع في عرسال.
الوقت يداهم الجميع وفصل الشتاء على الابواب، والجميع في مأزق وربما تقول المصادر احد الحلول هو فتح الاتصالات المباشرة بين الحكومتين اللبنانية والسورية. لكن سوريا ترفض المباحثات بالطريقة السابقة لان المرحلة الحالية لها شروطها فهل تستطيع الحكومة اللبنانية تلبية الشروط، ام ستقع المواجهة بين الجيش والمسلحين حيث لن يسمح الجيش للمسلحين بالعودة الى عرسال ام يتم لفلفة القضية وعودة المسلحين كمدنيين الى البلدة وبثياب مدنية في النهار وبثياب عسكرية في الليل ويتم تقطيع اشهر الشتاء على الطريقة السابقة اي تعايش المسلحين مع اهالي عرسال، لكن هذا الامر ترفضه العديد من القوى السياسية وتطالب الجيش بالحسم مع المسلحين وهذا امر لا يستطيع الجيش تنفيذه، في ظل تركيبة لبنان، وبالتالي الجميع بالانتظار كيف ستتبلور الامور، لكن اوضاع المسلحين صعبة للغاية وبقاءهم مستحيل بسبب الكمّ الهائل من الضربات التي تلقوها، لكن المعالجة المطلوبة لا تحتمل التأجيل والمطلوب تزخيمها قبل انفجار الاوضاع.