نظرة على الحياة الشخصية والسياسية لأبرز صقور الجمهوريين "جون ماكين"

 يمثل السيناتور عن ولاية اريزونا، جون ماكين، لغالبية الأمريكيين وخاصة الجمهوريين منهم بطلاً بامتياز، حيث جاء تكريمه على هذا الأساس من قبل البنتاجون. ولد ماكين في التاسع والعشرين من اب اغسطس عام ستة وثلاثين في مركز عسكري اميركي في منطقة قناة بنما حيث كان الاب أدميرال بحري كبير، وحفيد لجد كان ضابطاً كبيراً في البحرية وعاش ماكين متنقلا مع عائلته بين القواعد البحرية في أمريكا وخارجها. شخصية ماكين التي تشكلت عبر سنوات طويلة من الخدمة في البحرية الأمريكية، التي تعد أكثر ما يجذب الأمريكيين، عمل لنحو 22 عام كطيار في البحرية. شارك في حرب فيتنام، حيث أسقطت طائرته هناك وأسر لخمس سنوات حتى عام 1973.

 

ماكين وأزمات المنطقة

 

ومنذ دخول ماكين الحلبة السياسية عام 82، نجح في ان يكون شخصية سياسية محورية في الكونغريس الأمريكي. فبعد تقاعده العسكري عام 1981 انتقل الى ولاية اريزونا ليبدأ مشواره السياسي بفوزه في مقعد لمجلس النواب في العام التالي، ثم في الفوز في مقد في مجلس الشيوخ بعدها بأربعة سنوات. ترأس لجنة القوات المسلحة لمجلس الشيوخ، كما ونجح في صياغة تفاهمات مع الديمقراطيين لعدد من مشاريع القوانين لتحقيق أهدافه، والتي يعد منها زيادة النفقات العسكرية والتعويضات المالية للمحاربين القدامى.

 

لكن في مقابل ذلك يعتبر ماكين أحد صقور الحرب، فهو كان من أشد المتحمسين لغزو العراق، واكد مراراً ضرورة زيادة عديد القوات الأمريكية هناك. وكان من منظري استراتيجية الهيمنة على نفط دول الخليج الفارسي، كما كان من المحرضين على ان تقفز أمريكا الى مرحلة الاحتلال المباشر للسيطرة على ثورات الربيع العربي. كما ويعتبر ماكين من اقوى المؤيدين للتدخل العسكري في ليبيا عام 2011، فيما دأب على المطالبة في التدخل الأمريكي عسكريا في سوريا، حيث زار شمال سوريا سراً ودعا الى تزويد المسلحين هناك بالأسلحة الثقيلة وإقامة منطقة حظر طيران تشمل الأراضي السورية كافة، ومن أقواله حول سوريا وحزب الله قال ماكين أثناء حملته الانتخابية الرئاسية عام 2008 أنه "عاجلاً أم آجلاً، بطريقة أو بأخرى، على حزب الله تسليم سلاحه ويجب مواجهة أسياده في دمشق"، مشدّداً على أنّ دعم سوريا لحزب الله في لبنان عائق كبير أمام السلام في المنطقة، الا أن سخرية القدر أنه ماكين رحل وبقي النظام السوري والمقاومة بل وأصبحوا أكثر قومة من  ذي قبل.

 

ماكين إسرائيلي أكثر من الإسرائيليين أنفسهم

 

