الأتراك والسعوديون يعقدون صفقة مع داعش

الأتراك والسعوديون يعقدون صفقة مع داعش

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٥ مايو ٢٠١٥

من تدمر والرمادي ومساحة سورية والعراق حرب مفتوحة، دماء وخراب وفضائح تعاون استخباري أميركي خليجي مع «داعش» و«النصرة»، والواضح أنّ الفريق الذي يخوض الحرب على سورية منذ أربع سنوات، وقد صار العراق ساحة حربه الثانية، يرمي بكلّ ثقله لتحقيق تحوّل في مسار الحرب في الفترة الفاصلة عن الثلاثين من حزيران، أملاً بتغيير قواعد الحرب والتفاوض، ليعود ملف التفاهم مع إيران جزءاً من معادلة التوازنات الجديدة، التي يطمح التركي والسعودي والقطري إلى تحقيقها.

السلاح النوعي بيد «داعش» و«النصرة» لا يمكن إخفاؤه مع الذي أظهرته المعارك الأخيرة، والمجاهرة بتسويق «النصرة» كفريق معتدل وهي تنظيم «القاعدة» في بلاد الشام لم يعد يحرج السعودي والتركي والقطري، طالما وصل الأمر بالفرنسي إلى تبني المهمة، وعلى جبهة دعم «داعش» صارت المعادلة، إغراء «داعش» بالتوسّع في سورية والعراق وتولي مهمة القتال في اليمن وحصر العمل في السعودية بالمنطقة الشرقية ضمن بروتوكول مخابراتي، صاغه الأتراك بين «داعش» والسعودية بمعرفة ومباركة الأميركيين، المذعورين من وصول «داعش» إلى السعودية والمربكين في توافر فرص الفوز على ما تمثل من تهديد قبل مواجهة هذه اللحظة السعودية الكارثية، من دون إهداء النصر إلى محور المقاومة وقواه التي يستحيل النصر على «داعش من دونها، وواشنطن تنظر إليهم كخصوم لا يقلّون في نظرها خطراً عليها من «داعش»، طالما يشكلون خطراً على «إسرائيل» وأمنها وسيوظفون كلّ انتصاراتهم لحرب مقبلة معها.

يظلّ الثلاثون من حزيران موعداً حاكماً، على ضفتي المواجهة. فواشنطن مربكة هنا أيضاً، وهي كما قال رئيسها باراك أوباما ليست لديها بدائل، فالحرب على إيران تعني سقوط المحظور الديني لديها لامتلاك السلاح النووي، ورفع العقوبات ووقف التفاوض بعد سقوط المهلة يعني أن تلجأ إيران للعودة إلى التخصيب المرتفع، وتمتلك خلال شهر مخزوناً كافياً لامتلاك قنبلة، حتى لو لم تذهب إلى برنامج عسكري نووي، فهو كاف لدخول مرحلة قوة تغيّر معادلات التفاوض.

قبل الثلاثين من حزيران سيكون على الجميع حبس أنفاسهم للمفاجآت والمتغيّرات المتسارعة، خصوصاً أنّ حلف تركيا «إسرائيل» السعودية وقطر وفرنسا سيرمي بكلّ أوراقه قبل ذلك التاريخ لفرض أمر واقع في سورية يسمح برسم معادلة قوامها، أنّ «داعش» رقم صعب في الجغرافيا العسكرية، وطالما لا قرار أميركياً في مواجهته بالتعاون مع الدولة السورية، يمكن تسويق التعاون مع جبهة «النصرة»، بعدما تكون المقدّمات اللازمة لهذا الانفتاح على «النصرة» قد تمّت بعملية تبييض تعتمد تغيير الأسماء، فكما تغيّر الاسم من تنظيم «القاعدة» ليصير «النصرة»، سيحتلّ اسم «جيش الفتح» هذه المرة الواجهة لإخفاء اسم «النصرة»، بالتالي تخطي إحراج التعاون الرسمي مع «القاعدة».

