في ’كواليس’ الخليج .. خلافات دون حلول

في ’كواليس’ الخليج .. خلافات دون حلول

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢١ أبريل ٢٠١٤

الخلاف السعودي- القطري ما عاد الوحيد على جدول أزمات مجلس التعاون الخليجي. رغم كل "الطمطمة" الإعلامية على وقائع "إهتراء" هذا المجلس، تتفتح في كل اجتماع تعقده الدول الأعضاء ملفات الخلافات العالقة. وتتكشف أيضاً النوايا "المكبوتة" لبعض دوله بالإستئثار بقرارات المجلس والإنتفاع من مقدرات دول أخرى فيه لتسيير قراءاتها الإقليمية الضيقة على حساب الدول الخليجية كافة. ومع كل هذا لا يزال المجلس يعتقد أن بيانات جلساته الختامية قادرة على طمس حدة الخلاف وتضليل تشرذم المصالح. "الكلام عن حلحلة في مجلس التعاون الخليجي هو كلام إعلامي".
بهذه العبارة يختصرالخبير في الشؤون الخليجية الكاتب الصحافي السعودي فؤاد ابراهيم ما جرى يوم الخميس الماضي في اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الذي عقد في الرياض للتحضير للقمة التشاورية المقرر عقدها الشهر المقبل في مدينة جدة.
 هل فعلاً حصل الاتفاق في إجتماع المجلس ؟
يقول إبراهيم "إجتماع المجلس بدأ في ساعته الأولى بين قطر والسعودية والإمارات والبحرين للبحث في القضايا الخلافية العامة ومن ثم - وبعد ساعة تقريباً - انضمت إليهم عمان والكويت". ويضيف أنه "لو كان نتج عن الإجتماع حلٌ لكان من الأجدر أن يخرج البيان الختامي بذلك، إلا إن ما أشار اليه البيان "أنه جرى الإتفاق على آلية لمعالجة المشكلة"؛ يؤكد أن الخلاف بين قطر والسعودية لا يزال قائما.
إبراهيم الذي يرى أن فشل الإجتماع غُطيّ بكلام إعلامي، يلفت إلى أن تصريح وزير الخارجية العماني أن التوتر انتهى "لا صحة له أيضاً". وهو ما يؤكده مدير المرصد العماني لحقوق الإنسان والخبير في الشؤون الخليجية نبهان الحنشي، مشدداً على أن المشاكل مستمرة بين أعضاء المجلس.
يتحدث الحنشي كيف أن الإتفاق الأمني الذي وُقّع يقتصر على إجراءات أمنية جماعية فقط، مثل عدم القبول أو التجاوب مع معارضين لدولة ما وتسليم مطلوبين وأمور مشابهة. ويضيف أن ما جرى هو إقرار لإتفاق أمني جرى مسبقاً، وهو إتفاق يجمع الحدود الدنيا فقط من المصالح الأمنية المشتركة ولا يعبّر عن توافق في سياسات الدول الخارجية أو المواقف من القضايا العامة.
ما هي أهم الخلافات بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي ؟
إلا أن الخلاف اليوم بين الدوحة والرياض، العضوان الأكثر فعالية في المجلس، ليس المشكلة الوحيدة بين أعضائه. هناك اختلافات مفصلية أخرى منها "الإتفاق الأمني العام" أو "الخطة الأمنية المشتركة". يصف إبراهيم هذا الإتفاق بالمعضلة الأساسية خصوصاً في ظل رفض عضوين هما عمان والكويت. فالاخيرة ربطت انضمامها الى الخطة بموافقة برلمانها، ومنذ ذلك الحين والبرلمان يؤجل جلسات التصويت على الانضمام، ما يوحي برفض مبطن للولوج في خطة كهذه.
الخلاف الثاني، برأي إبراهيم، هو في "توحيد السياسة الخارجية". بنظره هذا الهدف سيقضي على سياسات بعض الدول "الضعيفة" أمام المواقف السعودية الخارجية، لكنه يتوقف عند الرفض القطري القاطع لهذا الغرض. ويوضح أنه في ظل الرفض القطري المطلق لتوحيد "السياسية الخارجية" يأتي الرفض العماني مباشرة، ويليه الموقف الكويتي الخجول.
خلاف مفصلي آخر يضيفه مدير المرصد العماني لحقوق الإنسان الى نقاط التباين العديدة بين الدول الأعضاء، وهو "الإتحاد الخليجي". وفق نبهان أن عمان ترفض هذا الإتحاد، المسوّق له سعودياً، لتأثيره على سيادتها الخارجية وإجبارها على السير في خطط خليجية عامة ستنفرد - بطبيعة الحال - السعودية بقيادتها". فالسعودية ستستأثر حينها بقرارات الدول الخليجية وتستثمرها في تنفيذ تطلعاتها وتطبيق أطماعها في المنطقة.
وعلى رأس كل هذه التناحرات السياسية تأتي أزمة "جماعة الإخوان المسلمين"، حسب ما يراه كل من ابراهيم ونبهان، فأزمة الإخوان ـ برأيهما ـ مفصلية وحادة. قطر لن تستغني عن دعم "الإخوان" في البلاد العربية كافة، خصوصاً في مصر وسوريا واليمن وفلسطين ودول الخليج. في حين أن السعودية (وتليها الإمارات) ترى أنه من الواجب قطع العلاقات مع "الإخوان" وحظر نشاطها وإعلانها جماعة إرهابية.
 هل يطول عمر الخلافات ومن يسيطر اليوم على قرار المجلس ؟
أمام كل هذه الخلافات يظهر جلياً أن عمر الأزمة بين الدول الأعضاء سيطول، والحديث عن حلحلة شاملة للمشاكل هو "كومبليمونات" إعلامية. وفق إبراهيم أنه في ظل إصرار السعودية على "تغيير سياسة قطر وتحجيم دور رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي، والاستياء السعودي - الإماراتي من قطر لدعمها جماعة الإخوان المسلمين في مصر واليمن والسودان وتونس، سيجعل المشكلة تطول". ويضيف أن الحل يكون بأن تذعن كل الدول الخليجية للقرار السعودي، وإلا فحدة المشاكل لن تنتهي، خلافاً لما تشيعه على بعض وسائل الإعلام الخليجية".
ربطاً بهذه التناقضات، يعتبر نبهان أن الأزمة بين الدول الأعضاء ستبقى مستمرة. وفي إشارة لافته الى تشرذم الوضع الخليجي العام يرى مدير المرصد العماني أن "القرار في مجلس التعاون ليس قراراً خليجياً صرفاً، فالدول الغربية لها موقف مؤثر على قراراته". ويتابع أن "علاقة الدول الأوروبية وأميركا مع أعضاء المجلس كان لها اثر كبير على القرارات التي صدرت عنه (المجلس) بحق الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فلغة العداء التي تمارسها الدول الخليجية والسعودية خصوصاً مع طهران تؤثر كثيراً على رؤية المجلس لقضايا المنطقة".