لوبي «إسرائيلي» ولعب بورقة الهجرة.. «المعارضة السورية» على أرصفة العواصم

لوبي «إسرائيلي» ولعب بورقة الهجرة.. «المعارضة السورية» على أرصفة العواصم

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٧ مايو ٢٠١٥

تحاول المعارضات السورية خاصة الخارجية منها أن تصدر نفسها على إنها قوى سياسية لصوتها صدى في الشارع السوري، فدمشق أولى بأن تكون مكاناً للتشاور، والمصادر الخاصة تشير إلى أن الدولة السورية حينما سألت عن رأيها بمثل هذا المؤتمر، أكدت إنها جاهزة لتقديم أي ضمانات تطلب منها لعدم التعرض لأي من شخصيات المعارضة التي ستدعى لمثل هذا المؤتمر، فلماذا حزمت الحقائب واتجهوا إلى "استانا"، ولماذا عاصمة دولة للكيان الإسرائيلي نفوذ قوي فيها، ولها مواقف سلبية من المقاومة الفلسطينية، وأخرى  تدين الملف النووي الإيراني، وتعاملها الاقتصادي مع تل أبيب وصل مرحلة الأوج، الأمر الذي يفضي إلى القول إن تعمد عدم دعوة الدولة السورية إلى هذه المشاورات ما هو إلا محاولة من تل أبيب ليكون الـ 30 شخص المدعوين إلى العاصمة الكازاخية، لوبي إسرائيلي داخل المعارضات السورية، وإلا فما هو المبرر من وراء عقد مشاورات خارج سياق النص المنطقي لمجريات الحدث السوري، في عاصمة غير مؤثرة في الملف السوري، ولاهي صاحبة ثقل استراتيجي أو سياسي بأي شكل في الملفات الدولية، وكل ما يمزيها هو العلاقة مع إسرائيل، وهنا يحضر التأكيد الإسرائيلي على إن ضابطاً من جيش الاحتلال التقى بقائد ميليشيا "جيش الإسلام" الإرهابي "زهران علوش" في أنقرة، يؤكد أن تل أبيب مصرة على أن تكون ضمن الهيكلية الجديدة للمعارضات والميليشيات المعتدلة وفق المنهج الأمريكي بزخم أكبر، ليكون لها ما تريد.

ثم لماذا يطرح ملف الهجرة غير الشرعية للسوريين نحو أوروبا، مع التأكيد على إن الرقم وصل إلى 5.8 مليون سوري في وقت يتم الحديث فيه داخل أروقة السياسة الأوروبية عن عملية عسكرية في ليبيا لمواجهة الهجرة غير الشرعية.. فهل في الأمر محاولة للفت نظر الأوروبيين إلى الدولة السورية كواحدة من الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية نتيجة الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد، وهل نسي أو تناست "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إن السبب في الهجرة غير الشرعية هو الوجود الإرهابي على الأراضي السورية، وإذا ما كانت تبحث عن حل لوقف معاناة وموت السوريين في عرض البحر، فعليها أن تسعى لتوثيق الجرائم وانتهاك حقوق الإنسان من قبل داعش والنصرة وأخواتها، وأن تعمل ضمن الإطار الوطني لتخليص سوريا من الإرهاب لا أن تلعب بورقة الهجرة في محاولة لشد أنظار الدول الأوروبية التي تعاني من خطر الهجرة غير الشرعية، إلى ضرورة التدخل في سوريا عسكرياً على غرار المطروح في الشأن الليبي.

