الانزلاق نحو الأعلى

الانزلاق نحو الأعلى

افتتاحية الأزمنة

الجمعة، ٣ يوليو ٢٠١٥

بحكم أنه يحدث في مرحلة البقاء، ليكون بذلك بعيداً عن لغة نهاية المطاف، ويغدو بمنزلة وقفة المحارب، من أجل استعادة الأنفاس، ومن ثمّ الانطلاق من جديد، حيث يظهر بمثابة فرصة ثانية أو ثالثة، والفرصة حين يتم انتهازها، تكون الأساس الواقعي للنجاح، شريطة التحرك مباشرة إليها، ومنها ينبغي على جميعنا، ألا ننسى أبداً،أنَّ وراء أي انتكاسة فرصة أخرى قريبة جداً من متناول فكرنا، ما دمنا بقينا سالمين، فالإنسان ابن الخطيئة الجريء في تخطي العقبات وتجاوزها،لكونه مُركباً أثناء مسيره، يتعرض للأزمات والمحن، إنما المثابرة والإصرار تمنح إمكانية صياغة قصص النجاح المميز منها، والمبهر من خلال الجهد، وبذله في العمل الحثيث، وبالفكر صاحب الإبداع المتواصل، إنَّ التأمل في مسيرة الإنسان،يمنحنا فرصة الكشف عنه، من حيث تفرده بامتلاك الفكر، وبفكره يحكم نفسه، والعالم تحميه الروح المسكونة فيه، والتي تعتبر أقوى من مجموع القوى المادية، ومهما بلغت، فمن دونها لا معنى لأي قوى، وقوة الشخص بأفكاره وبروحه الحية، لتكون بذلك حيوية الأفكار القابلة للحياة، ومن لا يمتلك الأفكار، ولا يتقن فنون نظم التفكير، يسجل في خانة العادي والتقليدي له، منها ظرف يفتحه ويتوه بين سطوره، فتحرر الإنسان وانعتاقه من قيوده المسكونة فيه،والموروثة فطرياً، أو ركبت عليه، وبشكل أدق عدم مواكبته لظروف التطور، وعدم قبوله لإغراءاته المتوافرة في منظومة الأمل والعمل لها، يكون مستسلماً للخوف منها، فالساعي للصعود والسائر إلى الأمام، لا يخاف، ولا يهاب الانزلاق إلى الأعلى.
أخبر ذاتك بشيء صحيح، أنك إذا أردت الوصول إلى أي هدف،فعليك أن تمتلك نظمه وفلسفته وعلومه، وإلا فما معنى ذهابك إليه، ولعلمك أن لا أحد يرغب في تصديق ما تريده، وحدك تمتلك شجاعة تحقيقه وقيمة ما تصبو إليه، فإذا انتقصت من حقوقها، وافتقدت أشياء من هذه القيمة فشلت، تقدم إليها، واختلف بتفكيرك، وابحث عن وصفة خاصة، تسهم بتنفيذك لها، واجمع  لها ميزتي المرونة والصلابة في آن، فتكون ثقافتك منسجمة مع غايتك الباحثة للوصول إلى ما تريد، فإذا كان هناك سبب خلف كل نتيجة، نجده يحذف مباشرة بفرضية الإيمان بالحظ والمصادفة، لأنها تَفَكُّر تحليلي، تربط السبب بالنتيجة، تسير، تصل، لا تغلق بشأن ما هو خارج عن طبيعتها وسيطرتها، لأن الإنسان الواقعي يتوقع الانزلاق في أي لحظة إلى الأدنى، إلى الأعلى، ويعرف أنه لا يمكنه معرفة كل شيء، إنما يمتلك القدرة على اتفاق شيء مع  أي شيء، يختاره ويصرُّ عليه، لنجد النجاح والفشل طبيعياً ضمن عملية الاتجاه، لإنجاز العمل شريطة أن يكون الإعداد سليماً والتخطيط أسلم، والمكونات مهيأة بشكل إيجابي، بذلك ينتهي الحظ، ويأخذ الفكر طريقه، تدعمه الروح، لتحقيق ما يصبو إليه، وتحديد النجاح والحصول عليه ليس بالأمر السهل، وخاصة إن كان فردياً، وانعكاسه إيجاباً على المجموع، وحين حدوث الفشل لا يجب الاستسلام له، بل من الضرورة بمكان تحفيز الذهنية من جديد إلى الأمام، والانزلاق نحو الأعلى يدعونا للتحلي بالبساطة، فالنجاح يحتاج إلى التواضع، لأن التباهي والتعالي والتكبر، واعتبار الآخرين أقل، ودفاعهم عن وجودهم لا يستحق، يؤدي إلى الفشل الاجتماعي والإنساني والانعزال، ليبقى أهم إنسان، هو ذاك الذي يتواصل مع الآخر، باحترام وتقدير، فيزداد سمواً وعلواً بفضل تقديره لهم، وعليه يكون الحظ محدداً للنجاح أو الفشل.
هل لديك مفكرة شخصية تسجل أفكارك لحظة أن تحضر، ومن ثمَّ تقوم باستعراضها عندما تريد التأمل بها، هل فكرت في تنظيم أفكارك التي تحضر في فكرك وتخشى فقدانها؟ هل تعاني من نسيان كل الأسرارالتي تجري خلفها ذكرياتك، وآمالك، راقبأفكارك، ولا تسمح للمتشائم منها، أن يمنعك من التقدم إلى الأمام، وأنك سيئ الحظ، فالقوة الذهنية تمنحك فرصة تحديد واستبدال الأخطاء في التفكير، بعد أن تسيطر على عواطفك التي تخلق لك اضطرابات أثناء مسيرة تحقيقك للأهداف، ولا تستمع إلى نصائح الفاسدين، واستجب لأخلاقيات الحياة، ولا تتنازل عنها، لا تستكن للصعاب، فإنها تنهيك، ولا تجلس من دون عمل،فالبحث العقلي خاصتك،يولد الأفكار، فإن لم تستثمر يأخذ منها الطموح، فينتهي  الانزلاق نحو الأعلى.
إذاً نجد أن أي تطور يحتاج إلى الجرأة التي توجهها، إلى حيث لا أحد يريد أن يذهب، وأن تقدم على أمر يخافه الآخر، وما دامت إشارة البداية ملك قرارك، فيكفي أن تتعلق في تركيز الاهتمام على إشارة الانطلاق، وتأكد أن تكون سليمة، وبعدها تشكر كل من ساعدك، وارجع بفكرك لفحص الأرجاء التي انطلقت منها، كي تنتج قيماً جديدة، ويكون لك إمكانية ثانية من أجل متابعة الانزلاق إلى الأعلى، وإلى الأمام. 
د. نبيل طعمة