الأخطاء الطبية هل يدفع ثمنها الأطباء ؟ النقابة : 90% غير مقصودة .. الصحة : نتمنى اعتماد مايسمى (عرض حالات)

الأخطاء الطبية هل يدفع ثمنها الأطباء ؟ النقابة : 90% غير مقصودة .. الصحة : نتمنى اعتماد مايسمى (عرض حالات)

أخبار سورية

الجمعة، ١٤ ديسمبر ٢٠١٨

ذهب ضحيتها العديد من الأبرياء الذين قدموا إلى المشافي العامة أو الخاصة لأجل تسكين آلامهم ، فخرجوا جثثاً هامدة بتقرير صغير يذكر فيه أطباء المشفى سبب الوفاة والدعاء للميت بالراحة الأبدية .
كثيرة هي القصص المؤلمة التي سمعنا ونسمع بها الناجمة عن الأخطاء الطبية نتيجة الإهمال أو ضعف الخبرة أو نتيجة الخطأ في التعامل مع التجهيزات الطبية لتكون النتيجة الموت أو الإصابة بعاهات مدى الحياة .
 فهذه أليسار التي دخلت أحد المشافي لمعاناتها من أنفلونزا بسيطة وتخرج وهي فاقدة للبصر والسمع ، وحلا الطفلة الصغيرة التي كانت تعاني من انحراف وتيرة أجريت لها عملية بعد أن قرر الطبيب المختص من دون إخضاعها لأي تحليل أو صورة شعاعية وعلى إثر العملية أصبحت الجهة اليسرى من أنفها مغلقة ولا تستطيع التنفس منها وحتى الآن وبعد عامين وهي تعاني من المشكلات الناجمة عن العمل الجراحي الذي أجري لها .
وقصة ثالثة للسيدة (ح . م ) التي تعرضت لخطأ طبي أثناء الولادة أدى إلى استئصال الرحم وموت طفلها وبقائها لمدة عام كامل وهي في حالة سيئة جداً، وحتى اليوم لمّا تزل تأخذ الكورتيزون بعد أن تعطلت عندها الأفعال الإرادية لمدة عام .
وقصص كثيرة عن إجراء عملية للركبة اليسرى بدلاً من اليمنى أو نسيان إحدى أدوات العمل الجراحي داخل جسم المريض .
بالتأكيد هذه القصص ليست الوحيدة وإنما مئات القصص ، وبالتأكيد أيضاً وجودها لا يقتصر على مكان أو بلد معين فحسب ، وإنما موجودة في كل مكان وهذا حسب إحصائيات وتقارير رسمية ، فحتى البلدان الأكثر تقدماً وتطوراً والتي قطعت أشواطاً في مجال مهنة الطب ، لديها وفيات سنوية ناجمة عن الأخطاء الطبية ،ولكن حكماً في بلادنا لمّا تزل نسبها أضعافاً مضاعفة .
ثقافة الإدعاء معدومة
وما يثير الغبن في النفس أن ثقافة الإدعاء عند المواطن المتضرر رغم حجم الضرر الكبير في أغلب الأحيان لمّا تزل قاصرة لا بل معدومة ، فمنهم من يردها إلى القضاء والقدر ومنهم يشعر بالملل ويعرف النتيجة بأن شكواه لن تجدي نفعاً ، وذلك بسبب تعدد المرجعيات النقابية والحكومية والقضائية في شكاوى الإهمال والأخطاء الطبية ، ومنهم من لا يريد الإساءة أو إلحاق الضرر بهذا الطبيب أو تلك المشفى .
النقابة : للتمييز بين الأخطاء
 الدكتور غزوان المرعي نقيب الأطباء في محافظة حماة قال :
قبل أي شيء يجب التمييز بين الخطأ الطبي والاختلاط الطبي .
فالخطأ الطبي ينجم عن الإهمال والتقصير وعدم التبصر وهنا يعاقب الطبيب ، فمثلاً إذا أجري تنظير ركبة يمنى لمريض في حين أنه يحتاج إلى تنظير الركبة اليسرى أو نسيان شاشة أو أداة معينة حادة في جسم المريض.
أما الاختلاطات فهي المضاعفات التي تحدث أو تظهر أثناء العمل الجراحي خارجة عن إرادة الطبيب والكادر أو بعد العمل الجراحي وهذا لا يعاقب عليه الطبيب .