وفي الملف السوري، تحضر ثلاثة نقاط حساسة أخرى، الأولى، الإعلان عن تشكيل الكيان السياسي المعارض الجديد، الأمر الذي لا يرضي أطراف من المعارضة نفسها، في وقت يتحدث فيه الأتراك عن دعم جوي للميليشيات، ويكشف عن طبيعة التشاركية بين أنقرة والرياض فيما يحدث في الشمال السوري، حيث مولت السعودية ونفذت تركيا دخول الميليشيات التكفيرية إلى إدلب، الأمر الذي يشكل من وجهة نظرهم نواة دولة يمكن إعلانها وفق المزاج التركوسعودي، بالتوافق مع الحكومة الإسرائيلية، ليكون ذلك بداية لمشروع تقسيم سوريا، الأمر الذي يبدو أن الفرنسيين يعارضوه لا من باب الاستفاقة والحرص على الجغرافية السورية، وإنما لخروجهم من حسابات المكاسب، وبالتالي فإن المنفعة الفرنسية في الإعلان عن ضرورة الحفاظ على الدولة السورية بشكلها الجغرافي إلى أن يمنح لنظام هولاند ما يمكن أن يرضيه، وذلك بكون التجربة السورية التي تمتد من زمن ما قبل الأزمة تشير إلى أنه ثمة مطامع فرنسية في سوريا، وزمن اقتسام المصالح الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، بدء مع دخول الاحتلال الأمريكي إلى العراق في العام 2003، مما يذكر بالصراع بين القوى الدولية على اقتسام المصالح في المنطقة مع بداية القرن العشرين.

و لتجميع الصور في لوحة متكاملة، يكون المشهد محاولة لاستنهاض المعارضات الخارجية من فشلها في كيان سياسي جديد، يكون لإسرائيل رجالاتها في داخله بتمثيل أوسع من حضورها الحالي في الائتلاف الوطني، وليعمل من قبل الدول المستنهضة للمعارضات على تحويل الكيان السياسي الجديد إلى ند للدولة السورية للدخول في رحلة مفاوضات طويلة الأمد، تبدأ من تحويل الشمال السوري إلى (إقليم) تشرف الحكومة التركية عليه بشكل مباشر لكونها الأقرب، وتمول الدول الخليجية المعارضات لتشكيل "حكومة معارضة" تعلن عن إدلب مقراً لها، في نقل للتجربة الليبية إلى سوريا، الأمر الذي يضمن بقاء الفوضى في الداخل السوري لمرحلة طويلة، وبالاستفادة من تمدد داعش، ومن طرح ورقة الهجرة غير الشرعية يصبح لدى الأوروبيين مصلحة في حرب مباشرة على سوريا، ومبرر للرأي العام في هذه الدول للدخول إلى سوريا عسكريا، بكون اللاجئين في الدول الأوروبية يعيشون من أموال الضرائب التي ترهق المواطن الأوروبي، وبالتالي فإن الحد من الهجرة سيكون سبباً مقنعا للرأي العام للتصعيد في سوريا، ولكن السؤال العريض يقول، هل سيجدي ذلك نفعاً..؟.

فالدولة السورية مازالت متماسكة، وعملية فك الطوق عن مشفى جسر الشغور ما تزال توجع للميليشيات ومشغليها، برغم محاولات التشويش والتلفيق من قبل الأوروبيين على الانجاز العسكري الدقيق والذي يعكس قدرة كبيرة من قبل القوات السورية على ابتكار تكتيكات جديدة وفق متطلبات المعركة، هذا من جهة، من جهة أخرى الأمريكيين والإسرائيليين بات لديهم تصور عن القدرة الكبيرة للدفاعات الجوية السورية، ويضاف إليهم الأتراك أنفسهم، فهم من ادعى "تحرش" الدفاعات الجوية السورية بمقاتلاتهم أكثر من مرة خلال الأيام الماضية، كما إن العمليات العسكرية في محيط تدمر بدأت، والضربة الموجعة لتنظيم داعش في عمق الرقة، قتلت 140 عنصر في ضربة واحدة، بالتالي فإن الأمر يحمل من القدرة الإستخبارية العسكرية الكثير، وهذا لوحده مؤشر على التفوق السوري في معركة مثل هذه، كما إن التقارير الإعلامية التي تتحدث عن العملية السورية في حقل "العمر النفطي" واعتقال القوات السورية لضابط ارتباط أمريكي يعمل ضمن صفوف داعش يعني الكثير في حسابات القدرة السورية الاستخبارية والعسكرية في آن معاً.