النكث بالعهود والمواثيق يهيئ المناخ المناسب للمطالبة بإلغاء الاتفاقية الأمنية بين كابول وواشنطن

النكث بالعهود والمواثيق يهيئ المناخ المناسب للمطالبة بإلغاء الاتفاقية الأمنية بين كابول وواشنطن

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٥ سبتمبر ٢٠١٨

خلال الأيام القليلة الماضية، دعا بعض البرلمانيين الأفغان إلى إعادة النظر ومراجعة الاتفاقية الأمنية بين كابل وواشنطن وأكدوا على أن هذه الاتفاقية لم تساعد الحكومة الأفغانية على تأمين الأمن والأمان للمواطنين الأفغان، بل على العكس من ذلك فلقد زادت من تفاقم موجة عدم الاستقرار وانعدام الأمن في الكثير من المناطق الأفغانية، يذكر أنه تم التوقيع على هذه الاتفاقية الأمنية الأمريكية -الأفغانية في أكتوبر 2014، ولكن هذه الاتفاقية لم تلقَ أي ترحيب من قبل المجتمع والعديد من القادة السياسيين الأفغان ومن أجل دراسة أبعاد وإمكانية تنفيذ خطة البرلمانيين الأفغان لإلغاء تلك الاتفاقية الأمريكية الأفغانية والنتائج المحتملة لها، قام موقع "الوقت" بإجراء لقاء صحفي مع الخبير السياسي في الشؤون الأفغانية، السيد "بير محمد مالا زاهي".
 
 
عدم التزام أمريكا بتعهداتها المتعلقة بالحرب ضد الإرهاب، يعتبر أحد الأسباب التي أدّت إلى المطالبة بمراجعة الاتفاقية الأمنية بين كابل وواشنطن
 
أعرب الخبير السياسي في الشؤون الأفغانية، السيد "مالا زاهي" بأن هناك أسباباً دفعت أعضاء البرلمان الأفغاني إلى المطالبة بإلغاء الاتفاقية الأمنية بين واشنطن وكابول، حيث قال: "لقد تمت مناقشة الاتفاقية الأمنية الأمريكية الأفغانية منذ تولي الرئيس "حامد كرزاي" زمام الأمور في أفغانستان، ولكنه رفض التوقيع على هذه الاتفاقية ومع وصول "أشرف غني أحمد زي" إلى سدة الحكم في أفغانستان، حيث تم التوقيع على هذه الاتفاقية الأمنية في عام 2014، إلا أن معظم أعضاء البرلمان لم يكونوا موافقين على التوقيع على تلك الاتفاقية الأمنية الأمريكية الأفغانية، وذلك بسبب علمهم بأن أمريكا على مدى السنوات الماضية منذ عام 2001 وحلفائها في حلف شمال الأطلسي "الناتو" فشلوا في الوفاء بالتزاماتهم والقضاء على قوات حركة "طالبان" ولذا فإن معظم أولئك البرلمانيين يرون بأن هذه الاتفاقية الأمنية لن تعود بالنفع على أفغانستان، بل إنها لن تضع حدّاً للإرهاب، وبالتالي فإنه لا داعي لمواصلة التزام كابول بهذه الاتفاقية التي تصبّ في مصلحة الحكومة الأمريكية وحلفائها".
 
أزمة تزايد الاعتصامات في أفغانستان نتيجة لوجود القوات الأجنبية
 
في هذا السياق، أعرب السيد "مالا زاهي" بأنه الحكومة الأفغانية لا تمتلك في وقتنا الحالي أي بدائل تحلّ محل هذه الاتفاقية الأمنية ​​مع أمريكا أو استبدال القوات الأمريكية وقوات حلف "الناتو" ولكنه يعتقد بأنه على المستوى الإقليمي يوجد هناك بعض الآمال لتحقيق تلك الرغبات وذلك بتعاون بلدان المنطقة مجتمعة مع بعضها البعض لتشكيل تحالف قوي، من أجل حل الأزمة في أفغانستان وغيرها من الأزمات القائمة في المنطقة ولفت "مالا زاهي"، إلى أنه من الصعب تنفيذ مثل هذه الفكرة، لكن إذا ما انسحبت القوات الأجنبية من أفغانستان، فإن المجتمع والحكومة الأفغانية، سوف يتمكنون من تحقيق تلك الفكرة عن طريق التفاوض والاتفاق مع القوات الأفغانية المناهضة للحكومة وإذا غادر الأمريكيون أفغانستان، فإن جميع الذرائع التي تتحجج بها حركة "طالبان" وشبكة "حقاني"، القوتان الرئيسيتان المعارضتان لحكومة كابل، سوف تذهب أدراج الرياح وسوف تتمكن الحكومة الأفغانية من إيجاد الحلول المناسبة لها وأعرب "مالا زاهي" بأن الشعب والحكومة الأفغانية قد توصلوا إلى هذه الحقيقة التي تفيد بأن وجود قوات أجنبية في أفغانستان لا يحلّ مشكلاتهم ولا يعالج مشكلة انعدام الأمن، بل إن هذا الوجود يزيد من تفاقم موجة عدم الاستقرار وانعدام الأمن.
 
 
"ترامب" يسعى للتفاوض مع حركة "طالبان"
 
وفي هذا السياق، قال الخبير السياسي في الشؤون الأفغانية، السيد "مالا زاهي": "في الحقيقة لا يمكن انكار تأثير السياسة الخارجية لـ"ترامب" على هذه الاتفاقية الأمنية ولكن هذا التأثير لا يستطيع أن يخلق تغيّراً كبيراً في معادلات المنطقة السياسية، وحتى لو تمكن الرئيس الأمريكي من إقناع حلف "الناتو" بإرسال المزيد من القوات العسكرية إلى أفغانستان، ولكن الحل الوحيد المتاح هنا، هو إقناع حركة "طالبان" بالجلوس على طاولة الحوار والتفاوض بجدية وينبغي هنا على باكستان وجميع الدول الإسلامية أن يلعبوا دوراً إيجابياً لإنجاح تلك المفاوضات"
 
حل الأزمة في أفغانستان يحتاج إلى توافق محلي وإقليمي ودولي
 
وفي الجزء الأخير من هذه المقابلة الصحفية، أكد الخبير السياسي في الشؤون الأفغانية، السيد "مالا زاهي": " بأنه سيتم توفير الأمن، عندما تكون جميع الجماعات المسلحة على استعداد لقبول قواعد اللعبة وفي الوضع الحالي، هناك أكثر من 20 جماعة مسلحة أخرى إلى جانب شبكة "حقاني" وحركة "طالبان" المناهضتين للحكومة الأفغانية، وبشكل عام، يمكن القول هنا بأن هناك تقاسم للسلطة في أفغانستان، ما يعني أنه إذا قبلت إحدى المجموعات الجلوس على طاولة المفاوضات، فإنه من المحتمل ألّا تقبل المجموعات الأخرى هذا التفاوض، لذلك، فإن أفغانستان تحتاج الآن إلى إرادة جماعية من كل المستويات الفاعلة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، لتحقيق الاستقرار والأمن فيها ويجب على جميع تلك المستويات التوصل إلى توافق في الآراء فيما بينها وذلك من أجل تحقق السلام والاستقرار في هذا البلد الفقير وإذا لم ينجحوا في توحيد كلمتهم، فإن الأزمة ستستمر في أفغانستان".