ما الذي يمكن أن يحدث لإسرائيل إذا إنتصر الجيش السوري ؟

ما الذي يمكن أن يحدث لإسرائيل إذا إنتصر الجيش السوري ؟

أخبار سورية

السبت، ١ أبريل ٢٠١٧

كاظم ناصر
لاشكّ أن الوجود الإيراني الملاحظ ، والذي يتعزّز يوما بعد يوم في العراق وسوريا، يسبّب قلقا بالغا لحكّام الخليج وأمريكا وإسرائيل، مما دفع هذا الثلاثي إلى تكوين جبهة عربية أمريكية صهيونية هدفها القضاء على النظام السوري، وإنهاء التحالف الإيراني السوري العراقي، وتوجيه ضربة قاصمة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإضعاف حزب الله، وتصفية القضية الفلسطينية . الدول العربية المشاركة في هذا التحالف تستخدم ذرائع كاذبة ومكشوفة لمعادات إيران منها أطماعها في دول الخليج، ونشر التشيّع بين السنّة، وتهديد الأمن القومي العربي .
إيران لها حدود بريّة وبحريّة مع دول الخليج، ولها مصالح إقتصادية واستراتيجية وأمنيّة وثقافية حيويّة في المنطقة، ومعادية لإسرائيل وأمريكا، فلماذ يعتبرها بعض العرب عدوّة لهم ؟ ولماذا يتجاهلون إحتلال فلسطين والقدس ؟ ولماذا لا يحرّكون ساكنا ضدّ الأطماع …الإسرائيلية والأمريكية… الرامية إلى إحتلال المنطقة والسيطرة عليها وعلى مصادرها الطبيعية ويركّزون على مواجهة إيران ؟ ولماذا لا يفعلون شيئا كردّ على قرارات ترامب العنصرية ضدّ العرب والمسلمين؟ وهل ما تقوم به أمريكا وإسرائيل من أعمال عدوانية في سورية واليمن والعراق يخدم الأمة العربية ؟ وهل من العقل والمنطق الإدعاء بأن التدخل الصهيو- أمريكي أقل خطرا على مستقبل الأمتين العربية والإسلامية من التدخّل إلإٌيراني كما يدّعي بعض الحكام العرب ؟ إيران لا تهدّد العرب والمسلمين . إنها تهدّد بعض مشايخ الخليج وإسرائيل والمصالح الأمريكية !
إيران دولة كبيرة يتّسم شعبها بالحيويّة . لقد قام الإيرانيّون بثلاث ثورات شعبية  خلال 74 عاما وتحديدا الثورة الدستورية في عام 1905، وثورة مصدّق 1953 ، والثورة الإسلامية 1979 . ما يعرف بالثورة الدستورية حدثت ما بين عامي 1905 – 1907 وكانت الحدث الأوّل من نوعه في آسيا، وأدّت إلى إنشاء نظام ملكي دستوري إستمر حتى عام 1925 عندما قام الشاه رضا بهلوي بإنقلاب عسكري ضدّ الشاه أحمد ميرزا وأقام الدولة البهلوية .
 في عام 1951 إضطر الشاه محمد رضا بهلوي إلى تعيين السياسي الذي كان يحظى بشعبية كبيرة بين الإيرانيين محمد مصدّق رئيسا للوزراء .أمّم مصدّق النفط الإيراني بعد إستلامه رئاسة مجلس الوزراء بيومين مما أدى إلى إحتدام الصراع بينه وبين الشاه فقام بإقالته من منصبه، فخرجت الجماهير المؤيدة لمصدّق إلى الشوارع في أغسطس عام 1953 في ثورة شعبيّة عارمة أجبرت الشاه على الهروب إلى إيطاليا . لكن الجنرال فضل زاهدي قام بإنقلاب عسكري ضدّ مصدّق وأعاد الشاه الى الحكم، وظلّ يحكم إيران حتي أرغمته الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني على الهروب عام 1979 .
 تعرّضت إيران لحروب وموآمرات عربية، ومقاطعة إقتصادية وتقنية غربية منذ نجاح ثورتها الإسلامية، لكنّها صمدت وتحدّت الإرادة الأمريكية الأوروبية الصهيونية الخليجية، ونجحت إلى حدّ كبير في تصنيع وتطوير نفسها، وبنت جيشا قويا، وهناك إمكانيّة حقيقيّة أن تتحوّل إلى دولة قويّة مهمّة فاعلة في منطقة الشرق الأوسط،، وهذا ما يخيف التحالف الثلاثي الخليجي الأمريكي الصهيوني القديم المتجدّد، ويدفعه إلى المزيد من التقارب والتنسيق العلني والسرّي في حروبه ضدّها.
