45 ألف فرصة عمل مهددة بالفصل برنامج تشغيل الشباب..أعباء تقض مضاجع الجهات المعنية.. وأحلام شبابية ضائعة

45 ألف فرصة عمل مهددة بالفصل برنامج تشغيل الشباب..أعباء تقض مضاجع الجهات المعنية.. وأحلام شبابية ضائعة

أخبار سورية

الخميس، ١٨ ديسمبر ٢٠١٤

شكل برنامج تشغيل الشباب في الجهات العامة، الذي بُدِىء به في بداية عام 2011، بارقة أمل للآلاف من الشباب الجامعيين بالدرجة الأولى من العاطلين عن العمل، وبعد انطلاقة البرنامج في عاميه الأول والثاني، قل الحديث عنه، ولم نعد نسمع أي إعلان لأية جهة تطلب كوادر!.. ولكن ليس هذه موضوعنا، إنما نحن الآن بصدد الوقوف على مستقبل هؤلاء الخريجين الذين تم تعيينهم في العامين الأوليين للبرنامج، لا سيما أنهم عقود سنوية مؤقتة لمدة خمس سنوات، حتى ان للمدير الصلاحيات بفصل من لا يجده مناسبا.. شروط هذا البرنامج جعلت الشباب أكثر خوفاً من المستقبل، ووضعتهم أمام تساؤلات عديدة:
لمَ تم التعيين بموجب عقود مؤقتة..؟
ولم لم يبت بأمر تثبيت هؤلاء الشباب الذين أتم من استمر بعقده حتى اليوم عامه الثالث..؟
وهل سيعود هؤلاء الشباب إلى خانة البطالة بنهاية عقدهم عند انتهاء المدة المحددة للعقد، أي بعد عامين؟.

مؤشرات نحو المحتوم
أصدر وزير الصحة نزار وهبة يازجي قرارا يقضي بعدم تشميل العاملين المؤقتين المعينين وفقاً لبرنامج تشغيل الشباب بالتأمين الصحي، كون برنامج تشغيل الشباب هو برنامج تدريبي وتأهيلي، وكون المتعاقدين بموجب هذا البرنامج هم عمال مؤقتون، ومدة التعاقد معهم كحد أقصى هي خمس سنوات.
إضافة إلى ذلك أصدرت رئاسة مجلس الوزراء تعميما بتاريخ 3/11/2014 المعطوف على كتاب وزارة العمل بتاريخ 25/9/2014، جاء فيه: يرجى بيان الرأي حول مدى الحاجة الفعلية لاستمرار عمل المتعاقدين لديكم، أو إنهاء تجديد عقودهم وذلك في ضوء الكفاءة، الأمر الذي زاد من  التأكيدات لدى هؤلاء الشباب بأن مصيرهم كمتعاقدين بات مؤكدا على مقصلة الفصل!..
وكما يقول المثل” بيضلّ الرمد أحسن من العمى”، فهل ما فعلته الجهات المعنية عبر إطلاقها برنامج تشغيل الشباب كان بمثابة جرعة منومة لأحلام الشباب، وهل يستيقظ من تم التعاقد معهم على كابوس الخروج من دائرة الوظيفة وخسارة فرصة العمل؟..
تساؤلات عديدة تدور في أذهان الشباب السوري اليوم، هذه التساؤلات وضعناها برسم المعنيين، من وزارة العمل إلى الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات إلى مجلس الوزراء ومجلس الشعب ووزارة الصحة، فماذا كانت النتيجة؟.

إنجازات وأرقام
المدير العام للهيئة العامة لتشغيل وتنمية المشروعات مجاهد العبد الله بيّن لنا ما تم تحقيقه خلال تنفيذ خطة البرنامج لعام 2011 بـ /10000/ فرصة عمل، وخطة عام 2012 بـ /25000/ فرصة عمل، أما خطتا عامين 2013 و  2014 فقد تم تخصيص فرص العمل المقررة فيها لذوي الشهداء.
وتابع العبد الله: الهيئة اقترحت مخاطبة رئيس مجلس الوزراء حول الاستمرار بتخصيص فرص العمل في خطة البرنامج للعام 2015 لذوي الشهداء، وكذلك بحث مآل البرنامج بعد انقضاء فترة الخمس سنوات المحددة في قرار إحداثه، وكذلك مآل العقود المنظمة للمستفيدين من البرنامج بعد انتهاء السنة الأخيرة منه، وتم رفع الموضوع إلى رئاسة مجلس الوزراء بكتاب وزارة العمل رقم م و / 1/ 4835 تاريخ 25/9/2014 متضمنا طلب الموافقة على ذلك.
أما جولتنا  في وزارة العمل فلم تكن مثمرة أبدا، ولم نحصل منهم على أي جديد أو مفيد، واكتفت بالقول على لسان معاون وزير العمل راكان ابراهيم بأن برنامج تشغيل الشباب هو برنامج تدريبي وتأهيلي، وانتهت لجنة القرار رقم /1/ لعام /2005/ إلى عدم تشميلهم بالتأمين الصحي كونهم من العمال المؤقتين المحددة مدة التعاقد معهم بخمس سنوات.

