ماذا يعني مطار الطبقة؟ ولماذا تصر «داعش» على اقتحامه؟

ماذا يعني مطار الطبقة؟ ولماذا تصر «داعش» على اقتحامه؟

أخبار سورية

الخميس، ٢١ أغسطس ٢٠١٤

منذ بداية الحرب على سورية، كانت الرقة الواقعة شمال شرق سورية، من اكثر المدن الداخلية السورية ابتعاداً عن مجريات الاحداث، حتى دخلتها المجموعات المسلحة بشكل مفاجئ، وعاثت فيها الخراب والدمار. ولم تكتف تلك المجموعات بمدينة الرقة بل بدأت تتوسع باتجاه سد الفرات ومدينة الطبقة، وباتجاه الريف الغني بآبار النفط ومحطات تعبئة الغاز، في محاولة منها للسيطرة على العصب الاقتصادي المحرك لعملياتها في سورية والعراق، وهو النفط والمياه.
خلافات المجموعات المسلحة بدأت بالظهور، بعد الاشكاليات الحسابية حول ارباح سرقة النفط، وادارة المناطق، حيث تمكنت المجموعات المدعومة من داعش من بسط سيطرتها على المدينة واجزاء من ريفها. في هذه المرحلة كانت القيادة السورية تدرس جميع الاحتمالات، حيث كان هدف المجموعات المسلحة تثبيت مواقع لها بالاضافة الى مقار تستقبل فيها المسلحين القادمين من تركيا والعراق، والتحضير من هناك للسيطرة على باقي قطاعات الريف في شمال شرق سوريا، وصولاً حتى منطقة الحسكة في الشمال الشرقي وتدمر في الجنوب.
حينها بدأت القيادة العسكرية للجيش السوري بوضع الخطة وفق المعلومات الامنية الواردة اليها. داعش بدأت تجمع قادتها ومقاتليها وعتادها الحربي في الرقة، وبدأت تفرض وجودها كأمر واقع، وتتعامل باسترخاء شديد، حيث كانت تقتضي الخطة الامنية للجيش السوري، بالسماح لداعش بالتجمع داخل الرقة واحيائها وريفها، واستقطاب جميع مقاتليها الى هذا المحور، ما يعني تحول الرقة مركز ثقل لها في منطقة شرق سورية، الامر الذي سيسهل على الجيش السوري الانقضاض عليها وفق مبدأ كسر البيضة، من خلال ضربة واحد او عدة ضربات متتالية، تخلخل من وجودها بشكل كامل في المنطقة.
لم تتوقف الخطة على ذلك، بل بدأت خلايا العمل النائمة في مناطق مختلفة من الرقة ودير الزور بجمع المعلومات عن جميع مواقع ومراكز القيادة، في مدينة الرقة، بالإضافة الى العتاد الحربي وتنقل المسلحين وقادتهم، والالية التي تعمل بها المجموعات المسلحة، وإعداد المجموعات وطرق التواصل، كما جمعت معلومات مهمة عن طرق التنقل والوصول الى الحدود التركية والعراقية، ما ساعد الجيش السوري بتشكيل تصور واضح عن مدى قدرة هذه المجموعات والطريقة التي يجب التعامل معها.

