خلل ينذر بمتوالية مشكلات إن لم يُستدرك.. 27 بالمائة من أطفال التعليم الأساسي يخرجون إلى “العمالة والتسوّل” وإجراءات تلوح بتطبيق القانون

خلل ينذر بمتوالية مشكلات إن لم يُستدرك.. 27 بالمائة من أطفال التعليم الأساسي يخرجون إلى “العمالة والتسوّل” وإجراءات تلوح بتطبيق القانون

أخبار سورية

الخميس، ١٥ ديسمبر ٢٠١٦

يبدو أن الإجراءات التي اتخذت للحد من ظاهرة عمالة الأطفال والتسوّل
لم تجد نفعاً في ظل  تفاقم الظاهرة خلال الأزمة، وسط غياب الوعي لدى الأهل، وتقصير الجهات المعنية، وغياب الخطط الميدانية التي من شأنها معالجة ظاهرة خروج  أعداد كبيرة من الأطفال خارج منظومة التعليم الأساسي.
ولا يحتاج المتابع للتقصي والبحث عن الأطفال، وأغلبهم متسربون من المدارس،  فلا يوجد مغسل سيارات، أو كومجي إطارات، أو ورشة ميكانيك، أو إشارة المرور إلّا وتُشاهد فيها أطفالاً صغاراً يعملون لجني المال لأهاليهم الذين يؤيدون عملهم تحت ذريعة “الصنعة تدر لهم مالاً في المستقبل” دون أن يدركوا تأثير ذلك على مستقبل أولادهم، وفي الوقت الذي تزداد فيه تحديات الواقع خطورة، تأتي الاستجابات في كثير من الأحيان ذات طابع ارتجالي، تفتقر إلى الحدود الدنيا من المعرفة العلمية بخصائص الواقع ومكوناته.
عاجي
يتم إعداد قوائم سنوية بأسماء الأطفال الذين بلغوا سن السادسة من العمر لغاية “31 كانون الثاني” من كل عام من قبل أمانات السجل المدني وإرسالها لمديرية التربية لمتابعة تسجيلهم
نسب حكومية
ومع أن الإجراءات التي يطلقها المسؤولون، والتحذيرات التي تطلقها ورشات العمل  للحد من ظاهرة التسرب المدرسي، إلّا أن مدير التعليم الأساسي في وزارة التربية حسن عاجي  لم يخف  نسبة المتسربين من التعليم الأساسي لعام 2016 التي بلغت 27 % ، حيث يتم  إعداد قوائم سنوية بأسماء الأطفال الذين بلغوا سن السادسة من العمر لغاية “31 كانون الثاني” من كل عام من قبل أمانات السجل المدني في المحافظات، وإرسالها لمديرية التربية في المحافظة لغاية شهر شباط لمتابعة تسجيلهم، وتقوم المديرية بتوزيع القوائم على أمناء سر التعليم الإلزامي المشرفين على المدارس في المناطق ليقوموا بالتنسيق مع إدارات المدارس لضمان تسجيل الأطفال ومتابعة غير المقيمين.
وبيّن العاجي أنه بعد التثبت من انقطاع “التلميذ” غير المبرر لمدة سبعة أيام دوام، يؤخذ من ولي أمره تعهد خطي، يحفظ في إضبارة التلميذ، وإذا لم يرسله إلى المدرسة خلال أسبوع من تقديمه التعهد الخطي، يقوم أمين سر التعليم الإلزامي في المنطقة برفع قائمة بأسماء الأولياء الممتنعين عن إرسال أطفالهم للمدرسة إلى المديرية التي بدورها ترفعها إلى لجنة التعليم الإلزامي في المحافظة، ويقوم رئيس لجنة المحافظة بتوجيه الإنذارات الخطية لأولياء الممتنعين عن إرسال أطفالهم، ويتم تبليغ الإنذارات من قبل رجال الشرطة للأولياء المعنيين خلال مدة 10 أيام، ويرفع المحافظ اقتراح تحريك دعوى الحق العام إلى الوزارة بناء على اقتراح لجنة المحافظة بحق الأولياء المنذرين الذين امتنعوا عن إرسال أطفالهم للمدارس بعد مضي مدة الإنذار.

