النمر عائدٌ من مورك إلى حلب..

النمر عائدٌ من مورك إلى حلب..

أخبار سورية

الثلاثاء، ١٦ سبتمبر ٢٠١٤

 العقيد سهيل الحسن الذي يحمل عدّة ألقاب منها "نجم سهيل" و"الريح الأصفر" و"النمر"، وهو أشهر ألقابه، لما هناك من شبهٍ بين النمر وبينه، فالنمر يشتهر بالسرعة والمناورة والضربة القاضية وهي نفسها صفات العقيد سهيل الحسن، وعملياته العسكرية.
عندما يقرّر الهجوم فإنّ عمليته لا تستغرق إلّا أياماً قليلة، وهذا ما حصل في أكثر من مكانٍ في سورية، ومن أهم عملياته فتح أوتوستراد اللاذقية – إدلب، وفك الحصار عن مدينة حلب عبر سلوكه طريق السلمية خناصر والعديد من المهمّات الحيوية التي غيّرت في ساحة الميدان تغييراً جذرياً، وتشهد نتائج العمليات العسكرية في حلب على قدراته الفائقة في إدارة العمليات الميدانية من فكّ الحصار عن الأحياء الغربية لمدينة حلب الى تحرير المدينة الصناعية في الشيخ نجار، وفكّ الحصار عن سجن حلب المركزي وأجزاء هامة من الريفين الجنوبي والشرقي في حلب.
لست هنا بصدد نظم قصيدةٍ أو بيان مدحٍ في الرجل ولكنّ أعماله ومنجزاته تتكلّم عنه، والكثير من الشهادات من موالين ومعارضين ذكرت أخلاقياته والتزامه وبعده عن الفئوية والطائفية، بإستثناء تنسيقيات ومواقع الجماعات المسلحة الإعلامية التي أعلنت موته عشرات المرّات وذهبت في وصفه حدّ تشبيهه بالشيطان، وهو أمرٌ أثبتت الجماعات المسلّحة جدارتها فيه، ألا وهو التهديد والوعيد وآخرها ما نشرته عن تهديدٍ للحسن عبر أجهزة "اللاسلكي" من أنّه سيلقى مصيراً بشعاً وأنّ أشاوس وأبطال ريف إدلب بإنتظاره لتلقينه درساً لن ينساه، في حين أن الكثير من الناس لا يعلمون أنّ أكثر من 70% من جنود وحدة المهام الخاصة التي يقودها العقيد سهيل الحسن هم من أرياف إدلب وحماه.
واتّهمه الكثيرون بالوحشية من خلال استخدامه القوّة النارية المفرطة عندما يبادر بالهجوم، متناسين أنّ المتحاربين لا يتراشقون بالورود بل بما يمتلكون من أسلحةٍ وعتاد.
عُرف عن العقيد الحسن أنّه قبل أن يهاجم منطقة فإنّه يحاول توفير الدم والعرق من خلال مخاطبة الجماعات المسلّحة ودعوتهم للإستسلام، وهو أمرٌ تكرّر حدوثه في الأيام الأخيرة عندما دخل الى حلفايا وقبلها خطّاب والبارحة الى طيبة الإمام دون أيّ قتال لتجنيب الناس القتل والقرى الدّمار.
وفي إضافةٍ حول سيرته، ليس العقيد سهيل الحسن من محبي الظهور الإعلامي وتكاد تكون إطلالته بعد تحرير سجن حلب الوحيدة، حيث بدا من خلال المشاهد أنّه يتصّف بالحزم والحنان معاً وهي صفة تتواجد في الضباط الناجحين الذين يقاتلون بشراسة وبشرف في نفس الوقت.
الكثير من المواقع الإخبارية والإعلامية تحدّث عنه، وكان أشهر ما قيل عنه التقرير الذي نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية ووصفت بعض ما فيه من تفانٍ وإخلاص لبلده وقضيته وبأنّ سورية تشهد حرباً غير عادية وأنّ من يقاتلهم الجيش هم مخلوقات وليسوا بشراً.