ويعتبر ماكين من أكثر المناصرين لإسرائيل وأشدهم تحيزا لها حتى أنه يعتبر صهيونيا أكثر من الصهاينة أنفسهم، وعند انشار نبأ موت ماكين سارعت القيادة الإسرائيلية الى ابداء الحزن والأسى لوفاة داعم رئيسي لهم، نعى الرئيس الإسرائيلي ريوفين ريفلين، اليوم الأحد، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي جون ماكين، الذي وصفه بأنه "قائد عظيم دافع عن بلاده، رجل ذو قيمة عظيمة وصديق حقيقي لإسرائيل". ومن جانبه، نعى أيضا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ماكين، واصفا إياه بأنه "داعم كبير لإسرائيل"، وفقا لما أوردته صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية. وأضاف نتنياهو، عبر صفحته على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"، "أشعر بحزن عميق لوفاة جون ماكين، وهو أمريكي عظيم محب لوطنه ومؤيد كبير لإسرائيل. سأظل دائماً أقدر الصداقة الدائمة التي أظهرها لشعب إسرائيل ولي شخصياً. لم يتأرجح دعمه لإسرائيل أبدا".

 

عداء ماكين لإيران لا يضاهى!

 

كما ويعد ماكين من أبرز المعادين للجمهورية الإسلامية في إيران، حيث دعا أكثر من مرة الى توجيه ضربة عسكرية قوية لطهران لما تشكله من خطر على حلفائه الإسرائيليين، ودعا أيضاً الى تشكيل جيش من 100 الف مقاتل سني لمواجهة ايران في المنطقة. كما وعمل على دعم جماعة مجاهدي خلق الإرهابية في الكونغريس الأمريكي، والتقى برئيسة الحركة مريم رجوي. كما وأعلن دعمه للاضطرابات التي شهدتها بعض المدن الإيرانية معلناً وقوفه لما وصفهم بالمعرضين للنظام الإيراني.

 

السعودية وماكين...مصالح مشتركة

 

وبالنسبة للسعودية فكان الوضع مغايراً، فكان ماكين من أبرز الداعمين للعائلة الحاكمة في السعودية، حيث ساندها في كثير من المواقف وكان يزورها دورياً ويقدم المشورة للقادة السعوديين وخاصة في حرب اليمن، حيث كان من أبرز الداعمين لهذه الحرب وقال أنه لولا تدخل السعودية في اليمن لكان الوضع أكثر سوءاً، وبعد سماع السعوديين نبأ موت ماكين وجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رسالة تعزية للشعب الأمريكي حيث قال في تغريدة على تويتر " "خالص تعازينا للشعب الأمريكي، الذي فقد السناتور جون ماكين". وأضاف: "ماكين كان بطلا، كرس حياته لخدمة بلاده، ودعم الأمن والسلام العالمي، وكان صديقا عظيما للمملكة العربية السعودية". واستطرد: "بكل تأكيد، لقد افتقدناه".

 

ماكين وكرهه الأعمى لترامب

 

ويعد ماكين من الأعضاء القليلين الذين انتقدوا علناً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فهو بنظره لا يمثل القيم الأمريكية عندما يشكك في وسائل الاعلام التي لا تروقه، ويتجاهل مسألة حقوق الانسان ويحتقر اللاجئين، وفي آخر تصريح له عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان حول لقاء الأخير بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة هلينسكي البولندية حيث أصدر بيانا وصف فيه المؤتمر الصحفي المشترك بين الزعيمين بأنه "أسوأ أداء لرئيس أميركي تعيه الذاكرة"، وقال إن ترامب "لم يكن قادرا على مواجهة بوتين فحسب بل لم يكن راغبا في ذلك". كما وقالت مصادر مقربة من عائلة ماكين ان الأخير لا يزال يبغض ترامب حتى بعد موته حيث أوصى بعدم دعوة ترامب لحضور جنازته.

 

ختاماُ، طموحات ماكين لم يكن لها حدود، كانت عينه على الرئاسة الامريكية التي فشل في الوصول اليها في فترتين الأولى عام 2000 عندما خسر الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري امام جورج بوش الابن، والثانية بعد ثماني سنوات أمام منافسه الديمقراطي باراك أوباما.  الا أنه اليوم وبعد صراع طويل مع مرض السرطان، خسر السناتور الاميركي ماكين معركته مع الحياة كلياً ومات غداة اعلان عائلته قراره التوقف عن تلقي العلاج عن عمر يناهز واحد وثمانون عاما.