«يبرود تُدغدغ أحلام التلّي».. معركة تحرير القلمون تبدأ قريبــاً؟

«يبرود تُدغدغ أحلام التلّي».. معركة تحرير القلمون تبدأ قريبــاً؟

أخبار سورية

السبت، ٢٧ سبتمبر ٢٠١٤

على أبواب الشتاء، تحاول “جبهة النصرة” تغيير ملامح منطقة القلمون المحرّرة علّها تستعيد بعضاً من زمام الأمور وتعزيز أوراقها العسكرية تمهيداً للربيع القادم بما انّ الشتاء إن أتى كما يكون الشتاء عادة، سيكون صعباً، مخففاً من ضغط العمليات العسكرية التي ستنحصر حتى دفىء الطقس.
لـ “جبهة النصرة” دون غيرها رؤية ما لمنطقة القلمون، هي لم تنسى بعض طعم فقدان مدنٍ أساسية، هي تحاول دوماً إبتكار الخُطط للهجوم ومحاولة إستعادتها، لكنها تصطدم دوماً بعقل حزب الله والجيش السوري العسكري، المُسيطر على الوضع، محكماً إغلاق المُدن وتأمينها، مبعداً النصرة عنها، ملاحقاً إياها نحو الجرود والثغور التي إنكفاءت إليها عند فرارها من المدن بعد إنكسارها الدراماتيكي.
لا شك ان “كرّب” المسلحين في الجرود من قبل جنود الحزب والجيش يأتي ضمن سياق إبعادهم عن المحاور القريبة من مدن وقرى القلمون. الحزب كما الجيش السوري لا يريدان إعطاء الفرصة للمسلحين للالتقاط الأنفاس، هم يعلمون ما يشكلون من خطر في حال الراحة العسكرية، وعليه، إقتضى ملاحقتهم في الجرود في عمل عسكري ذات أوجه إيجابية متعدّدة تنعكس على الداخل السوري كما الداخل اللبناني بشكلٍ متساوٍ.
على الرغم من ملاحقة “النصرة” والمسلحين بشكل عام في الجرود، وإنحصار الأفق العسكري لديهم بحسب ما يبدو ذلك من خلال الهزائم والضربات المتتالية عبر الكمائن وغيرها، إلا انهم لا يزالون يفكرون بمستوى أبعد من حجمهم وقوتهم الطبيعية، ولا زالت أحلام إستعادة المدن والثأر للشرف تلاحقهم، وهم يحاولون إستغلال أي عامل عسكري – ميداني على الأرض. على هذا المبدأ، يحاول مسلحي “جبهة النصرة” إستعادة توازنهم العسكري وثقلهم عبر حبس الأنفاس الأخيرة وإستثمارها في هجوم يروه ضرورياً في مثل هذا التوقيت، ويرون فيه العامل لخروجهم من عنق الزجاجة التي أدخلوا أنفسهم فيها مع تمهيد الحزب لذلك، الذي قام بعد ذلك بإحكام إغلاقها، هم يحاولون الخروج من ضيق الحال ومن حصارِ مستمرِ لاشهر في الجرود البعيدة عن القرى الاساسية.
وفق هذا السيناريو تستعيد “جبهة النصرة” وبعضاً من مسلحي كتائب المعارضة الدائرة في فلكها نماذج القتال في القلمون، ومحاولات المباشرة بمعركة أوسع معززة بعناصر جديدة متجاهلة الضربات الأمريكية وتأثيراتها السلبية. يستعيد القادة الميدانيون بعضاً من الخطط العسكرية ويبتكرون أخرى في محاولة منهم للهجوم على قائمة مدن وقرى قلمونية هامة، هذا ما يتردّد في غرفهم السوداء وعبر عينة من حساباتهم المحدودة الإنتشار، فتفكيرهم بصوت عالي يكشف عمّا يدور داخلهم.
معركة تحرير القلمون.. عنوان كبير لميليشيات شبه منهارة تسعى عبرها من دغدغة مشاعر بعضاً من المتحمسين لإنجاز ما عسكري في المنطقة. تُطلقها “النصرة”، او بتعبير أوضح تسعى إلى إطلاقها مستغلة تجميع “جماعات الجرود” وبعض الجيوب الصغيرة، النافرين من الحصار وضغط المعارك، وتحاول قيادتهم نحو العبور إلى الهدف الإستراتيجي، “يبرود” التي تُدغدغ مشاعر “التلّي” (أمير النصرة) بعد ان سقط فيها بالهاوية، ويريد ان يصعد من الهاوية عبر صعوده إليها!.