العشائر تنتفض
في الوقت نفسه كانت خلايا شعبية اخرى تعمل على مساعدة القبائل بالانتفاض بوجه مجموعات داعش لافقادها الحاضن الشعبي في تلك المنطقة المكون من العشائر والنظام القبلي، ما يجعل من وجودهم اكثر ارهاقاً، ويهيىء الاجواء للعمل العسكري المرتقب. في ظل هذه الترتيبات والعمل المتواصل، انتفضت العشائر بشكل سريع على مجموعات داعش، ما ادى الى اندلاع اشتباكات عنيفة في ظل مساندة عدة قرى لبعضها بعضا في مواجهة داعش، ما سمح بطردهم من عدة قرى في ريف دير الزور والرقة، فيما حاولت مجموعات داعش الاقتراب من مطار الطبقة العسكري، في محاولة منها للدخول اليه، وعندها اتخذ القرار العسكري، عملية عسكرية تشبه العاصفة، اعطيت الاوامر لتنفيذها.
بطل هذه العملية كان سلاح الجو في الجيش السوري ، حيث بدأ بالتحرك.، احداثيات واضحة، ومواقع معروفة، وعدد كبير من المسلحين توجد داخلها. كان القرار لن تبقى الرقة ملاذاً امناً لهم بعد هذا الوقت، لتعود الرقة الى المشهد الميداني مع عشرات الغارات الجوية، حيث وصلت الى اكثر من 125 غارة في يومين، استهدفت بشكل مباشر مبانِي القضاء العسكري، والرقابة والتفتيش وفرع الأمن السياسي وكراج “سفارة حلب”، ومناطق بجوار مباني المحافظة ومشفى الطب الحديث والمشفى الوطني وكراج الحافلات في مدينة الرقة المعقل الرئيسي لداعش في سورية. كما شنت غارات على مدينة الطبقة ومحيطها وقرى في ريفها بمحافظة الرقة، وعدة بلدات وقرى بريف حلب الشمالي الشرقي.

مقتل قادة “داعش”
ولم تتوقف الغارات حيث طالت محيط حاجز المقص بالقرب من دوار العلم، وبناء “كلش” المجاور لفرن الفردوس ومبنى قيادة الشرطة “سابقاً” والمسبح القديم ومقر لداعش قرب مدرسة مروان عويد بالقرب من المرور وفندق الكرنك وخلف الجسر القديم في محيط مضخة المياه ومحيط المنطقة الصناعية ومقر “الشرطة الإسلامية” الواقع داخل الصالة الرياضية ومبنى الشؤون الجديد قرب فرع الأمن السياسي “سابقاً”. أما في ريف المحافظة فتوزعت الاستهدافات على الشكل التالي: مفرق مدينة الطبقة ومعظم مقرات داعش في قرية المنصورة إضافة لقرية هنيدة.
الغارات أدت الى مقتل عدد كبير من قادة داعش الذين كانوا يخططون للهجوم على مطار الطبقة، ومنهم أبو عابد البوسني (من البوسنة) والذي كان يشرف على تدريب الوافدين الجدد الى مجموعات داعش بالإضافة الى اكثر من 30 قيادياً وعدد من المسلحين.
العاصفة التي اثارها الجيش السوري في الرقة، دفعت المجموعات المسلحة إلى اخلاء مواقعها ومراكزها، وسحب من تبقى من قادتها نحو منطقة مجهولة، بعد انتهاء فكرة الهجوم على مطار الطبقة العسكري، ذلك المطار الذي يعتبر مطار إمداد رئيسي للجيش في منطقتي الحسكة والرقة، ويشكل نقطة ارتكاز بالنسبة للوحدات المقاتلة، التي تتوزع على مساحة جغرافية كبيرة بين مدينتي الرقة والحسكة ودير الزور.
وجاءت العملية لفرض طوق امني حول المطار لتأمين المنطقة المحيطة بالمدرجات على مسافة لا تقل عن 35 كيلومترا من مختلف الاتجاهات، كون مطار الطبقة من اكبر المطارات العسكرية ويتسع لـ 55 طائرة مقاتلة في نفس الوقت وتبلغ مساحته 20 كلم، ويحتل عقدة مواصلات جوية وبرية هامة بين الرقة والحسكة والبوكمال وحلب وحماة وحمص ويبعد عن الرقة 45 كم وعن الحسكة 282 كم. و عن حلب 137 كم وعن البو كمال 268 كم . وقد كشف مصدر عسكري أن هدف داعش الهجوم على مطار الطبقة كان من اجل المهمة الاكبر وهي دخول مطار دير الزور العسكري وبالتالي افراغ المنطقة الشرقية من الجيش السوري.
يذكر أن هذه ليست المرة الاولى التي يهاجم فيها المطار، حيث هاجمته مجموعات داعش بعملية انتحارية سابقة من خلال تفجير شاحنة بداخلها 6 طن المتفجرات على ابوابه .