بالتفاصيل الميدانية والسياسية.. هل نقترب من حرب عالمية؟

بالتفاصيل الميدانية والسياسية.. هل نقترب من حرب عالمية؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٩ فبراير ٢٠١٦

حذر الصحفي "جو لوريا"، مراسل الشؤون الخارجية في الأمم المتحدة، في تقرير منشور على الموقع الإلكتروني الأمريكي "كونسورتيوم نيوز"Consortium news  المعني بنشر التحقيقات الصحفية المستقلة، من مخاطر اندلاع الحرب العالمية الثالثة في سوريا، مؤكداً أن الأمور قد تسوء وتصل إلى عواقب لا يُحمد عقباها في الحرب التي لن تكون فيها الولايات المتحدة وروسيا حليفتين كما كانتا في الحرب العالمية الثانية.

يستهل التقرير بالإشارة إلى أنه في أعقاب رفض المعارضة السورية محادثات السلام، وقيام الجيش السوري - مدعوماً من روسيا - بقطع خطوط الإمداد التركية إلى المجاهدين وغيرهم من المعارضة السورية المسلحة، بات واضحاً أن الولايات المتحدة وحلفاءها "السنة" في الشرق الأوسط على استعداد لغزو سوريا؛ من أجل "تغيير النظام" حتى ولو كان في مثل هذا الأمر مخاطرة بـ "حرب نووية" مع روسيا.

حل عسكري
ينوه كاتب التقرير إلى تصريحات أدلى بها وزير الدفاع الأمريكي "آشتون كارتر" في تشرين الأول الماضي، ولم تحظ باهتمام كاف كما يرى الكاتب، مفادها أن "الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ إجراءات مباشرة على الأرض في سوريا"، وعلاوة على ذلك، فقد أشار نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" خلال زيارته إلى اسطنبول الشهر الماضي أنه "إذا فشلت محادثات السلام في جنيف، فإن الولايات المتحدة لديها الاستعداد الكامل لحل عسكري في سوريا".

يقول التقرير: "لقد إنهارت بالفعل محادثات السلام حتى من قبل أن تبدأ، وتعتزم الأمم المتحدة إعادة بدء المحادثات يوم 25  شباط الجاري، بيد أن الأمل ضئيل في بدء هذه المحادثات بصورة جدية، لاسيما أن المعارضة السورية قد وضعت شروطاً عديدة، أكثرها أهمية أن تتوقف روسيا عن عملياتها العسكرية الداعمة للحكومة السورية التي تحقق مكاسب كبيرة على الأرض".

ويلفت التقرير إلى أنه في أعقاب انهيار المحادثات بيوم واحد فقط، كشفت وزارة الدفاع الروسية عن أن تركيا تقوم باستعدادات سرية لإجراءات عسكرية مباشرة في سوريا، وهو ما أيده حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة في تركيا).

يقول التقرير: "يبدو أن تركيا، التي جددت حربها ضد حزب "العمال الكردستاني" داخل حدود أراضيها، عاقدة العزم على سحق ظهور دولة كردية مستقلة داخل سوريا، وقد منع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأكراد السوريين من حضور محادثات جنيف التي أُجهضت قبل بدايتها".

حيلة
وبرأي التقرير، فإن الولايات المتحدة ليست جادة في حربها ضد تنظيم "داعش" الإرهابي؛ إذ أن العدو بالنسبة إلى الطرفين مشترك وهو الرئيس السوري بشار الأسد. وإذا كانت الولايات المتحدة لديها الرغبة الصادقة لدحر "داعش"، فإنه كان يتعين عليها الأخذ في الاعتبار باقتراح روسيا الانضمام إلى "التحالف" ضد داعش، تماماً كما فعلت الولايات المتحدة من قبل ضد النازيين.
   
ويوضح التقرير أن اتخاذ انهيار محادثات جنيف كذريعة للتدخل العسكري يُعد "حيلة" في حقيقة الأمر؛ وخاصة أن الأمل المعقود على نجاح تلك المحادثات كان ضئيلاً جداً. أما السبب الحقيقي للمواجهة المقبلة في سوريا فيتمثل، بحسب كاتب التقرير، في نجاح التدخل العسكري الروسي في الدفاع عن الحكومة السورية ضد تنظيم "داعش" الإرهابي وغيره من الجماعات الإرهابية المتطرفة.

ويصف التقرير: "ليس من قبيل المصادفة أن الاستعدادات العسكرية لغزو سوريا تأتي بالتزامن مع تحركات بشار الأسد، مدعوماً بالغطاء الجوي الروسي، لتحرير مدينة حلب، العاصمة التجارية للبلاد، وتم بالفعل قطع خطوط الإمداد التركية إلى قوات المعارضة في هذه المدينة. وعلى ما يبدو أن الولايات المتحدة لا تتحمل مشاهدة روسيا وهي تحرز تقدماً ونجاحاً في سوريا".

حرب تاريخية
ويحذر التقرير من أن الأمور قد تسوء وتصل إلى عواقب لا يُحمد عقباها في الحرب التي لن تكون فيها الولايات المتحدة وروسيا حليفتين كما كانتا في الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أن مصالح الولايات المتحدة التي تدفعها إلى مثل هذه المخاطرة في سوريا لا تزال غير واضحة تماماً حتى الآن.

ويقول التقرير: "بيد أن الولايات المتحدة تسعى إلى إزاحة موسكو من المشهد السوري منذ بداية التدخل الروسي، ويبدو أنها كانت تنتظر الفرصة المناسبة التي تلوح في الآفق في الوقت الراهن وفقاً لما تفرضه الأحداث".

ويرى كاتب التقرير أن إسقاط تركيا للطائرة الحربية الروسية في شهر تشرين الثاني الماضي كان بمثابة محاولة لاستفزاز روسيا وجرها إلى صراع يسمح لحلف الناتو أن يقوم بطرد موسكو من الأجواء الروسية. ولكن روسيا كانت أكثر ذكاءاً وبدلاً من الوقوع في هذا الفخ، قامت بفرض عقوبات على تركيا وحثت الروس على عدم زيارة الأخيرة؛ للإضرار بالاقتصاد التركي.

ويختتم التقرير: "على الأرجح أننا نترقب حالياً اندلاع حرب تاريخية بالغة الأهمية، حرب تتجاوز الحروب بالوكالة التي دارت بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة خلال حقبة الحرب الباردة، وتتجاوز أيضاً الحرب بالوكالة التي اندلعت في سوريا ولا تزال مشتعلة منذ خمس سنوات. إن روسيا موجودة بالفعل على الأراضي السورية، ومن ثم فإن دخول الولايات المتحدة وحلفائها ينذر بخطر المواجهة المباشرة بين أكبر قوتين نوويتين في الكرة الأرضية .. الحرب العالمية الثالثة".