أقوال بلا أفعال
وتابع عاجي: إن مديرية التربية تحيل إلى فرع الصندوق في المحافظة قائمة بأسماء أولياء التلاميذ الذين وجهت إليهم الإنذارات بسبب تسرب أبنائهم، أو عدم التحاقهم بالمدارس ممن هم في سن الإلزام، ليتم وقف صرف المعونة التي يستحقونها حسب المادة 3 من القانون 9 لعام 2011 إلى أن يلتحق أبناؤهم المتسربون بمدارسهم، ويحققوا نسبة دوام لا تقل عن 80 % من تاريخ التحاقهم وحتى نهاية العام الدراسي، علماً أنه يعاقب الولي الممتنع عن إرسال التلميذ إلى المدرسة بغرامة مالية مقدارها من 10-15 ألف ليرة سورية، وفي حال تكرار امتناع الولي عن إرسال التلميذ إلى المدرسة تُصبح العقوبة ضعف الغرامة المالية، ويتم تحريك الدعوى العامة على أرباب العمل الذين يستخدمون أطفالاً في سن الإلزام الممتنعين بعد إنذارهم بعشرة أيام.
وأضاف عاجي: إذا كانت الجهة التي تشغّل أطفالاً لديها ممن هم في سن الإلزام جهة عامة، تحريك الدعوى على مدير هذه الجهة العامة المسؤولة، وفي حال التباطؤ، أو الإعاقة، أو تأخير تنفيذ الإجراءات المطلوبة في إحدى المراحل المبنية أعلاه المتعلقة بمتابعة أولياء الأطفال المنقطعين، أو تبليغهم الإنذارات قصداً يعاقب العاملون، حسب مهمتهم بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر عن ثبوت تقصيرهم قصداً في أي من الإجراءات المطلوبة منهم، أو المكلفون بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في حال ثبوت تقصيرهم، أو إعاقتهم، أو تأخرهم في تنفيذ الأحكام ذات الصلة، ويتمثل دور وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل  بأنه بعد دراسة أوضاع أسر الأطفال المتسربين والظروف التي أدت إلى تسرب أبنائهم، والتحقوا بمدارسهم، وحققوا نسبة دوام لا تقل عن 80 % من تاريخ التحاقهم، تقوم لجنة المحافظة بناء على اقتراح مديرية التربية برفع قوائم بأسماء الأسر التي التحق أبناؤها بعد التسرب بمدارسهم إلى الصندوق، أو فروعها في المحافظات لدراسة إمكانية منحهم معونات مادية، أو عينية عن طريق الصندوق بالتنسيق بين الوزارة، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من خلال تنفيذ برامج خاصة بهذا الخصوص.

إلحاق الأطفال
وأشار عاجي إلى أن التعليمات التنفيذية للقانون رقم /7/لعام 2012  تنص على إلزام جميع أولياء الأطفال العرب السوريين، ومن في حكمهم “ذكور وإناث ” بإلحاق أطفالهم الذين تتراوح أعمارهم ما بين “15” سنة بمدارس التعليم الأساسي وفق الآتي: الفئة “ا”، وهم جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6-9 سنوات، والفئة “ب”، وهم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين  8-15 سنة، ولم يسبق لهم الالتحاق بالمدرسة، “ما زالوا أميين”، أو من المتسربين، أو المنقطعين لأكثر من سنة.
ويتم تسجيل الطفل مكتوم القيد في المدرسة بموجب الوثيقة الصادرة عن لجنة تقدير الأعمار، ويطلب من وليه تسجيله في دوائر السجل المدني خلال مدة عام، ويتم قبول الأطفال ذوي الإعاقات الخفيفة في مدارس التعليم الأساسي وفق معايير الدمج الصادرة عن الوزارة والتعليمات الصادرة بهذا الشأن، وتحيل المديرية الأطفال ذوي الإعاقات الشديدة ممن هم في سن الإلزام إلى مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في المحافظة لإلحاقهم بالمعاهد والمراكز المخصصة لديها.