لعل أبرز المناطق الموضوعة على قائمة الأهداف “يبرود” التي سقطت في أيام قليلة بيد حزب الله والجيش السوري. تحشد “النصرة” قواها في الجرود، وتحاول بعثرة الاوراق عبر إستخدام أنماط متعددة في الهجوم، كالهجوم على عدة محاور بأعداد كبيرة، في وقتٍ واحد، مترافقاً مع ضربات صاروخية – حرارية ضد وحدات حزب الله والجيش السوري المتقدمة، علهم يستعيطون كسرها والعبور في “خط جهنم” نحو نقاط يمكن التمركز فيها على مقربة من الأهداف. الكلام عن “معركة تحرير القلمون” ليس كلاماً مختلقاً، بل واقعاً بات هؤلاء يجاهرون به ويتحدثون عن إعدادهم الخطط له قبيل قدوم الشتاء، بعيداً عن الكلام حول تقرير وتحليل حجم الخطر.
ترى مصادر متابعة للواقع الميداني، انّ مثل هذا الطرح (إن صح) لدى المسلحين فهو “جنوني”، وذلك لعدة عوامل لعل أبرزها فقدانهم الترابط في الميدان، وتشتّتهم، ووجودهم ضمن بيئة جغرافية مطوقة عسكرياً بعدة أساليب، من الجندي المرابض مع سلاح رشاش إلى العبوة الناسفة والتشريكة المزروعة، ومن طائرة الإستطلاع حتى المقاتلة الحربية، في منظومة عمل متكاملة مهمتها ليس فقط حماية “القلمون”، بل ان الهدف الإستراتيجي إنهاء الحالة المسلحة في القلمون.
وتعتبر المصادر في حديثها لـ “الحدث نيوز”، ان “إقدام النصرة او اي فصيل مسلّح على عملية عسكرية في هذا الوقت في القلمون يعتبر “إنتحاراً عسكرياً”، وهي ستعزّز من إنكشافها أمام رصد المقاومة والجيش، ويعتبر خروجها في مثل هذا الوقت على أبواب الشتاء خروجاً بتأشيرة واحدة دون عودة، فربما تمتلك هي توقيت إعلان المعركة، لكنها حتماً ليست من يُقرّر نهايتها أو الشكل الذي ستنتهي به، ولن تستطع تكرار سيناريوهات الفرار والإنكفاء نحو الثغور السابقة بعد ان تصبح تحت رحمة المناخ القاسي في المنطقة التي سيفرض ثقله عليها بالاضافة إلى الضربات العسكرية”.
“النصرة”، حاولت في اليومين الماضيين تحقيق شيئاً من السيناريو الذي نكشف عنه في القلمون، فهي سعت إلى إختراق عدداً من المحاور في الجرود، من “عسّال الورد” نحو جرود “الجبة (الصرخة)، ومن جرود “رأس المعرة” نحو جرود “الجبة” ايضاً، مستغلة بعض ثغرات العبور من جرود عرسال التي باتت حالياً خطاً خلفياً للمسلحين بعد ان كان القلمون خطهم الامدادي الإستراتيجي.
الواقع الميداني على الأرض يظهر صعوبة ما تصبو “النصرة” إلى تحقيقه على الأرض، امّا الهجمات التي شُنّت في الأيام الماضية كما الحديث عن إستقدام مسلحين من الغوطة الغربية لا تعدو كونها زوبعة في فنجان تسعى من خلالها للتأثير إعلامياً وحشد بعضاً من تأييد شعبي يضمحل مع مرور الأيام، وتسعى من خلال ما تقدم إلى إبراز نفسها مجدداً على الساحة بعد الجمود العسكري على الرغم من النشاط المنحصر في الجرود فقط. يبدو ان شعار “أحفر قبرك في يبرود” سيعاود الإنقلاب على من أطلقه سابقاً، لكن بنسخة متجددة ومعمّمة على كل “القلمون”.