قطر .. كيف سقط الأمير ؟

قطر .. كيف سقط الأمير ؟

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٤ أغسطس ٢٠١٦

أحمد الحباسى

من عادة قناة الجزيرة القطرية الصهيونية أن تفعل من الحبة قبة كما يقال ، من عادتها التنقيب عن الأسرار الدفينة و من عادتها أيضا أن تزور الحقائق، من عادتها أن تهتم بكل كبيرة و صغيرة تهم الحكام العرب و أن تغطى عيوب الفاسدين بأمر من المخابرات الصهيونية الأمريكية و تفضح البعض متى صدرت الأوامر بتعليق المشانق.

ما ذكرنا باختزال شديد هي إحدى المهمات القذرة لقناة التضليل القطرية، و لكن القناة الإرهابية الملوثة بالدم السوري فقدت كل هذه الصفات ” المهنية” فجأة حين سقط أمير قطر السابق فلم تبحث عن السبب و لم تبحث عن الخفايا و لم تجد ما يؤثث سهراتها الماجنة التي تخصصها لضرب الوحدة العربية و تعميق الجراح و نشر خطاب التطبيع و الكراهية و الفتنة الطائفية و المذهبية، هذا يعد سقوطا مهنيا للقناة بكل المقاييس يضاف إلى كثير من الخطايا الإعلامية و الأكاذيب و عمليات التلفيق المنظمة التي اعتمدتها منذ بداية المؤامرة القذرة على سوريا.

يعلم المتابعون للشأن القطري حتى لو لم تتحدث الجزيرة و لم تبحث “ما وراء الخبر ” كعادتها أن وراء سقوط الأمير القطري العميل من حكم المحمية القطرية الصهيونية ما وراءه و أن الحديث عن تنازله لفائدة ابنه الأمير تميم لم يكن إلا مسرحية أعدتها المخابرات الصهيونية تحت ضغط الولايات المتحدة الأمريكية التي أبدت انزعاجها الكبير من فشله الواضح في تنفيذ ” وعوده” بإسقاط الرئيس الأسد في مهلة الأسابيع الأولى الأخيرة التي حددها الرئيس باراك أوباما في أول خطبه التي تناولت الحدث السوري بالساعات ، فالأمير المخلوع قد تعهد للمخابرات الأمريكية بقدرة جماعاته الإرهابية التي دربتها حركة النهضة التونسية و بعض الفصائل الليبية تحت قيادة الإرهابي عبد الحكيم بلحاج و رعت وصولها إلى الأراضي السورية المخابرات التركية بقيادة رئيسها الصديق الحميم لرئيس الدولة التركية هاكانن فيدان ، تعهد الأمير أيضا بأنه سيضع كل المعلومات التي تملكها المخابرات القطرية و التي استقتها من عدة أجهزة مخابرات عربية مثل المخابرات الأردنية و التونسية و فرع المعلومات اللبناني بقيادة الراحل وسام الحسن على ذمة المخابرات الصهيونية الأمريكية لتحقيق ضربات جراحية نوعية من شأنها توفير المناخ الملائم لإسقاط الرئيس السوري و فرض حالة من الفوضى الشعبية العامة تستغلها بعض عناصر المارينز و قوات الكوماندوس البريطانية للاستيلاء على عدة أماكن حساسة من شأنها أن تفرض على الرئيس السوري الهروب أو تقديم الاستقالة حتى يتجنب عملية اغتيال متوقعة .

