على أبواب مرحلة نقابية جديدة.. النقابات العمالية تحدد أولوياتها.. ترسم خارطة دورها الرقابي التشاركي وتلتزم الحوار

على أبواب مرحلة نقابية جديدة.. النقابات العمالية تحدد أولوياتها.. ترسم خارطة دورها الرقابي التشاركي وتلتزم الحوار

أخبار سورية

الأربعاء، ١٤ يناير ٢٠١٥

كعادته.. وبابتسامته المعهودة وكلماته الترحيبية وتواضعه المفعم  بالأبوة، استقبلنا محمد شعبان عزوز، رئيس مكتب العمال والفلاحين القطري، ورئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في مكتبه، وهو يقول “عمال سورية وحركتهم النقابية يعتبرون الأولويات التي حددها خطاب القسم منهاج عمل للمرحلة القادمة وسيبذلون الغالي والنفيس لتحقيقها من أجل إعادة بناء سورية أكثر قوةً وازدهاراً” .
هذه الكلمات لم تكن إلا مدخلاً للحديث الذي رتب خلاله عزوز أولويات العمل النقابي في المرحلة القادمة، حيث وضع تحدي مكافحة الإرهاب ومواجهته بكل الوسائل في مقدمة  الأولويات التي ستعمل عليها النقابات العمالية بكل جد وإصرار مع كافة جماهير الشعب، ودعماً ومساندةً للجيش العربي السوري البطل ورعاية أسر الشهداء، وهذا بحسب رأيه  ما يحتم على النقابات العمالية مسؤولية الارتقاء بمهامها وواجباتها النقابية والوطنية والأخلاقية والمهنية لمواجهة المخاطر المحدقة بالوطن والمواطن حاضراً ومستقبلاً، فمواجهة الإرهاب لا تقبل المهادنة أو المساومة بأي شكل من الأشكال، والطبقة العاملة وحركتها النقابية كانت دائماً في الخندق الأول إلى جانب الجيش والقوات المسلحة في الدفاع عن حرية واستقلال الوطن وإنجاز عملية إعادة الإعمار وإعادة بنائه أخلاقياً ونفسياً ومعنوياً ومادياً.أخذ الدور
عزوز الذي كان واثقاً من كل كلمة يقولها، لم يتوان لحظة في التأكيد على أن المرحلة القادمة لا تتطلب استجداء الدور والمواقف، بل على النقابات ممارسة دورها الرقابي التشاركي وامتلاك ثقافة القيام بالدور بكل مسؤولية، باعتبارها  موجودة في كل مواقع العمل ومفاصل الإنتاج .
ولإثبات واقع الحضور النقابي قدم لنا إحصائية حول  عدد اللجان النقابية الذي بلغ  2650 لجنة نقابية تجمعهم 170 نقابة ماعدا نقابات الرقة و18 ألف نقابي في اللجان والنقابات والاتحادات، وهذا دليل على وجود النقابات في كل مكان والتشاركية بينها وبين الوزارات حقيقية، ولا تحتاج إلى قرارات، فالنقابيون شركاء في اللجان الإدارية والمجالس الإنتاجية وفي كل اللجان الموجودة في التجمعات العمالية.