العقيد الحسن الذي رفض تسلًم رتبة عميد وخلع رتبته الحالية وأقسم أنه لن يضع رتبته الجديدة الاّ في إعزاز، وإعزاز هي بلدة في ريف حلب الشمالي على الحدود مع تركيا، وهذا ما دعاني الى اعتماد عنوان: النمر عائدٌ الى حلب من مورك، إضافةً الى سير العمليات الحالية في ريف حماه.
فما جرى في ريف حماه يعتبر بمعايير العلوم العسكرية وبحسب توزع السيطرة السابقة إنجازات غير عادية تستلزم شهوراً، فيما تمّ الإنتقال من وضعٍ تسيطر فيه الجماعات المسلّحة على نقاط وقرى وبلدات هامّة قاربت تهديد مدينة حماه نفسها ومطارها العسكري الى وضعٍ أصبحت فيه مورك وكفرزيتا على وشك السقوط، كل هذه الإنجازات في أقلّ من أسبوع من العمليات العسكرية.
قبل الشروع في الهجوم المضادّ كان وضع مدينة محردة مقلقاً للغاية، خصوصاً أنّ بلدة حلفايا التي كانت تعتبر معقلاً لجبهة النصرة سقطت دون قتال واندحر مقاتلوها بمن فيهم الجولاني الى الشمال فيما كان لسقوط تل الناصرية الأثر الكبير في تهاوي باقي البدات والقرى، وآخرها زور ابو زيد وطيبة الإمام اللتين بسط الجيش السوري سيطرته عليهما.
العمليات المباشرة اللاحقة بالتأكيد ستكون بإتجاه مثلث مورك – كفرزيتا – اللطامنة الذي أصبح في وضعٍ حرج بعد سيطرة وحدات المهام الخاصة على النقاط الأستراتيجية الهامة في ريف حماه الغربي والتي هي على وشك البدء بشق طريقها الى الريف الشمالي وصولاً الى خان شيخون.
مما لا شكّ فيه أنّ ما حصل يعتبر تحولاً استراتيجياً وليس مجرد نصر تكتيكي أو موضعي، فالكثير من العوامل المتداخلة والمعقدّة هي التي سترسم آفاق المرحلة القادمة، وبالتأكيد أنّ جوهر العمليات القاصمة سيكون في منطقة معرّة النعمان التي ستؤدي السيطرة عليها مجدّدًا الى خلق منطقةٍ واسعة من سيطرة الجيش السوري، سينشأ عنها فكّ الحصار عن معسكري الحامدية ووادي الضيف وإزاحة الضغط عن جبل الزاوية والبدء بربط المناطق الممتدة من مطار ابو الضهور الى خناصر شرقاً، والصعود شمالاً بإتجاه الزربة في ريف حلب والتي توقفت العمليات عند مشارف خان طوخان وتل إعزان التي تشكل نقاط تقدّم هامّة ومتكاملة مع إنجازات ريف حماه الحالية واللاحقة، وعندما نقول اللاحقة فإنّنا نستند الى ما يجري من شكل العمليات واستهدافاتها وهو أمر بديهي
المهم في المرحلة المقبلة أن تجري العمليات ما بعد خان شيخون بنفس الوتيرة والزخم التي حصلت في ريف حماه، مع الأخذ بعين الإعتبار أنّ حجم عديد الجماعات المسلّحة في معارك ما بعد خان شيخون سيكون أكبر وستكون المواجهة أقوى وأشرس.
العودة الى حلب هي من ضمن قسم العقيد النمر بوضع رتبة عميد في إعزاز والمعروف عن العقيد الحسن انّه يفي بوعوده طالما هو حيّ، وخاتمتي هذه هي ردٌ على بعض الحلبيين الذين اعتبروا عودة النمر الى حماه تخلّياً عن حلب، وما أود قوله لهم: "إنّ المعارك العسكرية عملٌ معقّدٌ قد يستلزم أحياناً خوض طريق طويل لتحقيق الهدف، تماماً كما فعل النمر عندما سلك الطريق الأطول عبر الصحراء من سلمية الى خناصر فحلب.
إنه عائدٌ فانتظروه.