قضية أسانج تتفاعل: متى ينتهي الاحتجاز التعسّفي؟

قضية أسانج تتفاعل: متى ينتهي الاحتجاز التعسّفي؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ٦ فبراير ٢٠١٦

لم يكن قرار اللجنة الأمميّة بحقّ مؤسّس «ويكيليكس» عابراً. يجب إنهاء «الاحتجاز التعسّفي» بحق جوليان أسانج، هو خلاصة القرار. هذا الجزء من القضيّة يعرفه كثيرون، ولكنّ أهميّته تكمن في تبعاته ومستوى تأثيره، برغم أنّه ليس ملزماً قانوناً. ولكن ماذا يحدث الآن؟ سيبقى أسانج لاجئاً في سفارة الإكوادور إلى أن تَرفع حكومَتا بريطانيا والسويد الحظر عنه، خصوصاً أنَّه يُخشى، على نطاق واسع، أنَّ تقوم السويد بتسليمه، في نهاية المطاف، إلى الولايات المتحدة التي ستُحاكمه في أكبر قضيّة تسريب وثائق ديبلوماسيّة سريّة، بالتعاون مع تشيلسي مانينغ.
حتى مساء يوم أمس، التزمت الولايات المتحدة الصمت. لم يصدر عن دوائر القرار الأميركيّة أيّ تعليق يخصّ قرار مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة.
وفي انتظار جلاء الغموض، امتنع أسانج عن مغادرة مقرّ السفارة حيث تجمّع عشرات الصحافيين منذ صباح يوم أمس، فيما تمركزت الشرطة أمام مبنى السفارة في حيّ نايتسبريدج.
أسانج سارع بمطالبة بريطانيا والسويد، إخلاء سبيله بعد أكثر من ثلاث سنوات أمضاها محتجزاً في سفارة الإكوادور في لندن، مستنداً إلى قرار اللجنة. تحدّث عبر الشاشة، قائلاً: «يعود الآن إلى السويد والمملكة المتحدة تطبيق قرار» اللجنة الذي رحّب به، معتبراً أنَّه «نصر لا يمكن إنكاره، ورسم ابتسامةً على وجهي.. إنه ملزم قانوناً».
وسأل «ما هو الحقّ الذي يتيح لهذه الحكومة أو الحكومة الأميركيّة أو السويديّة حرمان أبنائي من والدهم؟».
لكنّ لندن واستوكهولم سرعان ما رفضتا القرار، وذهبت بريطانيا إلى حدّ الإعلان أنّها ستعتقل مؤسّس «ويكيليكس» فور خروجه من سفارة الإكوادور التي منحته اللجوء في العام 2012، وأكَّد رئيسها رافايل كوريا، أمس الأول، أنَّ قرار مجموعة العمل «يبيّن أنّنا كنّا على حقّ، بعد كل هذه السنوات».
وفي خلاصات نشرت يوم أمس في جنيف، اعتبرت المجموعة أنَّ أسانج «محتجز تعسفيّاً من حكومتي السويد والمملكة المتحدة» منذ توقيفه في لندن في السابع من كانون الأول العام 2010 لإبلاغه بقرار تسليمه إلى السويد، حيث هو مطلوب في قضيّة اغتصاب.
وقال الخبراء المستقلّون الخمسة في المجموعة، إنَّه بناءً على الخلاصة التي توصّلوا إليها، فإنَّ «المجموعة تعتبر أنَّ من حقّ أسانج التمتّع بحرّيّة الحركة والمطالبة بتعويضات» من حكومتي بريطانيا والسويد.

