زراعة الشـونـدر السكري مهددة بالتوقف في محـافظة حماة.. 11.5% معدل تنفيذ خطـة زراعة المحصول في الموسم الحالي

زراعة الشـونـدر السكري مهددة بالتوقف في محـافظة حماة.. 11.5% معدل تنفيذ خطـة زراعة المحصول في الموسم الحالي

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٥ فبراير ٢٠١٥

تقلصت المساحات المزروعة بالشوندر خلال الثلاث سنوات الأخيرة في محافظة حماه من /3990/ هكتار إلى /1602/ هكتاراً بالموسم الزراعي الماضي ثم إلى /978.4/ هكتاراً بالموسم الحالي ولهذا أسبابه التي يتعلق بعضها بانخفاض الجدوى الاقتصادية للمحصول بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم توافر مستلزمات الإنتاج في الوقت المناسب وباتت زراعة الشوندر مهددة بالتوقف في السنوات القادمة إذا لم يتم معالجة مشكلات هذه الزراعة فما هي أسباب تراجع المساحات المزروعة بالشوندر السكري في محافظة حماة؟

تقلص مساحات الشوندر
كانت محافظة حماة قبل عشر سنوات تتنافس مع المحافظات الشرقية (الرقة- دير الزور) للحصول على أعلى حصة من خطة زراعة الشوندر في سورية... وقد وصلت المساحات المزروعة بالشوندر في المحافظة وقتها إلى ما يتراوح بين /10000-12000/ هكتار وبلغت كميات الإنتاج /500000-600000/ طن وتعادل هذه الكمية /50%-60%/ من إجمالي إنتاج سورية من الشوندر ونتيجة هذا التنافس تم تخفيض خطة المحافظة إلى /9000/ هكتار وكانت تنتج /350000-400000/ طن لكن مساحات الشوندر انخفضت بشكل حاد خلال سنوات الأزمة إلى أن وصلت إلى /1602/ هكتار بالموسم الماضي نتج عنها /42387/ طناً وتم تقليص مدة الدورة التصنيعية في شركة سكر تل سلحب من 90 يوماً إلى 18 يوماً... حيث توقفت كل شركات السكر عن العمل باستثناء سكر تل سلحب.
المهندس صفوان كزكز - رئيس دائرة الانتاج النباتي في مديرية زراعة حماة قال: لقد تغيرت ظروف زراعة الشوندر بشكل كبير خلال سنوات الأزمة التي تمر فيها سورية بسبب الظروف الأمنية في بعض مناطق زراعة الشوندر إذ لم تعد تتوافر مستلزمات الإنتاج في الوقت المناسب (يد عاملة – أسمدة – مازوت) وقد ارتفعت أسعار المازوت ثلاث مرات منذ بداية الموسم الزراعي الماضي حتى الآن وأدى ذلك لارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل كبير ونتيجة ذلك تخلت مناطق بكاملها عن زراعة الشوندر ولاسيما في مناطق صوران وكفر زيتا ومحردة وتم تخفيض المساحات المخططة زراعتها بالشوندر السكري بالموسم الزراعي الحالي الى /8500/ هكتار إلا أن المساحات المزروعة عملياً لم تتجاوز /978.4/  هكتاراً وبنسبة تنفيذ /11.5%/ للخطة المقررة في محافظة حماة.
تراجع الجدوى الاقتصادية
في دراسة لتكاليف انتاج الشوندر السكري بالموسم الزراعي الماضي أعدتها مديرية التخطيط في الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب كانت التكاليف الإجمالية لإنتاج كيلو الشوندر /7.12/ ليرات وفق وسطي مردودية /5000/ كيلو غرام بالدونم... وقد بلغت تكلفة الدونم المزروع بالشوندر وفق الدراسة /35600/ ليرة وفق وسطي السعر الفعلي في شركة سكر سلحب البالغ /7502/ ليرة طن بعد حسم نسبة التجريم ودرجة الحلاوة فإن عائدية الدونم بلغت /37510/ ليرات وبلغ هامش الربح الصافي للفلاحين /1910/ ليرات سورية بالدونم... علماً بأن هامش الربح المسموح فيه يعادل /20% - 25%/ من تكلفة الإنتاج.