من جزئيات الوعد القطري أن احتلال سوريا بواسطة الجماعات الإرهابية سيفرض حالة من الحرب الأهلية بين الطوائف السورية تكون مقدمة لتفتيت البنيان السوري الموحد بحيث تنتقل العدوى إلى لبنان لينشغل حزب الله بمشاكله الداخلية و يتخلى عن مساندة النظام السوري ، أيضا كانت هناك وعود قطرية بأن حركة الإخوان العالمية الموزعة على بلدان مهمة في المنطقة مثل سوريا و تركيا و مصر و الأردن و تونس إضافة إلى ليبيا و المغرب و الجزائر و السودان ستشكل حلقة تخنق النظام السوري باستعمال كل الوسائل العنيفة المتاحة لإسقاط النظام و الانتصاب بالشام لتشكيل دولة الخلافة التي ستكون الضمانة الرئيسية القوية لأمن إسرائيل ، لكن من الواضح أن الأمير القطري لم يحسبها جيدا و لم يأخذ بالاعتبار قوة النظام السوري و قدرته على تحمل الضربات الإرهابية الأولى و سرعة تجاوب السلطات الإيرانية و حزب الله لمساندة المجهود العسكري السوري لمواجهة المؤامرة ، أيضا من الثابت أن الأمير قد فوجئ تماما بالفيتو الروسي الذي شكل بداية تفكير الإدارة الأمريكية في تغييره بسحب الملف السوري منه تحت وطأة إخفاق الجماعات الإرهابية في فرض المنطقة العازلة التي كانت ستشكل بداية النهاية للنظام السوري و تفتت ما سمي بالائتلاف السوري المعارضة و بروز عدة تناقضات مفضوحة و تكليف بندر بن سلطان برئاسة المخابرات السعودية و إعداد ” مشروع” جديد لإسقاط الرئيس السوري .

من المعلوم أن مصر تشكل بالنسبة للإدارة الأمريكية عنصرا مهما في سياستها في المنطقة و من المعلوم أن السياسة الأمريكية تجاه مصر لم تتغير في عهد حسنى مبارك رغم كثير من علامات الاستفهام و الغضب بين الجانبين ، لذلك لم يرق للإدارة الأمريكية أن تعمد المحمية القطرية لاختلاق صراع ساخن مع القاهرة بوقوفها إلى جانب الإخوان في صراعهم الدموي ضد النظام المصري ” العلماني ” الأمر الذي كان بإمكانه أن يدفع القيادة المصرية الجديدة لاعتبار أن تصرف المحمية القطرية هو تصرف تحت الإملاء الأمريكي لغاية إسقاط النظام الجديد و أن هجوم قناة الجزيرة المتواصل هو رسالة أمريكية واضحة العداء لهذا النظام بما يدفعه من باب العناد أو من باب الرد بالمثل للدخول في حلف مع الجانب الروسي بما سيشكل طبعا ضربة موجعة للدبلوماسية و السياسية الأمريكية في المنطقة خاصة أن نفس الإدارة تحمل مسؤولية رجوع روسيا بهذه الوتيرة الغير مسبوقة إلى سوريا إلى إخفاق الأمير في إسقاط الرئيس السوري في المهلة المحددة و في فترة التردد الروسي الأولى ، بل لعل أول زيارة للرئيس المصري إلى روسيا في فيفرى 2014 قد أتت بمثابة إنذار علني للإدارة الأمريكية حتى تكبح جناح عميلها القطري .

من الواضح أن عدة عوامل سلبية متداخلة قد عجلت بسقوط العميل القطري بل لعل فشل المؤامرة الخليجية الصهيونية على سوريا قد بدأت منذ سقوط الأمير الخائن بحيث لم تستطع السعودية رغم مجهودها المالي و الإعلامي و الإرهابي من تغطية” العجز” القطري في تنفيذ المهمة القذرة الأمر الذي دفع الجماعات الإرهابية التي تلقت ضربات موجهة موجعة على يد القوات السورية و الروسية و مجاهدي حزب الله آخرها في حلب لتعيد تحالفاتها القذرة و تنتقم من الجهات الخارجية التي مولتها لكنها تراجعت عن ذلك في الآونة الأخيرة الأمر الذي يفسر في نظر كثير من المتابعين التفجيرات الحاصلة في تركيا و ألمانيا و فرنسا ، يشار أيضا إلى أن عملية القبض على إسامة بن لادن و اغتياله من طرف القوات الأمريكية الخاصة قد كشف للإدارة الأمريكية وجود علاقة تمويل بين احد القيادات القطرية القريبة من الأمير و الإرهابي الراحل بما فرض على الرئيس الأمريكي مطالبة الأمير بالتنحي غصبا عن الحكم أو مواجهة عملية تجميد لأمواله المودعة بالخارج ، و بالنهاية خرج الأمير الخائن من معادلة قذرة ظن أنها سترفعه إلى زعامة المنطقة فبات مجرد ورقة محترقة .