المهام النقابية
الحديث مع (أبو عبده ) لم يكن كلاسيكياً أو تقليدياً بالمفهوم العام، بل كان ديناميكياً، وفيه الكثير من الوقفات الهامة والمصارحات التي قد تدين القيادة النقابية في بعض الأحيان بالتقصير، ومن مبدأ النقد الذاتي حرص على أن يكون الحوار شفافاً دون أي بروتوكولات أو تعقيدات، وكان بين اللحظة والأخرى يتوقف ليقول (أي خيو شو يعني ما أخطأنا.. لاء ياسيدي أخطأنا ) واستشهد هنا بأن نسبة التغيير في اللجان النقابية وصلت إلى 60% حيث لم يتم تأهيلهم،  وهم لايعرفون شيئاً عن المهام النقابية وعن دور التنظيم النقابي، وهذا تقصير وخطأ وقعت فيه النقابات .
وبصراحة تامة قال :ليس عيباً أن نقر بتقصيرنا، بل العيب في الاستمرار بالتقصير، وفي الدورات السابقة اخترنا ممثلين للتنظيم النقابي في مجالس الإدارات ولم يتم تعليمهم المهمة التي يجب أن يقوموا بها و ما هو المطلوب منهم، والتباين في مواقف القيادات النقابية مع مواقف ممثليهم في هذه المجالس دليل على عدم امتلاك ثقافة القيام بالدور.
كما وضع الزيارات النقابية الميدانية التي كانت تتم في إطار الاجتماع الذي يعقد مع اللجان النقابية فقط، بحيث لم يتم الوصول إلى العمال، والقضية الهامة التي أحب عزوز التأكيد عليها أن  هناك الكثير من رؤساء النقابات كانوا في حالة من الدلال والكسل الذي سرى على كل مفاصل العمل النقابي وبشكل انعكس سلبياً على العمل النقابي، ولذلك على الجميع العمل بكل الطاقات المتاحة لترجمة شعار (سورية تستحق منا  كل الجهد والعرق والعمل ) والتحلي بأخلاق القادة النقابيين وممارسة الدور الوطني والأخلاقي والديني وعدم الانزلاق في متاهات المصالح الشخصية والمشاركة الفاعلة في كافة المؤتمرات النقابية وتوثيق جرائم الإرهاب بحق المنشآت والمحافظة على المكتسبات العمالية والإعلام عن كل عامل حمل السلاح ضد الدولة .
وركز على ضرورة امتلاك القائد النقابي ثقافة المعرفة للحوار والارتقاء بمستوى الخطاب النقابي ليكون على مستوى التحديات ومتطلبات المرحلة القادمة وبشكل يؤهل القائد النقابي لمناقشة النقابيين وتوجيههم بشكل صحيح بما يملكه من معرفة واطلاع على كافة القوانين الخاصة بالتنظيم النقابي وقوانين العمل الناظمة لعلاقات العمل (القانون 17) وكافة القوانين الأخرى، كاشفاً أنه تمّ وضع اللمسات الأخيرة على مشروع تعديل قانون التنظيم النقابي، وفيه الكثير من التعديلات التي ستنعكس على العمل والتنظيم النقابي.
الحالة الصدامية
وعندما سألناه عن حالة الوفاق والمهادنة مع الإدارات التي تتهم بها النقابات كانت إجابته واضحة وحازمة وفيها رؤية مستقبلية محددة حول طبيعة العلاقة التي يجب أن تكون والهدف الرئيسي للنقابات.. فالدخول في الحالة الصدامية مع الإدارات أمر سهل جداً، ولكن المطالبة بحقوق العمال من منطلق قانوني يتطلب الفهم الصحيح والقدرة على التعامل مع المستجدات والمتغيرات بسرعة مبنية على الوعي والقراءة الصحيحة للواقع والتعامل بجدية تامة مع كافة القضايا والمطالب العمالية واعتماد نهج فتح الباب أمام العمال والاستماع لكافة قضاياهم والتجاوب معها وتفعيل العلاقة مع الجميع دون أية عوائق وإلغاء المظاهر البيروقراطية  التي يتمسك بها بعض النقابيين في مواقع القيادة .

الحرية النقابية
وبذكاء يحترم ويقدر للقيادة النقابية المتمرسة، وجه عزوز رسالة إلى كل من يطعن في استقلالية النقابات، عندما تحدث عن الحرية النقابية والحالة الديمقراطية التي تعيشها النقابات في سورية، وعن استقلالية المنظمة النقابية التي لاتتدخل في عملها أي جهة رقابية وذلك لتعزيز دورها،  وفي الوقت ذاته رسم للعمل النقابي معالم الدور في المرحلة القادمة من خلال توجيه رسالة أخرى للنقابيين، مفادها أن أموال المنظمة النقابية خط أحمر ولن تكون مستباحة وستوجه لدعم جرحى الجيش وشهداء الوطن وشهداء الطبقة العاملة السورية الذين ضحوا بأرواحهم فداء للوطن ودفاعاً عن السيادة والكرامة، واعتبر هذه الأموال من الأموال العامة والتعدي عليها بمثابة التعدي على المال العام، ولذلك لابد من إعلام الاتحاد العام عن كل مبادرة بهذا المجال، وكشف عن أن أمانة العمل ستصبح أمانة العمل وشؤون الشهداء، وطالب النقابات بالبدء بآلية عمل جديدة والتركيز على ماهو مطلوب منها وفتح سجل شرف لتسجيل شهداء كل نقابة، فالعمال هم الجيش الثاني الذي قدم الكثير من الشهداء، وبإجراء مسح لكل حالات الإعارة وعدم تركهم بدون أي عمل، ولفت إلى وجود العديد من الشركات المتوقفة و إلى وجود 500 ألف عامل بدون عمل وبدون أي إنتاجية ورغم ذلك يحصلون على رواتبهم، وهذا عبء كبير يصعب على اقتصاد الدول العظمى تحمله، داعياً إلى الابتعاد عن النفاق ومجاملة الإدارات.