المهندس غازي العزي - المدير العام للهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب قال: لقد ارتفعت تكلفة إنتاج كيلو الشوندر بالموسم الزراعي الحالي إلى ما يتراوح بين /11-12/ ليرة وبلغت تكلفة الدونم ما يتراوح بين /55000-60000/ ليرة وقد أقمنا – والكلام للعزي - في الموسم الزراعي الحالي عشرات اللقاءات مع الفلاحين بالأقسام الحقلية لتحفيزهم على زراعة الشوندر وأبلغناهم أن التسعيرة الجديدة للشوندر ستتناسب مع تكلفة الإنتاج الجديد وهامش الربح المسموح به والذي يتراوح بين /20% - 25%/ من تكلفة الإنتاج.. وكانت ردود الفلاحين أننا لا نستطيع زراعة محصول تكلفته أعلى من تسعيرته المعتمدة وطالبوا بإصدار تسعيرة مقبولة للشوندر وفي وقت مبكر قبل موعد الزراعة.
تأخر مستلزمات الإنتاج
تضمنت تعليمات بيع مادة الأسمدة للفلاحين بالموسم الزراعي الحالي تجزئة بيع الأسمدة الى مرحلتين بسبب الظروف الأمنية ويجري الآن تسليم نصف المخصصات دفعة أولى لتسميد الأراضي المزروعة بالقمح والشوندر والبدء بتسليم الدفعة الثانية من الأسمدة علماً بأن مستودعات التجار ملأى بالأسمدة وفي إمكان أي فلاح شراء كميات الأسمدة التي يريدها من التجار ولكن بسعر /3300-3500/ ليرة لكيس سماد اليوريا.. في حين يباع الكيس بسعر 2250/ ليرة في المصارف الزراعية.. وقد أكد المهندس غازي العزي - مدير هيئة تطوير الغاب أن تأخير تسليم الأسمدة للفلاحين يتسبب بخسائر مؤكدة بالمحاصيل الزراعية لأن الزراعة لاتحتمل التأخير أو التأجيل.. وأشار العزي الى أن مخصصات المازوت للزراعة لا تلبي خمس احتياجات العملية الزراعية وعلى الأغلب يتأخر وصول هذه المخصصات للفلاحين وهذا له تأثير سلبي كبير في العملية الزراعية.
المهندس وفيق زروف -مدير الثروة النباتية في الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب قال: لقد استبعد محصول الشوندر من التمويل بقروض الموسمين الأخيرين، ومعروف أن عمر محصول الشوندر يصل إلى عشرة أشهر، وحالة الفلاحين المادية لا تسمح بتمويل المحصول نقداً، علماً أن ديون محصول الشوندر مضمونة التحصيل، بل هو الضمانة لتحصيل ديون بقية المحاصيل لكون بيع المحصول محصوراً بشركات السكر... في حين يروي الفلاح مطيع شموط من محردة أن تسليم بذار الشوندر للفلاحين يتأخر سنوياً عن موعد الزراعة المحدد في منتصف شهر تشرين الأول، وهذا يدفع الفلاحين إلى زراعة بذار مخزن من سنوات سابقة أو يتم شراء بذار من السوق السوداء غير معروفة المصدر، وهذا يلحق خسائر كبيرة بالفلاحين، وقد عانيت في الموسم الحالي من قلة نمو محصول الشوندر المتعدد الأجنة ولم يصل إنبات بذار وحيد الجنين إلى النسبة المقبولة، علماً أني لم أترك وسيلة ترقيع وري متواصل إلا اعتمدتها ولم أعرف سبب ذلك!..
صعوبات تسويق المحصول
تتراوح أجرة نقلة جرار الشوندر بين (5000-25000)ليرة بوسطي حمولة للجرار (8413) كيلو غراماً، وترتبط تسعيرة النقل بالمسافة بين موقع الحقل ومعمل السكر وسلامة الطريق المؤدي إلى  المعمل، إذ تتراوح تكلفة نقل الطن الواحد من الشوندر بين (653-3267) ليرة، وتعادل تكلفة النقل (8.7%-43.5%) من قيمة المحصول، وفق وسطي السعر الفعلي البالغ (7502) ليرة/طن في شركة تل سلحب بالدورة التصنيعية الماضية، وذلك بعد احتساب حسميات التجريم البالغة (8.97%)، وقد دفع ارتفاع تكلفة النقل الكثير من الفلاحين في المناطق البعيدة عن معمل السكر إلى تضمين محصول الشوندر لمربي الأغنام بسعر (20000-25000) ليرة للدونم الواحد.
