المشهد السوري... إرهاصات حرب عالمية؟!

المشهد السوري... إرهاصات حرب عالمية؟!

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١١ فبراير ٢٠١٦

عباس الزين - بيروت برس -
دخل الميدان السوري في مرحلة اللاعودة، حيث ان الحسم العسكري من قبل الجيش السوري والمقاومة اللبنانية الى جانب الدعم الجوي الروسي، أصبح أمرًا مفروغًا منه، غير قابل للمساومات السياسية، فلا إمكانية لوجود أي طرح على طاولة المفاوضات من قبل المحور المذكور، يُنبئ بأي تسليم للواقع الميداني، عبر ترك هامش تحرك للمجموعات المسلحة.
التطورات الميدانية التي شهدتها سوريا مؤخرًا، شكلت قلقًا واضحًا، للدول الداعمة للمجموعات المسلحة وعلى رأسها السعودية، التي بدأت ترى مجموعاتها العسكرية تخسر الميدان، والمعارضة التي شكلتها لم تفلح في فرض برنامجها السياسي للأزمة السورية، مما دفعها مرغمةً على اتخاذ القرار اليائس، بإرسال قوات عسكرية الى سوريا تحت غطاء "التحالف الدولي" الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، ليرتسم المشهد من جديد، حيث اصبحت المعركة بين الدول المعنية بالأزمة السورية بشكلٍ مباشر، ولم تعد المجموعات المسلحة قادرة على التحكم بمجريات الميدان، إضافة الى ان بعضها أصبح يشكل عبئًا من دون أي نتائج.
زعمت السعودية أن القوات المشتركة المُزمع إرسالها الى سوريا، هدفها محاربة تنظيم "داعش"، إلا ان تلك الحجج لم تنطلِ على روسيا، وبدت الصورة واضحة لإدارة الرئيس بوتين، ان السعودية تريد دخول المعركة بشكلٍ مباشر، بعد فشل وكلائها في حسمها لصالحهم.
أخذ الروس الموقف السعودي الجديد على محمل الجد، لإدراكهم أنّ السعودية ستلعب كل اوراقها في سوريا، حتى لو اضطرت لإدخال قواتها، وهو أمر غير مستبعد عن العقل السعودي المتهور، والذي تدفع به أميركا الى الهاوية، انطلاقًا من اليمن. بناءً عليه، وجهت روسيا رسالة واضحة للمجتمع الدولي مفادها ان غاراتها الجوية وتدخلها العسكري في سوريا، شرعي من الناحية القانونية، كونه جاء بطلبٍ من القيادة السورية. أرادت روسيا من خلال تلك الرسالة، وبالتنسيق مع سوريا، إفهام المجتمع الدولي ان اي تدخل عسكري من قبل دولة ما، من دون موافقة الحكومة السورية، يُعتبر إعتداءً ستواجهه روسيا وسوريا على قاعدة انه إحتلال، لا يختلف من الناحية العسكرية عن تواجد المجموعات المسلحة في المناطق السورية.
التصاريح الروسية التي حذرت من إحتمال اندلاع حرب عالمية، في حال حصل التدخل البري، أكدت ان روسيا لن تتهاون مع أي اعتداء، الذي سيتحول فورًا لإصطفافات دولية ومحاور متحاربة فيما بينها. وفي هذا السياق، حذر رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف من اندلاع حرب عالمية جديدة وتعطيل المفاوضات السورية، حال تدخل قوات عربية إلى الحرب في سوريا، وأشار مدفيديف الى أن "على الأمريكيين وشركائنا العرب أن يفكروا في مسألة حدوث حرب مستمرة.. هل هم يعتقدون بالفعل أنهم سيفوزون بحرب من هذا النوع بسرعة كبيرة؟"، مضيفًا "يجب إجبار جميع الأطراف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بدلًا من نشوب حرب عالمية جديدة".
يأتي الكلام الروسي، بالتزامن مع تعنت سعودي وإصرار على المضي بقرار التدخل العسكري، حيث أعلن المتحدث باسم "التحالف العربي" أحمد عسيري أنّ "قرار الرياض بإرسال قوات برية إلى سوريا لمحاربة تنظيم "داعش" نهائي ولا رجعة عنه"، معتبرًا أن "التدخل البري في سوريا تحيطه المخاطر كأي عمل عسكري آخر"، زاعمًا "جاهزية إرسال قوات إلى سوريا بمجرد اتخاذ "التحالف" قرارًا بذلك"، موضحًا ان "الجهود الدبلوماسية لتشكيل "التحالف الإسلامي" ضد الإرهاب قد انتهت"، وأعلن العسيري "دخول "التحالف الإسلامي" ضد الإرهاب حيز التنفيذ خلال شهرين".
الحرب العالمية التي تحدثت روسيا عن إمكانية حصولها غير محصورة بالتدخل العسكري السعودي، بل بتبعات هذا التدخل، ولا سيما من جهة مشاركة حلف "شمال الأطلسي" (الناتو) أيضًا في الحملة العسكرية، وهنا يأتي الدور التركي البري المساعد للتدخل السعودي، تحت غطاء أميركي من جهة "التحالف الدولي" بالنسبة للسعودية، و"الناتو" بالنسبة لتركيا. وفي هذا السياق، أعلن وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر أن "الولايات المتحدة تدرس إمكانية التحاق  "الناتو" كعضو في "التحالف الدولي" المناهض لتنظيم "داعش""، وأضاف كارتر إن "دول "الناتو" اتفقت على تكثيف ضرباتها ضد "داعش""، داعيًا "دول الخليج إلى تكثيف مساهمتها في الجهود العسكرية ضد التنظيم خلال الفترة المقبلة"، لافتًا الى وجود "قنوات اتصال بين الولايات المتحدة وروسيا تحسبًا لتعارض مصالح البلدين أو حدوث تصادم عسكري بينهما في سوريا".
بدوره، أعلن الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ، أن "أعضاء الحلف وافقوا على إرسال طائرات إنذار مبكر "أواكس" إلى سوريا لتقديم المساعدة في محاربة تنظيم "داعش""، وأضاف ستولتنبرغ في مؤتمر صحفي عقده في أعقاب اجتماع لوزراء دفاع دول الحلف في بروكسل إن ""الناتو" سيعمل على تشديد الراقابة عند الحدود السورية التركية"، موضحًا أن "القرار سيسمح للولايات المتحدة بسحب طائرات "أواكس" الخاصة بها وبعض وسائل المراقبة الأخرى من العمليات الجارية في سوريا".