«قرار سخيف»
ردَّت حكومتا السويد وبريطانيا بالتأكيد أنَّ القرار لا يبدّل شيئاً، وهو ما فتح جدلاً حول إلزاميّته.
واعتبر وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، أنَّ أسانج «هارب من العدالة»، واصفاً رأي لجنة الأمم المتحدة بأنّه «سخيف». وقال لتلفزيون «اي تي في» الإخباري: «أرفض قرار مجموعة العمل هذه. إنَّها مجموعة مؤلّفة من أشخاص عاديّين لا من محامين. جوليان أسانج هارب من العدالة وهو يختبئ من العدالة في سفارة الإكوادور». وأضاف: «يستطيع الخروج في أيّ وقت يشاء.. لكنّه سيواجه القضاء في السويد إذا اختار أن يقوم بذلك. بصراحة هذا تقرير سخيف من مجموعة العمل ونحن نرفضه».
وفي بيان منفصل، قال متحدّث باسم الحكومة البريطانيّة «هذا لا يغيّر شيئاً. نحن نرفض تماماً التأكيد أنَّ جوليان أسانج محتجز تعسّفياً. المملكة المتحدة أوضحت للأمم المتحدة أنّنا سنعترض رسميّاً على رأي مجموعة العمل». وأشار إلى أنَّ «المملكة المتحدة لم تحتجز جوليان أسانج بصورة تعسّفية على الإطلاق.. رأي مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة يتجاهل الوقائع وتدابير الحماية الواسعة التي يقرّها النظام القضائي البريطاني». وأوضح أنَّ لندن غير موقعة على اتّفاقية كراكاس «ونحن لا نعترف باللجوء الديبلوماسي».
بدورها، اعتبرت وزارة خارجية السويد، في رسالة إلى مجموعة العمل، أنَّ حكومة البلاد «لا تتّفق مع تقييم غالبيّة مجموعة العمل»، فيما اعتبر القضاء السويدي أنَّ رأي المجموعة ليس له أيّ أثر على التحقيق الجاري بموجب القانون السويدي.
ويريد القضاء السويدي استجواب أسانج بشأن شكوى بالاغتصاب لا تنتهي مدّتها القانونيّة حتى العام 2020. لكنّ مؤسس «ويكيليكس» يخشى إنْ فعل ذلك أن يتمّ تسليمه إلى الولايات المتحدة التي قد تحاكمه وتسجنه بسبب نشر موقع «ويكيليكس» 500 ألف وثيقة عسكريّة حول الحرب في أفغانستان والعراق، و250 ألف برقية ديبلوماسيّة سرية، كما فعلت مع تشيلسي مانينغ التي كانت المصدر الرئيسي لـ «ويكيليكس»، وحُكم عليها بالسجن 35 عاماً لإدانتها بالتجسّس.
ورأى وزير خارجيّة الإكوادور، ريكاردو باتينيو، أنّه «حان الوقت كي تصحّح حكومتا (السويد وبريطانيا) خطأهما بالإفراج عن جوليان أسانج. عليهما إنهاء هذا الاعتقال التعسّفي والتعويض عن الأضرار التي ألحقتاها بهذا الرجل». وقال إنَّ أسانج ضحيّة «اضطهاد سياسيّ واضح»، مضيفاً أنَّ بلاده تدرس خطواتها المقبلة على المستويين القانوني والديبلوماسيّ.
وفي سياق الجدل حول إلزامية قرار اللجنة، أوضح المتحدّث باسم الأمم المتحدة، كزافييه سيلايا، أنَّ «القرار نفسه ليس مُلزماً، إنّه كذلك بشكل غير مباشر فقط». وقال إنَّ الدول «ليست لديها واجبات إزاء مجموعة العمل، بل إزاء الاتّفاقات، وهي بالتالي مُلزمة بقوانينها والتزاماتها الخاصة.. لذلك فإنَّ القرار مُلزِم إلزاماً غير مباشر».
وقال محامي أسانج في استوكهولم، طوماس أولسون، «إذا كانت السويد تتوقّع من الدول الأخرى الالتزام بتوصيات الأمم المتحدة، فعليها بالتالي أن تلتزم بهذه القرارات». وأضاف «يمكننا أن نطلب من النيابة مراجعة مذكّرة التوقيف، ولكنّنا نريد أن نعطيهم أوّلاً الفرصة ليبرهنوا أنّهم يحترمون قرار الأمم المتحدة».