وبكل الأحوال في حال وقوع الخطأ أو الاختلاط توجد لجنة هي من تحدد، والعقوبات تكون حسب الحالة وحسب الخطأ، فهناك عقوبات تتخذ بحق الطبيب سواء التعويض أو الإنذار أو إغلاق العيادة لمدة أسبوع أو شهر أو 3 أشهر أو سنة ومن الممكن إغلاقها بشكل دائم ، ويمكن أيضاً حلها بشكل ودي .
90% غير مقصودة
في العموم 90% من الأخطاء الطبية هي غير مقصودة، وأكثر في العمليات الجراحية ، إلا أنها انخفضت بشكل كبير خلال الأربع سنوات الأخيرة .
الوعي
وعن أسباب تراجع نسبة الأخطاء يقول الدكتور غزوان :
لم يعد شيئاً خافياً على المريض ، فالثورة التكنولوجية جعلت المواطنين على علم  بكل جوانب المرض، وثانياً مادة أخلاقيات الطب التي تم إدخالها إلى مناهج كلية الطب مؤخراً جعلت الأطباء أكثر التزاماً بحقوق المريض وأكثر تحملاً للمسؤولية .
بعضهم ضعيف خبرة
وعن ضعف الخبرة لدى العديد من الأطباء قال : نعم يوجد وللأسف العديد من الأطباء تنتهي مسيرتهم في عالم الطب مع افتتاحهم لعيادات ، في حين أنه من المفروض الاطلاع باستمرار على كل جديد وحضور المؤتمرات والندوات الطبية التي تزيد من خبرة الطبيب ومعرفته ، علماً أن الوزارة كانت خطتها قبل الأزمة في إلزام جميع الأطباء بالخضوع لما يسمى التعليم الطبي المستمر من خلال فرض مؤتمرات إلزامية وندوات طبية .
3 قضايا ( ادعاءات ) على طاولة النقابة
حالياً يوجد (3) حالات فيها أخطاء طبية تقدم أصحابها بشكاوى ضد الأطباء والتحقيق قائم فيها ، اثنتان منها حقن بوتوكس وقد أثبت التحقيق أن الطبيب لا يحمل اختصاص ( تجميل) وحالة لمريضة أجري لها شد بطن تجميلي انتهت بمشكلات صحية .
لافتاً إلى أن معاناتهم تكمن في افتقاد الغالبية لثقافة الشكوى ، فهناك الكثير من المرضى يتغاضون ولا يتقدمون بشكاوى وهذا خطأ ، فتقديم الشكوى لا يعني وليس الهدف منه إلحاق الأذية والضرر بالطبيب ، وإنما تصحيح المسار وتجاوز الأخطاء ، ومن ناحية أخرى لن نكون قادرين على تحديد إحصائية للأخطاء الطبية .
الصحة : لعرض الحالات
الدكتور جهاد عابورة مدير صحة حماة قال : الأخطاء الطبية عادة يتم تحويلها إلى النقابة وهي من تقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة في التعامل مع كل حالة والإحالة إلى القضاء إن لزم الأمر ، ولكن ما نتمنى تطبيقه هو اعتماد ما يسمى بـ ( عرض حالات )  من خلالها تناقش أية حالة لم تمثل إلى الشفاء وتجرى دراسة كاملة لها وتكتشف مواقع الخطأ في ما يؤدي ويساعد إلى تطوير المعاينات .
ونحن نقول : 
مهنة الطب مهنة إنسانية وأخلاقية قبل أي شيء ، فالطبيب فضلاً عن كل شرائح المجتمع يتميز بمستوى علمي رفيع ومستوى اجتماعي مرموق ، ولديه كل ما هو مقدس كحياة المريض بكل ما يملك من أعصاب وأحاسيس وأسرار وخفايا موجودة بين يديه وضميره ، لذا يجب عليه أن يكون أهلاً لهذه المسؤولية الثقيلة وقبل أن ينتظر الطبيب المحاسبة من نقابته أو من القانون يجب أن تكون أخلاقه وضميره هي من تحاسبه .
نسرين سلبمان