حكام الخليج وحلفاؤهم من عرب واسرائيليين وأمريكيين يعلمون أن إنتصار الدولة السورية سيعزّز الوجود والنفوذ الإيراني فيها وفي والعراق، وسيخلق وضعا متفجرا على الحدود السورية الأردنية قد ينتقل إلى المدن الأردنية، ويمتد إلى الحدود السعودية مع الأردن، والحدود السورية السعودية، والعراقية السعودية، ومن الممكن أن يقود إلى حركات تمرّد جماعيّة  قد تؤدي إلى زعزعة الإستقرار في المنطقة وإنهاء حكم العوائل الوراثي في عدّة دول خليجيّة والأردن .
إسرائيل بدورها تعلم جيّدا أن إيران دولة كبيرة طموحة وغنيّة بمواردها، ولها تاريخها العريق، وتختلف عن الدول العربية من حيث العدّة والإرادة، ولهذا فإنها تريد ضربها وإحتواء خطرها قبل وقوعه . إن وجود إيران على الحدود الإسرائيلية السورية والأردنية إذا إنتقلت الفوضى إلى الأردن وانهار النظام، سيشكّل أكبر تهديد لإحتلالها لفلسطين والجولان، ولنواياها التوسعيّة وربما لوجودها لأنه سيسمح للمقاومة العربية والإسلامية من العمل بحريّة ضدّ ها .. ويضعها في مواجهة مباشرة مع الشعوب العربية والإسلامية .. لا يمكنها الإنتصار فيها، ولهذه السبب فإن الصهاينة وأمريكا في صراع مع الزمن لإحتواء هذا الخطر ومنع وقوعه قبل فوات الأوان.
لكن السؤال المهم هو كيف سيتعامل الروس مع إيران إذا إنتصرت سورية ؟ هل سيسمحون لها بتحقيق إختراق خطير يمنحها المزيد من النفوذ في سورية والعراق ودول المشرق العربي ؟ روسيا بوتين تدخّلت في سوريا دفاعا عن مصالحها في الشرق الأوسط ، وعن مكانتها الدولية التي تراجعت بعد إنهيار النظام الشيوعي، وللإنتقام من أمريكا والغرب الذي كان السبب في إنهيارالإتحاد السوفييتي، وتدمير إقتصاده، وتجويع وإذلال شعبه، وتفكيكه بعد أن كان القوة العظمى الثانية بعد أمريكا .
بوتن الذي كان رئيسا لجهاز المخابرات السوفيتية ” كي جي بي “يفهم المعادلة السياسية الدولية جيدا، ويعمل على إستعادة نفوذ روسيا الإتحادية كدولة عظمي من خلال إيجاد وضع دولي جديد يكون لها دورا هاما فيه . الإيرانيون أيضا أذكياء ويدركون أهميّة وجود حليف قوي لهم كروسيا، ولهذا فقد طوّروا معها علاقات ممتازة ، ووقعوا عدة إتافاقيات تعاون عسكرية وسياسية وإقتصادية وثقافية بين البلدين . ولهذا يمكن القول أن الدعم الروسي للموقف الإيراني والقوى العربية المناهضة للغرب وإسرائيل سيستمر لأن مصالح البلدين والأمة العربية تتطلّب ذلك .
روسيا وإيران لن تقبلا الهزيمة، ولن تتنازلا عن أهدافهما الإستراتيجية بسهولة لأن ذلك يضعفهما محليّا، وينهي دورهما في الشرق الأوسط . من مصلحتنا نحن العرب أن ينتصر هذا التحالف المعادي للولايات المتحدة وإسرائيل والديكتاتوريات العربية، لأن إنتصاره قد يفتح آفاقا سياسية جديدة تشجّع الشعوب العربية على كسر حاجز الخوف، وعلى التحرك ضدّ الإستبداد والطغيان، وتشعل نيران ثورات شعبيّة تقود إلى تأسيس دول قانون ديموقراطية تخلّصنا من وضعنا الحالي البالغ السوء، وتمكّننا من بناء مستقبل أفضل.
إنتصار أمريكا واسرائل في هذا الصراع سيكون كارثيّا على أمّتنا العربية لأنه سيسبّب المزيد من الإنهيارات التي …. ستغير حدودا عربية قائمة، وتقود إلى هجرات وتغييرات سكانية ضخمة،  …. وتؤدي إلى سيطرة أمريكا على المنطقة، وتحقيق الحلم الصهيوني بإقامة إمبراطورية يهودية من الفرات إلى النيل …!
رأي اليوم