"بيض" الوهابية في حفرة الحرب على سورية.. السلفية "تتصابى"

"بيض" الوهابية في حفرة الحرب على سورية.. السلفية "تتصابى"

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٩ سبتمبر ٢٠١٦

مذ غيرت "جبهة النصرة" جلد أمها، تنظيم القاعدة، وهي «تبيض» الميليشيات المتطرفة في أي مكان تستطيعه على الأرض السورية، ترتفع وتيرة سلسلة الانقسامات في صفوف مقاتلي "النصرة" أو «فتح الشام»، التنظيم الذي يحاول بحلته الجديدة و«النيو لوك» أن يحافظ على مستواه في أن يكون بديلا معتمدا عن ميليشيا "الجيش الحر" لدى رعاة الحرب على سورية.
الانقسامات المتتالية في صفوف «النصرة» والتي ينظر إليها على أنها اصطفافات جديدة، ليست على الأقل مجرد دليل على التصارع العقائدي القائم حقا في صفوف الجهاديين السلفيين، بقدر ما هي إعادة تشكيل لصفوف تلك المجموعات التي دخلت بينتها الإيديولوجية مرحلة الشيخوخة ما جعل السعودية تتحسس رأسها، لأن التجربة كشفت أن أبناء السلفية من عوام الجهاديين ميالون لمن يدفع أكثر، وربما بطرفة عين وزيادة في الراتب يبايعون جماعة الإخوان المسلمين ليصبحوا على مذهب قطر الجهادي وهو ما لا تريده الرياض التي تخشى كيد المنافسين الخليجيين لها.
تعيش السلفية السعودية وجماعة الإخوان المسلمين في نفس النفق، وربما يتجاوران في وضع بيوضهما إلى حين «التفقيس» الدموي، لكنهما ليسا على وفاق تام تبعا لاختلاف أمزجة ولاة الأمر، السعودية وقطر وتركيا، الأولى لم تعد تحتمل تضخم الأنداد على ساحة التطرف خصوصا بعد الفشل في اليمن، والغياب في مقاعد الصف الأخير على صعيد الحرب على سورية، أما قطر التي تتلون بحسب البيئة السياسية الدولية فإنها تدخل "النصرة" ومشتقاتها في بيت الطاعة بريال الدوحة الذي يبدو أنه أكثر تحملا من ريال الرياض أمام الشؤم الاقتصادي المحتمل بعد الإسراف في تصنيع الميليشيات والتسلح دون جدوى.
حتى الآن تستميت السعودية لئلا تخسر موقعها في الحرب على سورية، لذلك تكثر من افتتاح فروع الميليشيات بتسميات مختلفة لمنافسة قطر، صاحبة المال الداعم والتي تعتمد عليه للحفاظ على موقعها هي الأخرى، وهنا تظهر محاولة الاستقطاب السعودي الذي يمارس على ميليشيات عدة لزجها تحت جناح بطة الرياض العرجاء التي فقدت القدرة على العوم سياسيا، ولم يبقى بيدها سوى الحيلة السلفية لتمارس سطوتها كما السابق في المنطقة.
على هذا المنوال يجري توقع الصورة «الجهادية» السلفية الجديدة، قطعان الجهاديين تتوزع تحت رايات شتى وتتبعثر لاستنزاف سورية، حتى وإن لم تتوحد تبعا لنكد الضرتين القطرية والسعودية على «شرف» نيل ولاء الديك الأميركي الذي يعاني هو الآخر، في مخاض الانتقال إلى العهد الجديد كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية.
تباين حاد يظهر على زاوية الصورة الجديدة، فالأتراك يتملقون واشنطن همسا، وعلى حساب «إخوانيتهم» المسألة في ثوب العلمانية التي يراد منها خطب ود الأوروبيين، لذلك هم لا يريدون "جبهة نصرة" بإيديولوجيا سلفية تجعل من توجيهها أمر مرهق وسط ميدان استغرق الخطط الغربية ولم يقدم المطلوب، أما السعودية الفاقدة للتأثير نوعا ما فهي تريد جهاديين «مطاوعة» بثوب مقاتلين وإلا انكسرت شوكتها إلى الحد الأخير، بينما قطر تلعب على الحبلين، تارة تبارك السلفية الوهابية التي تتصابى ببذر بيوضها كلما أمكن، وأخرى تمد تطرف الإخوان المسلمين بكل ما يلزم، وما يؤرقها ألا تقع عن أي حبل.