مسؤولية من؟
كمثيلاتها من الجهات المعنية ردت وزارة الصحة على استفساراتنا حول إلغاء التأمين الصحي بتبريرات ألقت بموجبها المسؤولية على مؤسسة التأمين ووزارة العمل، حيث قالت: وردها كتاب المؤسسة العامة للتأمين تاريخ 24/8/2014  والذي وضح بمضمونه أن عدم تشميل العاملين المؤقتين المتعاقدين وفق برنامج تشغيل الشباب كان قرارا صادرا عن لجنة القرار رقم /1/ لعام 2005 برئاسة وزير العمل، والذي جاء ردا على استفسار وزارة المالية حول اشتراك العاملين المؤقتين المعينين وفقا لبرنامج تشغيل الخريجين الشباب  بالتأمين الصحي استنادا لأحكام المادة 146 من القانون الأساسي للعاملين بالدولة رقم /50/ لعام 2004، وعملا بأحكام قرار رئاسة مجلس الوزراء المتضمن خطة توزيع فرص العمل لبرنامج تشغيل الخريجين الشباب، حيث قررت اللجنة المذكورة عدم شمولهم بالتأمين الصحي..
يذكر أن هذه اللجنة معنية بالرد على الاستفسارات الواردة إليها حول تطبيق بعض أحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة، والآراء الصادرة عن اللجنة المذكورة تعمم على كافة الوزارات للتطبيق بغض النظر عن الجهة طالبة الاستفسار، وبناء على ذلك قامت وزارة الصحة بإصدار تعميم بذلك بتاريخ 16/10/2014.

حلول مؤقتة
بوصلة البحث عن حقيقة ما جرى ويجري في برنامج تشغيل الشباب قادتنا باتجاه أعضاء مجلس الشعب لنلتقي بمؤسس جبهة العمل والإنقاذ الوطني و عضو مجلس الشعب المستقل في لجنة الحريات وحقوق الإنسان، أو اللجنة النائمة كما وصفها زهير غنوم، حيث قال: إذا كان هناك عجز توظيفي أو تشغيلي فعلينا ألا نخترع قضايا نضحك فيها على أنفسنا مثل عقود تشغيل الشباب، التي تعتبر بمثابة حبة مسكن، نهايتها غير واضحة المعالم أبدا، لا سيما بعد الأسئلة العديدة والمكررة التي وجهها الكثير من أعضاء مجلس الشعب للحكومة برئاستها الممثلة بمجلس الوزراء عن مصير ومستقبل هؤلاء الشباب، فكان التطنيش هو الرد حسب ما قاله غنوم، لأنه ليس لدى الجهات المعنية من ردّ يقنع الناس بالمنطق،  ووصف البرنامج بأنه تدمير لمستقبل الشباب وتدمير لرؤيتهم.
ورأى  غنوم أن عدم وجود مثل هذه البرامج، أفضل من وجودها، مطالباً  بالعودة  إلى قانون العاملين في الدولة الأساسي في الدولة، وإيجاد  قضايا مثل الضمان الجماعي والصحي والإنساني القائم على قواعد سليمة تضمن حقوقهم ومستقبلهم دون حلول آنية لا تحل المشكلات بل تزيدها تفاقما.
موعد مع الأمل
أثناء استفسارنا عن الموضوع في مجلس الشعب، تم إخبارنا بأن علينا التوجه إلى لجنة الشكاوى والعرائض، فالتقينا عبد الله شلاش عضو مجلس الشعب في اللجنة، وحدثنا بالنظريات المعتادة والأقوال المأثورة بأنه سيتم طرح الموضوع في المجلس وستتم المطالبة بعدم تسريح الذين عينوا بعقود سنوية لمدة 5 سنوات، وستتم المطالبة بتسوية أوضاعهم و تثبيتهم، كما ستتم دعوة وزير الصحة للاستفسار منه عن حيثيات وأسباب قراره بإلغاء التأمين الصحي لعقود تشغيل الشباب، وجميع هذه الأمور حسب عبد الله شلاش ستتم مناقشتها في المجلس قبل نهاية هذا العام.

ماذا رد مجلس الوزراء؟
بعد انتظار طويل دام لأكثر من ثلاثة أسابيع  واتصالات عديدة  مع رئاسة مجلس الوزراء وصلت حد التذمر وصلنا الرد وكان سؤالنا الأهم عن رد المجلس حول الاقتراح الذي قدمته الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات حول بحث مآل البرنامج بعد انقضاء فترة الخمس سنوات المحددة في قرار إحداثه، حيث اكتفى المجلس بما ذكره الجميع على لسان أسعد المحيميد مدير المكتب الصحفي في مجلس الوزراء بأنه: نظراً لكون عام 2015 هو العام الأخير للبرنامج، فقد تم الطلب إلى الجهات العامة المشاركة في خطط برنامج تشغيل الشباب بيان الرأي حول مدى الحاجة الفعلية لاستمرار عمل المتعاقدين في ضوء الكفاءات والإمكانيات المادية المتاحة، وبناء عليه سيتم البت بالموضوع، وإصدار القرار المناسب لجهة تمديده أو إنهائه، أما بالنسبة لموضوع التأمين الصحي فستتم دراسته في ضوء ما سيتم إقراره بخصوص أوضاع العقود المبرمة بين الجهات العامة والمستفيدين من البرنامج.

الاتجاه المعاكس
عملية البحث والتقصي عن اجابات واضحة وشافية حول برنامج تشغيل الشباب انتهت كما بدأت بالعديد من التساؤلات التي لم تجب عنها الجهات المعنية بوضوح، بل جاءت محشوة بالوعود ومغلفة بالغموض الذي لايزال سيد الموقف في هذه القضية الشبابية المصيرية بتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية على الآلاف من شبابنا الباحث عن المظلة الوظيفية وحياة الاستقرار الاجتماعي بكل مكوناتها، فهل تحمل الأيام القادمة ما يعيد الأمل لشبابنا، أم تنحرف بوصلة  القرارات بالاتجاه المعاكس؟.