تأمين 12 ألف مدني ... وخطة لاستعادة بصرى الشام

تأمين 12 ألف مدني ... وخطة لاستعادة بصرى الشام

أخبار سورية

الخميس، ٢٦ مارس ٢٠١٥

سقطت بصرى الشام بيد جبهة النصرة وحلفائها من الفصائل المتطرفة، المدينة الأثرية المصنفة على قائمة مواقع التراث العالمي، استطاعت الصمود في وجه الحصار والهجمات عليها ما يزيد عن العامين.   400 مقاتل من اللجان الشعبية وقوات الجيش السوري، كانوا يدافعون عن ثلثي المدينة وعن 16 ألف مدني يقطنون أحياءها الشرقية والجنوبية والغربية. ورغم العدد الكبير من الهجمات التي شنتها قوات الجيش الحر على مدى العامين الفائتين إلا أنها لم تتمكن من إحراز أي تقدم. كان لهجوم الجيش السوري على مثلث القنيطرة - دمشق - درعا، وإفشاله للمخطط الذي أعدته غرفة عمليات "موك" في الأردن، للالتفاف على الجيش شمال القنيطرة وقطع إمداداته عند أوتوستراد السلام، الأثر الكبير في بحث المسلحين ومشغليهم عن نصر معنوي سهل، فكانت بصرى الشام، المدينة التي تبعد عن الحدود الأردنية ما يقرب من 25 كيلومتراً من الأراضي السهلية المفتوحة التي تسيطر عليها المعارضة.
10 آلاف قذيفة وصاروخ على بصرى الشام في 4 أيام
الهجوم الذي بدأ صباح السبت الفائت، فشل في أيامه الأولى بتحقيق أي تقدم، وخسر المسلحون عدداً من القتلى، رغم استخدامهم شتى أنواع القذائف الصاروخية والدبابات و"مدفع جهنم"، بالإضافة إلى صواريخ تاو الأميركية ولاو الإسرائيلية المضادة للدروع والتحصينات.
يقول مراسل مركز التوثيق الإعلامي منير مهدي في بصرى الشام للميادين نت: "قضت خطة جبهة النصرة بالقصف الشديد على أحياء المدنية للتأثير على المدنيين، ولإثارة البلبلة في صفوفهم، معتمدين على الرمايات البعيدة وعلى خط إمداد أمّنه لهم الأردن، حيث شوهدت الشاحنات والبرادات الكبيرة تنقل الذخيرة عبر الحدود"، ويتابع: "وهذا ما مكنهم من إطلاق ما يقرب العشرة آلاف قذيفة من مختلف الأنواع على المدينة خلال أربعة أيام".
ويضيف مهدي: "كثّف المهاجمون ضغطهم على المنطقة الأثرية في اليوم الثالث، كون السيطرة على القلعة تتيح لهم السيطرة النارية على باقي الأحياء التي تسيطر عليها قوات اللجان الشعبية، لكنهم فشلوا".
استدعى ذلك من قيادة المسلحين طلب الدعم "الفزعة" من باقي الفصائل والمقاتلين في ريف درعا، وصباح اليوم الرابع كان عدد المقاتلين قد وصل إلى 5 آلاف، وحاولوا التقدم باتجاه وسط المدينة، وتمكنوا من فتح ثغرة في دفاعات اللجان الشعبية، وسيطروا على بعض المحارس في المنطقة الأثرية، وبدأوا بالالتفاف على النقاط الأخرى، ما حدا بالمدافعين إلى التراجع تحت وابل القصف العنيف، وخصوصاً في الحي الغربي، بحسب مهدي.
تداخل المعركة بين الأحياء
بدأت كثافة المقاتلين تظهر بشكل واضح في أرض المعركة اعتباراً من اليوم الرابع للهجوم، وحاولوا التوغل في أحياء المدينة.. تمكن المسلحون بحلول المساء من الوصول إلى منطقة باب الهوا التي تعتبر مدخل المنطقة الأثرية، غرب القلعة بـ 300 متر، وهي تقع في مركز المدينة تماماً.
يقول مهدي الذي كان متواجداً في غرفة العمليات حتى وقت الانسحاب: "في هذه المرحلة أصبحت المعركة متداخلة بين الأحياء، بحيث يكون هناك قوات متقدمة في أحياء، ومتراجعة في أخرى، وهو ما يسهّل الالتفاف ومحاصرة المقاتلين، ما وضع المدافعين في موقف حرج".
وصول المسلحين إلى منطقة الفرن الآلي الواقع في الجهة الجنوبية، كان نقطة التحول التي دفعت قيادة اللجان الشعبية والجيش السوري إلى اتخاذ قرار الانسحاب، وخصوصاً أن الحي الشرقي من البلدة كان ما يزال تحت سيطرة اللجان، وهو ما يسهل الانسحاب.
حيث أن تقدم المسلحين باتجاه الحي الشرقي، وسيطرتهم على طريق الانسحاب الوحيد كان سيعني الحصار التام وحصول مذبحة في المدينة، وبالفعل في الساعة العاشرة ليلاً اتخذ قرار الانسحاب باتجاه السويداء، وتم تأمين خروج المدنيين والمقاتلين.
خطة استعادة بصرى الشام قيد الإعداد
نجحت قوات الجيش الموجودة في المدينة وقوات اللجان الشعبية في الانسحاب وتأمين خروج 12 ألف مدني منها، وبقي عدد من المدنيين داخلها، يُعتقد أنهم من أهالي المسلحين والقريبين منهم، والذين كانوا يعيشون في المنطقة المسيطر عليها من الجيش السوري، طوال سنتين.
تم إحصاء 30 شهيداً من مدنيين ومقاتلين، وحوالى 70 جريحاً ومصاباً، بينما تم توثيق ما يزيد عن 100 قتيل للمسلحين في المعارك المباشرة فقط، ولم تتم معرفة كامل حصيلة قتلى المسلحين، بحسب مهدي.
المنسحبون وصلوا إلى مدينة السويداء، التي ربما أصبحت اليوم الهدف الثاني للمسلحين، للتعويض عن خسائرهم الكبيرة في الريف الشمالي لدرعا، ولكن مصادر ميدانية تحدثت عن أن خطة استعادة بصرى الشام بدأ الإعداد لها بالفعل.