السعودية – "إسرائيل".. الود منذ "الأبيض والأسود"

السعودية – "إسرائيل".. الود منذ "الأبيض والأسود"

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١٦ أغسطس ٢٠١٦

تقدّر السعودية جيدا الكيان العبري الذي لولاه لبقيت الرياض في حجمها الطبيعي، وهكذا اعتقاد لا يمكن أن يكون كيديا فالتجربة تثبت ذلك، إذ لطالما حاولت السعودية أن تضع حدا لكل الحركات السياسية والمقاومة التي تعاند "إسرائيل"، حتى نمت العلاقة سرا وصولا إلى التطور العلني الأخير الذي كلله "مناحي مناحيك نفوت" أحد أهم المسؤولين الأمنيين السابقين في الموساد حينما أكد أن السعودية بالفعل تؤكد العلاقة مع كيان الاحتلال.
تقوم السعودية على شخصيات تعتبر صديقة وشريكة "لإسرائيل"، بحسب نفوت، وهذا لا يعني أن هذه الشخصيات عادية ومتوسطة الأهمية، ولولا أنها كانت على مستوى عالٍ من التأثير الاقتصادي والسياسي وربما الديني المتشدد الذي سيجيز لاحقا بسطوة التكفير التطبيع المشؤوم، لما رفع الموساد تلك الشخصيات فوق الأرض، ولو بمقدار الشبر الواحد، ولما أقام لها أي اعتبار، الأمر لم يعد جديدا ولا مفاجئا لكن لمَ كل هذا العناق السياسي السعودي – الإسرائيلي؟.
واقعا، يقبع الاحتلال الإسرائيلي وسط منطقة ذات أبعاد تؤمن بموروث ديني، هذا مما لاشك فيه، كما أنها تحتل فلسطين الأرض التي تحظى بالقدسية الدينية لدى مكونين هما الأساس في الشرق الأوسط، المسلمين والمسيحيين، ويقوم الكيان العبري وفق عقيدة دينية متشددة تمثل عكس ما لدى مكونات الشرق الأوسط الدينية والقومية، هي فعلا بحاجة إلى "بنك فتاوى" يضمن لها الاستقرار وسط كل تلك الأمواج التي ستقول لها لا إمكانية لان ترسو سفينة الدولة الصهيونية على شاطئ فلسطين وتصل نهري الفرات بالنيل وفقاً لنبؤات يسوقها الصهاينة على أنها حقائق.
الجديد هو أن العلاقة السعودية – الإسرائيلية تعود إلى ستينيات القرن الماضي وفقا لنفوت، إذا أعلن المسؤول الأمني الصهيوني حرفياً أن لا عداوة جمعت الطرفين، ومنذ ذلك الوقت فقد مرت المنطقة بأحداث على مستوى عال من المواجهة حاولت خلالها الرياض أن تقول أنها خصم للكيان العبري، ليتضح فيما بعد أن كل تلك المواقف لم تكن أكثر من خداع تقنعت خلفه في سبيل غايات يحاول الطرفان تحقيقها على الأرض الآن.
لولا السعودية لواجهت "إسرائيل" الكثير من العقبات الصعبة، بل ربما لانحسرت عما هي عليه على خارطة فلسطين، فالرياض بارعة جدا في تشتيت المنطقة وتدوير السلاح إلى الجهة الخطأ بعيدا عن وجه كيان الاحتلال، لكن، والسؤال الثاني، ما الذي تريده السعودية من "إسرائيل"؟.
تقبع السعودية التي نشأت في فترة مقاربة زمنيا لاحتلال فلسطين، في منطقة غنية بالثقافات والاتجاهات الفكرية والدينية والمذهبية، لتبدو كعلامة فارقة فيما لو نظر إلى المنطقة من زاوية أعلى، كنقطة سوداء غريبة عن عقلية الشرق، لذا فهي بحاجة إلى كيان يشغل اتجاهات المنطقة عن التوجه إليها وتقييمها ومعالجة وجودها بشكل فعلي، ذلك الوجود الذي أثر بسوداوية عجيبة على مختلف أنواع الوجود إقليميا منذ اللحظة الأولى لانتقال الحكم الذي قام بالسلاح من الدرعية في أرض الحجاز إلى الرياض على يد آل سعود.
لذلك لا يبدو غريبا العلاقة قائمة بين الكيانين منذ ذلك الوقت، لكن المهم ما الذي يريده هذان الكيانان حاليا من المنطقة بعد أن توازت خطوط سياستهما وصولا إلى نقطة لقاء مشتركة تجمعهما بشكل وثيق؟، بالضبط ما يحصل حاليا من مشروع "الفوضى الخلاقة" هو تسطيح عقل المنطقة وردها إلى عصور ظلامية تهون السيطرة عليها وعلى مقدراتها الهامة بالنسبة للغرب حيث غرفة العمليات الرئيسية، فمهمة السعودية دائما كانت تفتيت العوائق الصخرية في وجه الاحتلال، بينما مهما الكيان العبري التثبيت قدر الإمكان في الأراضي المحتلة، تحالف منذ زمن «الأبيض والأسود» لطالما تلوّن وصولا إلى الصورة «الديجتال» الآنية، حيث تدار حروب أولئك بالتحكم عن بعد، لإنجاز المهمة الكبرى.