باعتبارها حقاً مالياً وشرعياً.. المهور.. ضمانات ورقية لاستمرار الحياة الزوجية أم أرباح خيالية في بورصة الزواج

باعتبارها حقاً مالياً وشرعياً.. المهور.. ضمانات ورقية لاستمرار الحياة الزوجية أم أرباح خيالية في بورصة الزواج

أخبار سورية

الجمعة، ٢٢ مايو ٢٠١٥

لم تعلم نسرين أن حديثها مع صديقتها عن المهر الذي قدمه زوجها لها “المقدم والمؤخر” سيشعل  فتيل الخلافات الزوجية  في حياة صديقتها التي شعرت بالظلم، فقيمة مهرها المادية بسيطة جداً مقارنة بمهر نسرين، وهذا ماجعلها مستعدة للتخلي عن حياتها الزوجية وأسرتها في سبيل الحصول على زيادة عادلة في قيمة مهرها، ولولا اقتناع زوجها بتعديل مهر زوجته في المحكمة ثانية بما يتناسب مع مهر نسرين، حفاظاً منه على العلاقة الأسرية وعلى أولادهم، لكان الطلاق .
وطبعاً مهر نسرين الذي شمل “ نصف كيلو ذهب كمؤجل لها” ما هو إلا نموذج بسيط عن باقي المهور التي يطالب بها أهل العروس من صهرهم المستقبلي، تماشياً مع المسلسلات العربية والتركية وبعض نماذج المترفين اليوم في مجتمعنا، وللأسف هذا المهر هو العائق الأكبر الذي يواجه شبابنا المقبلين على الزواج، الأمر الذي أدى في السنوات الأخيرة والتي نتعرض فيها لحرب كونية ولأزمة اقتصادية فرضت نفسها على جميع شرائح المجتمع، إلى ارتفاع نسبة العنوسة لدى الشباب والفتيات معاً…

اختلاف
وتختلف بعض الدول في طريقة تقديم المهر، ففي بعض الجزر في إندونيسيا ليس مهر العروس المال أوالذهب، إنما جمع أكثر من 500 فأر، وذلك هو سبيل الرجل الوحيد نحو الزواج، وجاء هذا الشرط بناء على ازدياد عدد الفئران في تلك الجزر، كما تقوم بعض القبائل الفقيرة في الصين للتقليل من الزواج وإعداد الأطفال بوضع مهر غريب على العريس، حيث يقوم الشاب هو وأهله بجمع الذباب من أماكن النفايات أو أن يلصق الحلوى على جذوع الأشجار ليتصيد الذباب ثم يأكل طبقاً من الذباب الذي قام بجمعه أمام الفتاة التي يريد أن يتزوجها، وفي أوغندا يقدم الزوج مهراً مؤلفاً من المواشي والمال النقدي لزوجته، وتتفاوت قيمة المهر وفقاً للمجتمعات وعوامل أخرى كالوضع الاجتماعي للزوج أو الفتاة التي سيقترن بها.

مشاكل اجتماعية
كثيرة هي المشاكل الاجتماعية التي يسببها ارتفاع المهور ، فضمن الأسرة الواحدة والتي يرغب فيها الابن بالزواج ستقع الخلافات لعدم قدرة الشاب على تأمين هذا المهر وإلقاء اللوم بالتالي على أهله وبالتالي عزوفه عن الزواج كباقي الشباب، وهذا يؤدي لتوقف سوق الزواج وانتشار الأمراض النفسية وازدياد العلاقات غير الشرعية خارج إطار الزواج، وصولاً إلى تخلخل النسيج الاجتماعي بسبب ازدياد مظاهر السرقة والاحتيال والنصب بين بعض الراغبين بالزواج لتأمين مستقبلهم‏، وفي منظار آخر سنجد ازدياد نسبة العنوسة بين الفتيات وحرمانهم بالتالي من حياة الأمومة والاستقرار.

مخالف للشرع
الدكتور عبد الرزاق المؤنس “معاون وزير الأوقاف سابقاً” اعتبر  مهر العروس ركناً أساسياً من أركان الزواج، وهو في الإسلام حق مالي للمرأة على الرجل، مستعيناً بقوله تعالى “وآتوا النساء صدقاتهن نحلة”، ولم يضع الشرع حداً لقيمة المهر، وذلك حسب قدرة الزوج واستطاعته، لكن الإسلام رغب في تيسير المهور وأمور الزواج، معتبراً أن أكثر النساء بركة هن أقلهن مهراً، ولا يحبذ للمرأة ووليها أن يفرضا على الرجل مهراً يفوق استطاعته المادية، فالزواج هو نعمة من نعم الله تعالى، ولكن مع تطور مستجدات العصر بات المهر اليوم ضرباً من ضروب الترف الذي يرفضه ديننا وجميع الأديان السماوية، وأصبح الأولياء يفرضون مهوراً كبيرة، ويغالون بها كعقبة أساسية في طريق الزواج، حتى أصبح الزواج من الأمور التي يبتعد عن التفكير بها أغلبية شبابنا، لذا على الأهل وخاصة في ظل الأزمة التي نمر بها أن ينظروا بعين الرحمة لأولئك الشباب غير القادرين على تحمل أعباء إضافية وعدم فرض مبالغ خيالية كمظهر من مظاهر الترف والاستهتار اللذين يسببان زوال النعم، وهذا الأمر مخالف للشريعة الإسلامية.

ميس بركات