يروي الفلاح أكثم صالح من قرية أبو فرج معاناته بتسويق محصول الشوندر بالموسم الماضي قائلاً: لقد عانيت صعوبة كبيرة بالتنسيق بين موعد بطاقة  التوريد وتوفر ورشات قلع وتحميل المحصول وتوفر الجرارات لنقل المحصول إلى معمل السكر، وهذا لم يترك مجالاً أمامي لمناقشة أسعار أجور القلع والتحميل والنقل، وقد تحكمت ورشات قلع الشوندر وأصحاب الجرارات بالأسعار وفرضوا الأسعار التي تناسبهم، في حين كان كل همنا منصباً على تسويق المحصول قبل انتهاء الدورة التصنيعية بصرف النظر عن التكلفة إذ استنفر أهالي قريتي لتسويق محصولي في الأيام الأخيرة للدورة التصنيعية واستطعت تسويق حمولة عدد من الجرارات باليوم الواحد... ولذلك فمن غير الممكن أن أكرر ما عانيته العام الماضي بالمواسم الزراعية القادمة.
التسعيرة والحلاوة
حددت تسعيرة الطن الواحد من الشوندر السكري المستلم في شركات السكر بالموسم الماضي بـ (8500) ليرة إذا كانت درجة الحلاوة (16%) درجة، وترتفع تسعيرة الطن بمعدل (250) ليرة لكل درجة حلاوة، تزيد على (16%) ويخصم (100) ليرة لكل درجة أقل من (16%) وقد بلغ وسطي السعر الفعلي للكميات المستلمة في شركة سكر تل سلحب بالدورة التصنيعية الماضية (7502) ليرة وبلغ وسطي درجة الحلاوة (13%) والتجريم (8.97%) ولكن اللافت وجود تباين بين درجات حلاوة شوندر بعض الفلاحين وحلاوة بقية الشوندر المستلم بالشركة، وليس من السهل كشف هذا التباين لأن أغلب هؤلاء الفلاحين يرسلون محصولهم بأسماء فلاحين آخرين بأسمائهم علماً أن الشركة اعتمدت منذ سنوات شيفرة مرمزة لإيصال القبان وعينات تحليل درجة الحلاوة لتجنب التلاعب بدرجات الحلاوة.
المهندس إبراهيم نصرة مدير عام شركة سكر تل سلحب قال: مازالت إدارة الشركة تبحث عن أفضل السبل لمنع التلاعب بدرجات الحلاوة وذلك بهدف إنصاف الفلاحين بالتسعيرة المعتمدة وسنعمل بالدورة التصنيعية القادمة على منع استعمال أجهزة الاتصال (خلوي- أرضي) داخل مخبر تحليل العينات لعزل المخبر عن الوسط الخارجي.. كما سنعمل على منع إرسال العينات بشكل فردي إلى المخبر بل ترسل في مجموعات لتجنب إمكانية التمييز بين عينة وأخرى. وبخصوص قصر مدة الدورة التصنيعية قال نصرة: إن مدة الدورة التصنيعية مرتبطة بكميات الشوندر المورد إلى الشركة وقد بلغت مدة الدورة التصنيعية الماضية /18/ يوماً، علماً أن المساحات المزروعة بالموسم الماضي بلغت /1602/ هكتار بينما لم تتجاوز المساحات المزروعة بالموسم الحالي /978.4/ هكتار وكلما قصرت مدة الدورة التصنيعية تزداد تكلفة تصنيع كيلو السكر.
وأخيراً
إن إحجام الفلاحين عن زراعة محصول الشوندر السكري له مسوغاته المنطقية إذ من غير العادي أن يقبل الفلاح بزراعة محصول لايحقق له ريعية اقتصادية مقبولة وتوقف زراعة الشوندر لاتعني فقط توقف تصنيع السكر الأبيض في شركة سكر تل سلحب وهي شركة السكر السورية الوحيدة المستمرة بالعمل... بل يترتب على هذا التوقف فيما لو حصل فقدان دخل بمئات الملايين من الليرات لليد العاملة بزراعة الشوندر وهذا يستدعي معالجة سريعة للأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض الحاد بالمساحات المزروعة بالشوندر في محافظة حماة.