تورط تركيا بالكيماوي السوري جريمة حرب

تورط تركيا بالكيماوي السوري جريمة حرب

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٨ أبريل ٢٠١٤

علي عوباني
21 اب 2013 وقعت الواقعة، ضج العالم، الكل بدا مهتماً، الكل أدلى بدلوه، وكل الاصابع كانت جاهزة، المتهم واحد، ولا مجال للنقاش، الامر محسوم، الاسد ونظامه، خلف الهجوم الكيماوي في الغوطة الشرقية لدمشق، وكل قول عدا ذلك، كذب وتضليل ولا محل له من الاعراب.
عليه تتالت التصريحات واصفة الرئيس الاسد بـ"مجرم حرب"، وتداعى العالم، وسط دعوات لرد دولي قوي، فشكلت لجان تحقيق، وأصدر الخبراء تقاريرهم، وجرى التهويل بمحاكم دولية، بموازاة كل ذلك بدأت اميركا ومن خلفها العالم إعداد العدة والتلويح بحرب قادمة، والسبب هو "ان نظام سوريا تخطى الخطوط الحمراء"، ولا بد من تدخل عسكري مباشر، يقلب الطاولة عليه لكونه تجرأ على استخدام غاز السارين ضد المدنيين الابرياء.
لم تطل المسألة فما هي الا اشهر قليلة حتى انقلب السحر على الساحر، بعدما كشف مؤخراً الكاتب الاميركي سيمون هيرش تقريراً استخباراتياً يبين بشكل واضح ولا لبس فيه تورط حكومة اردوغان بالهجوم الكيميائي على غوطة دمشق، وأرفق ذلك بالكشف عن وثيقة استخباراتية تكشف أن "جبهة النصرة" لديها امكانيات لتصنيع غاز السارين.
مما لا شك فيه أن تقريرا بهذا الحجم ووثيقة بهذه الخطورة كان مقدراً لهما ان يهزا عرش أي رئيس في العالم، لكن المفاجئ هو ذاك الصمت الدولي المريب حيال حقائق، بالأمس القريب كان العالم برمته يسعى خلفها حينما كانت تتوافق مع مصالحه السياسية، ليعود ويتجاهلها بشكل تام، حينما جاءت مخالفة بل مناقضة لتلك المصالح.
فما كشفه سيمون هيرش كان بمثابة فضيحة عرّت النظام الدولي القائم، واظهرت الخفة وازدواجية المعايير التي يجري التعاطي بها مع هكذا مواضيع شديدة الخطورة، وكيف يستسهل العالم خوض الحروب بناء على فبركات واضاليل وهو ما يبرهن أن السيناريو العراقي ذاته الذي اعد لغزو العراق كان معداً لسوريا مؤخراً.
وما كشف كان يفترض أن يكون بمثابة اخبار يقتضي على القضاء الدولي ان يتحرك بموجبه للتحقيق والتدقيق في صحة ما نشر والادلة المتوافرة، لا ان يتجاهلها. فإذا ما تثبت من صحة ما نشر فان ذلك يرتب مسؤولية على الحكومة التركية وعلى شخص رئيسها الذي ارتكب وفق معايير المحاسبة القانونية الدولية "جريمة حرب" بكل معنى الكلمة، ولا يجوز له التنصل من مسؤوليتها او العقاب المناسب لحجم تلك الجريمة المرتكبة.
وفي هذا السياق، يرى استاذ القانون الدولي الدكتور خليل حسين، في حديث لموقع "العهد" ان استعمال الاسلحة غير التقليدية من قبل دولة ما يعتبر "جريمة حرب"، ويؤكد انه يمكن استناداً الى ما كشفه هيرش رفع دعوى لدى المنظمات الدولية المعنية ضد المسؤولين الاتراك، خصوصاً وان هذه الجريمة ينتج عنها جريمة اخرى هي جرم الابادة الجماعية.
لكن الدكتور حسين استبعد استخدام هذه الورقة بوجه تركيا، كون المنظمات المعنية بمكافحة استعمال الاسلحة غير التقليدية هي من المنظمات السياسية التي تسيطر عليها القوى الكبرى، وبالتالي فان امكانية محاكمة اي دولة تستعمل اسلحة غير تقليدية هو امر سياسي بامتياز ولا يحرك الا بظروف استثنائية مستهدفاً الدول التي تعاكس سياسات تلك الدول، كما حصل مع العراق عام 2003، كما ذكر حسين في هذا الاطار أن اول من استخدم هذه الاسلحة هو الولايات المتحدة الاميركية بعد الحرب العالمية الاولى دون ان يحاسبها أحد.
من جهته، رأى المحلل السياسي السوري الدكتور بسام ابو عبد الله، أن "ما كشفه سيمون هيرش يسقط ورقة التوت عن المجتمع الدولي ويظهر انه عبارة عن مجموعة قوى اعتادت السيطرة وارتكاب كل الجرائم دون سؤال"، مشيراً الى أن هناك تحولاً على الساحة الاقليمية والدولية يتمثل بانتصار سوريا والمقاومة، وهو ما ساهم بكشف جرائم هؤلاء.
واعتبر ابو عبد الله ان هناك سؤالاً كبيراً هو من الذي سرب هذه المعلومات من داخل الادارة الاميركية نقلاً عن تقارير استخباراتية، لا سيما بعد الانتخابات التركية؟!، خصوصاً انه سبق لهيرش ان نشر سابقاً ما مفاده ان المعلومات التي قدمت سابقاً عن استخدام النظام السوري للكيماوي لم تكن دقيقة وكانت معلومات مضللة للرئيس الاميركي باراك اوباما، سبق ذلك ما نشرته وكالة الاناضول ايضاً في ايار 2013 عن امتلاك جبهة النصرة 2 كلغ من غاز السارين قبل ان تعود وتحذف الخبر، كما تبع ذلك ما كشف مؤخراً من تسجيلات في مكتب داوود اوغلو بشأن التآمر على كسب في اللاذقية.
وفيما اشار ابو عبد الله الى كل ذلك يظهر ان القيمين على الحكومة التركية يفكرون بعقلية العصابات، لفت الى أن المطلوب اليوم هو تحرك على مستوى مجلس الامن والمنظمات الدولية من خلال تحريك الجبهة الدبلوماسية والسياسية والجبهة الاعلامية لكشف حقيقة هؤلاء أمام الرأي العام الاوروبي والعالمي وتحديد المسؤولية الجنائية والاخلاقية والسياسية.
وفيما شدد ابو عبد الله على انه يجب على منظمة حظر استخدام الاسلحة الكيماوية اعادة فتح ملف استخدام السلاح الكيماوي في سوريا بالكامل بناء على ما كشفه الكاتب الاميركي، لفت الى ان ما كشفه الاخير يوجه ايضاَ اتهاما للادارة الاميركية ذاتها مع ما يطرحه هذا الامر من تساؤلات حول من الذي يتلاعب بالمعلومات كما حدث مع العراق الذي مورس العدوان الاميركي على شعبه تحت يافطة معلومات عن حيازته اسلحة كيماوية، تبين فيما بعد انها كانت معلومات مفبركة ومضللة.
العهد