العمل جار
وفي هذا الإطار بينت مدير الخدمات الاجتماعية ميساء الميداني أنه تم تشكيل لجنة بموجب القرار رقم 349 تاريخ 8/3/2016 برئاسة الوزيرة وممثلين عن وزارات “الداخلية – العدل – الصحة – الإعلام – التربية – التعليم العالي – الأوقاف وغيرها” مهمتها دراسة أسباب حالات التسول والوقوف عليها للحد من أسباب انتشارها بالتنسيق مع من يلزم، كما قامت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل باسترجاع أحد الأدوار السابقة لها بتسيير الدوريات وملاحقة المتسولين من خلال مكاتب مكافحة التسول في كافة المحافظات والتي يمكن ترجمتها في محافظة دمشق من خلال الفريق التطوعي ورعاية المتسولين، وذلك بمؤازرة وزارة الداخلية من خلال عناصر الشرطة.
وأضافت الميداني أنه يتم التعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان من خلال رصد وإبلاغ وإحالة، مع تفعيل الخط الساخن، وذلك من خلال الإعلان عنه في الشريط الإخباري ووسائل الإعلام، وتم التنسيق مع محافظة ريف دمشق لإخلاء أسر الإيواء من دار المتسولين والمتشردين لتستطيع الدار القيام بواجباتها، لاسيما وأن هذه الدار أقيمت من أجل هذه الغاية، إضافة إلى قيام الوزارة بجولات على منطقة جرمانا بالتعاون مع التلفزيون وتم رصد الحالات وإحالة البعض إلى الدار.
وأشارت الميداني إلى قيام بعض الجمعيات الأهلية ومتطوعين من الوزارة وبعض المبادرات الأهلية الفاعلة بإحالة بعض المتسولين من الأطفال إلى دار المتسولين والمتشردين بالكسوة ونظمت بحقهم الضبوط اللازمة، وتتم الآن رعايتهم، وهناك حالات تشرد وتخلف عقلي كبير موجودة في الدار، وتتم رعايتهم بشكل جيد، كذلك تم توجيه كتب لوزارة الصحة لرعايتهم وفرز ممرضين لزيارتهم بشكل دوري، وكذلك من خلال تعاون الوزارة مع وزارة الأوقاف تم التوجيه للخطباء لتخصيص خطبة عن ظاهرة التسول وآثارها الاجتماعية والمعنوية على الفرد والأسرة والمجتمع والدولة، وحث المصلين لعدم إعطاء المتسولين المبالغ من خلال استعطافهم، وإذا كان هناك تبرع فليكن من خلال الجمعيات الأهلية، وما يزال العمل جارياً والتنسيق مع كافة الوزارات والمنظمات والهيئات لرصد حالات التسول والتشرد ومكافحتها والحد منها، وإجراء المسوح في مناطق محددة تنتشر فيها ظاهرة التسول بشدة.

أشغال شاقة
أما فيما يخص تحول التسرب إلى حالة استقطاب من قبل الجماعات المسلحة، وتجنيد لهؤلاء الأطفال في الأعمال القتالية، أكدت الميداني أنه صدر القانون رقم /11/ لعام 2013 الخاص بشأن إشراك الأطفال في الأعمال القتالية والذي تضمن كل من جند طفلاً دون الثامنة عشرة من عمره بقصد إشراكه في عمليات “قتالية – حمل السلاح – زراعة المتفجرات- استخدام في نقاط التفتيش – المراقبة – تشتيت الانتباه – استخدامه كدرع بشري – مساعدة الجناة بأي شكل من الأشكال – أو غير ذلك من الأعمال القتالية، “يعاقب بالإشغال الشاقة المؤقتة من عشر سنين إلى عشرين سنة ” والغرامة من مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة.
وتشدد العقوبات وبموجب اتفاقية حقوق الطفل “crc” المصادق عليها من قبل سورية والقوانين الوطنية ذات الصلة كقانون الأحداث الجانحين يعامل الطفل من سن /18/ سنة ليس بمجرم وتتخذ بحقه التدابير الإصلاحية بهدف إعادة إدماجه في المجتمع، حيث نقدم له خدمات الرعاية “الصحية – الاجتماعية- النفسية – التأهيلية – الثقافية ” مع مراعاة الأطفال ذوي الإعاقة والفتيات القاصرات، إضافة إلى أنه سيتم إنجاز وثيقة الرصد والإبلاغ لإحالة حالات الأطفال الذين يتم استغلالهم، لاسيما خلال الأزمة الحالية، وهي تسع حالات، ومن بينهم الأطفال المجندون، وتم ذلك بالتعاون والتنسيق مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان – وزارة العدل – الداخلية ” والتنفيذ سيكون بالتعاون والتنسيق مع الجمعيات الأهلية ذات الصلة، وذلك بهدف الوصول إلى تلك الحالات والإبلاغ عنها وإحالتها إلى الجهات المختصة للتعامل معها وتقديم خدمات الرعاية اللازمة بحسب خصوصية كل حالة ويتم تأهيل الكوادر البشرية العاملة في مجال رعاية وحماية الأطفال للتعامل مع تلك الحالات، وسيتم العمل على موضوع الوعي المجتمعي والإرشاد الأسري والتعريف بالآثار السلبية للظاهرة وأخطارها على الطفل وبناء شخصيته بما ينعكس بدوره على الأسرة وبالتالي على المجتمع ككل، وبناء على ما سبق فإن دور الوزارة هو التركيز على تقديم خدمات الرعاية اللازمة لحالات الأطفال المجندين التي يتم تحويلها من الجهات المختصة.