في المقابل تستعدّ قوى المقاومة في المنطقة لتثبيت مواقعها وتحسينها، كي يتزامن توقيع التفاهم النووي، مع وضع تكون يد قوى هذا الحلف هي العليا، ولذلك يحشد العراق كلّ مقدراته لاسترداد الرمادي قبل نهاية حزيران، ويقوم اليمنيون بتنظيم خطط المواجهة هذا الشهر وفق ثلاثية، حسم عدن ووضع مواقع الجيش السعودي الحدودية حتى عمق الظهران تحت النار، والتمسك بعملية سياسية تبدأ بوقف الحرب السعودية وفك الحصار وحوار يمني ـ يمني غير مشروط ومن دون تدخل خارجي.

وقبيل إعلان الأمم المتحدة تأجيل عقد مؤتمر الحوار اليمني المقرّر يوم الخميس المقبل بعد تلقي أجوبة سلبية من الفريق المرتبط بالسعودية، الذي اجتمع في الرياض قبل أسبوع، كانت مسقط تستقبل وفداً من «أنصار الله» ضمن مسعى وساطة حاولت عبره سدّ الفراغ السياسي، قبل أن تعلن الأمم المتحدة انكفاء مبادرتها ربما حتى ما بعد الثلاثين من حزيران أسوة بجنيف السوري، وعلى خطى دي ميستورا سار إسماعيل ولد شيخ أحمد، بينما كانت مناطق جديدة جنوب اليمن تقع في يد الثوار والجيش، وكانت قذائفهم وصواريخهم تتساقط على نجران.

على الجبهة اللبنانية السورية الفاصلة في تقرير مصير هذه الحرب المفتوحة، وعلى مستوى سائر الجبهات لارتباطها بمستقبل خط الاشتباك الوحيد المفتوح مع «إسرائيل» من جهة، ولكون المقاومة في لبنان لا تزال الرقم الأصعب في قوى ودول محور المقاومة من جهة مقابلة، كانت المنطقة والحرب وكان المراقبون على موعد مع كلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في عيد المقاومة والتحرير، التي شكلت محطة مفصلية في سياق الحرب المفتوحة لجهة ما تضمّنت من مواقف، خصوصاً رسم ثنائية المواجهة، «إسرائيل» والإرهاب واحد، وثنائية النصر، وحدة الجبهات وثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، فيما كان لبنان وهو يضيء شمعة التحرير الخامسة عشرة التي أشعلتها المقاومة، يضيء الشمعة الأولى لفراغ الرئاسة الأولى ترجمة لقرار سعودي بربط مصير الرئاسة اللبنانية بنتيجة حروب المنطقة وتسوياتها.

يدخل الفراغ الرئاسي اليوم عامه الأول، والخلافات الداخلية المستمرة ستبقى عائقاً أمام انتخاب رئيس، والجلسة 24 في الثالث من حزيران المقبل، ستكون على غرار الجلسات السابقة والحبل على الجرار، لينتهي العقد العادي لمجلس النواب نهاية الشهر الجاري، ويبدأ العقد الاستثنائي من دون أن يلتئم المجلس النيابي. وعلى رغم عتمة قصر بعبدا والمجلس النيابي، فإن 25 أيار لا يزال النور الذي أسّس للقدرة التي تسمح للبنان مواجهة الأخطار المحدقة، بالتماسك والاستقرار.

وشدّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، خلال الاحتفال بذكرى عيد المقاومة والتحرير في ساحة عاشوراء في مدينة النبطية، على «التمسك بالمعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة التي تحمي لبنان اليوم في مواجهة الإسرائيلي والتكفيري وأيّ تهديد»، داعياً إلى «إخراجها من دائرتها اللبنانية وتقديمها إلى سورية والعراق واليمن وكلّ الشعوب التي تواجه الأخطار».

وأكد السيد نصر الله «أنّ معركة القلمون مستمرة حتى يتمكن الجيش السوري والمقاومة من تأمين كامل الحدود، كما نصح الجميع بإخراج عرسال وأهلها من دائرة المزايدات الطائفية»، داعياً الدولة إلى «أن تتحمّل مسؤوليتها في جرود عرسال»، ومشدّداً على «أنّ أهلنا في البقاع وبعلبك الهرمل لن يقبلوا ببقاء إرهابي واحد في أيّ جرد من الجرود»، كما توجه إلى أهالي عرسال بالقول: «نحن يا أهلنا في عرسال جاهزون أن نمدّ يد الاخوة والمساعدة ونكون إلى جانبكم، لكن يجب على الدولة أن تتحمّل مسؤوليتها».