الدور الحقيقي
السؤال عن مساهمة النقابات في عملية إعادة الإعمار كان على مايبدو السؤال الذي استطعنا من خلاله أن نتكلم عن إعادة إعمار الحجر في حين أن الأخطر من ذلك تدمير العقل وتغييب الإنسان عن الوعي والمطلوب منا في الحركة النقابية تفعيل الحالة الوطنية والاجتماعية والمساهمة بنشر الوعي وتوعية الناس، خاصة أننا وبعد أربع سنوات من الأزمة هناك من ينظر إلى الخيانة الوطنية كوجهة نظر ومعارضة ومعارضة وطنية.
وتابع.. نحن الآن في تحد حقيقي لبناء مستقبل بلدنا،  وفي رهان على وعي المواطن السوري الذي يمثل حضارة عمرها أربعة آلاف عام ونشر العلم والمعرفة في أصقاع الدنيا وبنى دول الخليج، وأبدى عزوز استغرابه من ارتهان بعض أبناء البلد لأوامر الأعداء، فارتضوا أن يكونوا تحت سلطة إمارات الظلام والجهل وأفكار التطرف والتكفير والانصياع لرغبات الغرباء من الشيشان والأفغان وغيرهم من المرتزقة الذين دخلوا بلدنا لتدميرها وقتل وذبح أبنائها .

سورية تستحق
وفيما يخص تداعيات الأزمة المختلفة ومستجداتها الدولية وحالة الصمود الشعبي وبطولات الجيش العربي السوري في مواجهة الإرهاب، أكد على عدم إمكانية الفصل بين هذه المكونات رغم تناقضها في هذه المرحلة المصيرية للشعب السوري، فتداعياتها تنعكس مباشرة على  الحياة المعيشية للطبقة العاملة وكافة فئات وشرائح المجتمع السوري، وهذا ما وضع القيادات النقابية أمام مسؤولياتها المختلفة، ومن ضمنها تحدي إجراء الانتخابات النقابية العمالية للدورة النقابية السادسة والعشرين2014_ 2019 وفقاً لأحكام قانون التنظيم النقابي رقم 84 لعام 1968وتعديلاته والتي  بدأ حراكها  في النصف الأول من تشرين الأول 2014 والتي ستتوج بانعقاد المؤتمر العام خلال الأسبوع القادم تحت شعار (سورية تستحق منا كل الجهد والعرق والعمل، ونحن لن نبخل عليها بشيء.. كما لم يبخل أبطالنا بدمائهم وأرواحهم). وقبل أن ينهي عزوز كلامه قال لنا: نحن ندرك تماماً أن أعداء سورية ليسوا في حالة توافق ولايجمع بينهم أي جامع سوى تدمير سورية وإلحاق الأذى بشعبها، ولانتوقع منهم التوقف عن أفعالهم الشائنة والإجرامية، كما أن الأيام القادمة لن تكون أكثر هدوءاً ونتوقع الأسوأ، وطالما الانتصارات تتحقق على الأرض ستكون هناك شراسة في الإرهاب، فالدول العظمى التي شاركت بالحرب على بلدنا ليس من السهل عليها الإقرار بالهزيمة.

خلية عمل
كل شخص يزور الاتحاد العام لنقابات العمال يرى حالة الاستعداد والتحضير للمؤتمر العام الذي سيكون بداية لمرحلة جديدة من العمل النقابي، وطبعاً  ليس غريباً على الطبقة العاملة السورية وحركتها النقابية التي لم تكن بعيدة عن مختلف التطورات، وكانت  الحاضنة  الأساسية لهموم الشارع السوري وتطلعاته وساهمت بنضالها في تمتين الوحدة الوطنية وتدعيم ركائز الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي داخل المجتمع، واستطاعت تخطي كافة التحديات التي واجهتها، أن تدرك تماماً أن  المتغيرات بكل ما تطرحه اليوم من تحديات  تتطلب المزيد من العمل الجماعي والحوار مع كافة الجهات الوصائية لتخطي الأزمات المتوالدة داخل القطاع العام الصناعي وجميع العراقيل التي تؤثر سلبياً على مسيرة التنمية، وهي بذات الوقت تؤمن بأهمية تحصين نفسها وتوسيع قاعدة مشاركتها البناءة والارتقاء بدورها، لتكون كما كانت في طليعة القوى الوطنية العاملة لبناء سورية الحديثة المنيعة على أعدائها، تحت راية حزب البعث العربي الاشتراكي وبقيادة قائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد.