التحالف السعودي الاماراتي... نار تحت الرماد

التحالف السعودي الاماراتي... نار تحت الرماد

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٣ أكتوبر ٢٠١٨

" السعودية والامارات معا للابد"تحت هذا العنوان ارادت الدولتان، في المحافل الاعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، اثبات حبهما ووفائهما لبعضهما البعض وأن العلاقات بينهما  تستند على تحالف قوي، لكن هذا التّحالف الظَّاهر، يُخفي وراءهُ العديد من الملفات الشائكة بين البلدين من بينهما اليمن والحدود المشتركة ومسائل اخرى. 
وبالرغم من مرور اكثر من 3 اعوام على العدوان السعودي الاماراتي على اليمن الا انهم ومرتزقتهم لم يستطيعوا ان يكسروا المقاوم اليمني الذي ابى ان يقدم بلاده على طبق من ذهب لهم وحتى الان يقاوم ببسالة دفاعا عن ارضه وشعبه محققا انجازات عسكرية كبيرة.
وما نشاهده اليوم ان محمد ابن سلمان ولي العهد السعودي يلهث وراء السلطة ليس فقط في بلاده بل يريد ايضا ان يمتلك زعامة المنطقة العربية فهو يعتقد ان باموال بلاده الطائلة والدعم الاميركي والتودد الى الكيان الصهيوني يستطيع ان يحقق ما يتمناه. ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد ايضا يتقاسم معه الطموح وهو في الحقيقة يستغل السعودية لتنفيذ اجنداته التوسعية في المنطقة.
على كل حال رغم تحالفهما القوي والتأكيد على المصير المشترك بينهما فإن العلاقات بين السعودية والإمارات تحت رحمة ملفات شائكة بين البلدين، قد تجعل هذا التحالف مرحلياً.
فمنذ ثورات ما يسمى الربيع العربي وقف البلدان صفاً واحداً لوأده، وتجلى ذلك في دعم عبد الفتاح السيسي في مصر عام 2013، ودعم خليفة حفتر في ليبيا، بالإضافة إلى خوضهما  العدوان على اليمن.
وإن اتفق الطرفان في مصر وليبيا فإن اليمن تخفي بين أسطرها خلافات كبيرة، خاصة أن لكليهما وجهة نظره.
وفي ديسمبر الماضي، توقع الباحث بجامعة أكسفورد البريطانية صمويل راماني، أن المستقبل سيشهد توتراً في العلاقة بين السعودية والإمارات، مرجعاً ذلك إلى وجود خلافات جوهرية في سياستيهما الخارجية، مشيراً إلى أن تحالف الدولتين "أضعف مما هو ظاهر".
وأبرز ما يسلط الضوء على هذا الخلاف المشادة الإماراتية-السعودية أثناء وجود وفدي البلدين مع قادة تيارات مرتزقة متعارضة التوجهات بمقر الأمم المتحدة في جنيف، مارس الماضي، وانقسما بين مؤيد للانفصاليين الجنوبيين المدعومين من أبوظبي، ووفد حكومة الرئيس الهارب عبد ربه منصور هادي الذي يلقى مساندة من  الرياض.
ويتردد في الاروقة الاعلامية والسياسية تصاعد خلافات الإمارات والسعودية ضمن حربهما في إطار تحالف العدوان على اليمن المستمرة منذ ثلاثة أعوام، في ظل أطماع أبوظبي بتعزيز سياستها التوسعية ودعم نفوذها للسيطرة على مقدرات اليمن وتنفيذ أجندتها الخاصة.
والحقيقة ان الإمارات اشتركت في العدوان على اليمن للسيطرة على الموانئ اليمنية، وتمثل المنافسة على السيطرة في البحر الأحمر مسألة شديدة الحساسية بالنسبة للسعودية منذ إنشائها.
ومايؤكد ايضا ضعف التحالف الاماراتي السعودي ما قالته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بداية فبراير الماضي: " إن المعارك التي اندلعت مؤخراً في عدن جنوب اليمن بين ما يسمى بالمجلس الجنوبي الانتقالي المدعوم إماراتياً، ومرتزقة الرئيس المستقيل عبد ربه هادي، كشفت هشاشة التحالف بينهما".
كما قالت نيسان لونغلي، المختصة بالشأن اليمني في مجموعة الأزمات الدولية، أن السعودية والإمارات لديهما اختلافات في اليمن؛ "فالرياض تتقارب مع حزب الإصلاح اليمني المؤثر على الساحة اليمنية، وهو أحد أفرع الإخوان المسلمين، في وقت تعارض أبوظبي أي تعاون مع هذا الحزب"
في الحقيقة تعارض المصالح بين الامارات والسعودية ليس فقط مقصور على اطماعهم في اليمن حيث أن مسار الدولتين لم يخلُ من خلافات قديمة تطفو من حين لآخر على السطح، فبعد إعلان تأسيس دولة الإمارات عام 1971، وقع خلاف بينها وبين السعودية حول المناطق الحدودية في خور العديد وحقل الشيبة وواحة البريمي، ورغم توقيع الطرفين لاتفاقية جدة التي من المفترض أن تنهي الخلاف، إلّا أنه بقي قائماً، إذ يرى الإماراتيون أن الاتفاقية لم تنصفهم وفق تصريحات رسمية. ومن مظاهر هذا الخلاف رفض السعودية مشروع إنشاء جسر يربط الدوحة بأبي ظبي طُرح عام 2005.
حقل الشيبة
وليست الحدود وتوزيع الموارد النفطية النقطتين الوحيدتين في قائمة الخلاف، فرغم تأسيس مجلس التعاون الخليج الفارسي وتوّحد دول المنطقة وراء السعودية، إلّا أنّ "أبو ظبي"، وفق ما ينقله تحليل لهلال خشان من معهد ستراتفور بعنوان '"الخليج (الفارسي) الخفي بين أكبر قوى مجلس التعاون"، بقيت متوجّسة حول إمكانية استخدام الرياض لهذا الاتحاد قصد التحكم بجيرانها الأصغر، ولذلك عندما توّلى خليفة بن زايد الرئاسة عام 2004، بدأ يتحدى الهيمنة السعودية بالمنطقة عبر تقوية قدرات بلده العسكرية وتطوير الاقتصاد وتحريك السياسة الخارجية. ويمضي الكاتب ذاته في القول إنه "إذا كان الربيع العربي قد وّحد الدولتين معا عندما عملتا معا لأجل الابتعاد عن موجاته، فذلك لم يمنع اختلاف وجهات النظر بينهما".
ووصلت العلاقات إلى مرحلة سيئة خلال عام 2009، حينما أعلنت الإمارات انسحابها من مشروع السعودية إنشاء عملة خليجية موحدة، وتصاعدت إلى مرحلة خطيرة عام 2010 عندما أطلق زورقان تابعان للإمارات النار على زورق سعودي في خور العديد، واحتجز اثنان من أفراد حرس الحدود السعودي، وما زالت الحدود البحرية بين البلدين غير متفق عليها حتى اليوم.
 
بن زايد و بن سلمان... علاقة الاستاذ بالساذج
 
في وقت سابق تحدث "ديفيد هيرست"، مدير تحرير موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، عما سماه "مخطط الإمبراطورية الإماراتية"، حيث أشار إلى أن "اتساع نفوذ أبوظبي وصل إلى التلاعب بمصائر دول"، على حد تعبيره. 
وبحسب ما يشير تحقيق لروبرت مولر فربما تكون "الإمارات قد أصبحت الأكثر تأثيراً على سياسة واشنطن في الشرق الأوسط، وربما أيضاً أصبح تأثيرها يضاهي تأثير اللوبي الإسرائيلي (أيباك)".
ويشير إلى أن الإمارات أنشات "بشكل بارع وماكر شبكة من صناع القرار السياسي والباحثين والخبراء والحسابات الإلكترونية المفبركة بأمريكا، وتحاكي طرق بث الرسائل من قبل اللوبي الداعم لإسرائيل. وقد استخدم محمد بن زايد كل هذه البنية من أجل القبول بابن سلمان".
"دهاء محمد بن زايد"، بحسب وصف الصحفي الشهير روري دوناجي، كان وراء ما سماه "خطة" لتنصيب بن سلمان ملكاً على السعودية، بدلاً من محمد بن نايف، في منتصف العام الذي شهد حصار قطر من قبل الدولتين الخليجيتين الحليفتين.
وقال دوناجي، في مقال له على موقع "ميدل إيست آي"، صيف 2016، إن بن زايد قدم نصائح لبن سلمان، تعتمد على استراتيجيتين اثنتين: "إنهاء حكم الوهابية في السعودية، وفتح قناة قوية من التواصل مع إسرائيل".
 
هاتان النصيحتان كانتا من بين الخطوات التي سارت إليها السعودية بعد تولي بن سلمان ولاية العهد، وهو ما شهده المجتمع السعودي من إجراءات ألبست ثوب "التغيير والإصلاح".
وأضاف: "هذه الخطة التي دعمها بن زايد مدبرة بشكل جيد من قبل شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة، وساهم في ترويجها بقوة يوسف العتيبة؛ إذ سيتم التركيز على بن سلمان وتقديمه كبطل من قبل الصحافة والكونغرس، والأوساط الأكاديمية".
 
أما هيرست فيقول: إن "العتيبة يعتقد بالفعل أن سيده محمد بن زايد قد سيطر على السعودية مع صعود بن سلمان، الذي يمثل كتلة الشمع اللينة المثالية لتنطبع عليها المخططات الإماراتية".
مع كل ما استعرضناه سويا من توجهات متعارضة بين السعودية والامارات فالسؤال الذي يطرح نفسه الان الى متى سيكون شعار " السعودية والامارات معا للابد" له محل من الاعراب بالرغم من التارجح  في العلاقة بين البلدين؟