تنمية ومحو أمية
وأكد نقيب معلمي دمشق وعضو مجلس الشعب، عهد الكنج، على الاهتمام الكبير بالأطفال من قبل الأسرة، كونها تلعب الدور الكبير في متابعة أبنائها بالتعاون مع الإدارة المدرسية، فعندما تكون المتابعة جيدة من قبل الطرفين تحل 50% من مشاكل الطفل، في الوقت الذي يجب على الجهات المعنية بالطفل أو اليافع العمل بشكل جدي وعملي والابتعاد عن الواقع النظري، والأخذ بالاعتبار جميع الدراسات الاستراتيجية المبنية على المعلومات والبيانات الميدانية من أرض الواقع التي يعدها الباحثون والمراكز المختصة في وزارات التربية، والتعليم العالي، والشؤون الاجتماعية، وغيرها.
وأضاف الكنج بأنه يجب العمل على تهيئة البنية التحتية للمدارس التي تستقبل الأطفال المهجّرين من المناطق الساخنة الذين هجّرتهم المجموعات الإرهابية المسلحة، وتهيئة معلمين يقومون بتعويض الأطفال من خلال الكلمة الطيبة، والاستقبال الجيد، ومتابعة النظافة، والمعاملة الحسنة، ومساواتهم مع أقرانهم في البيئة المستضافة.
ودعا الكنج إلى تجديد تطبيق العقوبات المنصوص عنها وفق الأنظمة والقوانين بحق الأسر التي لم تتعاون مع الجهات المعنية حول أطفالهم المتسرّبين، مع المتابعة اليومية والدقيقة للأطفال، لاسيما في مراكز  الإيواء، والعمل على محو الأمية لبعض أولياء الأطفال المهجّرين، وتفعيل مجالس أولياء الأمور بشكل جدي مرة واحدة  كل فصل، والتأكيد على حضور الاجتماعات من خلال الاختصاصيين المرشدين والنفسيين الاجتماعيين، وإجراء دورات تدريبية في التنمية البشرية  للأطفال المهجّرين في مراكز الإيواء لرفع مستواهم.

المذيبات الطيارة
وحذرت الدكتورة هناء برقاوي، أستاذة في جامعة دمشق، اختصاص علم اجتماع جنائي وقانوني، من خطورة تسرّب الأطفال من المدارس، كأن يصبح الطفل عرضة للتسول، والعمل المجهد، والبيع عند إشارات المرور، علماً أن لخروج الطفل من المدرسة بالسن المبكر انعكاسات سلبية مع تقدمه في العمر، حيث يشاهد أصدقاءه أنهوا تحصيلهم العلمي، أما هو فيلوم نفسه وأهله، وبالتالي يندفع إلى الانحراف، كما أن وجوده في الشارع، وتعاطي التدخين، والمذيبات الطيارة “مادة الشعلة توضع في كيس نايلون ومن ثم يستنشقها”، وهي مضرة بالصحة، وتسبب الإدمان، ومتوفرة بسعر قليل، إضافة إلى الفشل، والسرقة، وهذا يشكّل خطراً في تحوّل الطفل من جانح إلى طفل مجرم!.
وأشارت برقاوي إلى ضرورة أن تقوم وزارتا الشؤون الاجتماعية والعمل، والداخلية بتشكيل دوريات متنقلة من باحثين اجتماعيين، وشرطة مجتمعية للتعامل بشكل جيد مع الأطفال الذين يستغلون في سوق العمل،   وإعادتهم إلى المدرسة قسراً لكي ينالوا فرصتهم بالتعلّم، ويجب أن يتعاون الأهل مع الوزارات والجهات المعنية، وإلا سيتحوّل الأطفال إلى مجرمين!.

دمج المهجّر
وبيّنت حنان ديابي، أستاذة في قسم علم اجتماع، جامعة دمشق، أن موضوع التسرّب المدرسي قديم، إلا أنه زاد بسبب الحرب، وارتفاع الأسعار، وخروج المدارس عن الخدمة في المناطق الساخنة بسبب الإرهاب، فكلما ازداد النزوح ازداد  التسرّب، حتى في بعض مراكز الإيواء يوجد تسرّب مدرسي، وتم لمس عدة حالات، إضافة إلى ضياع اليافعين، وهنا يجب أن يكون هناك توجه، وتعاون حقيقي، وليس شكلياً بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل، والتربية، لاسيما أن مراكز الإيواء تحتضن ما يقارب 50% من الأطفال واليافعين، مع إحصاء عدد الأطفال الذين لم يذهبوا إلى المدرسة، ومعرفة الأسباب، وإيجاد الحلول المناسبة، وضرورة إيجاد معلمين متطوعين للتدريس المسائي في المدارس لترميم النقص.
ولم تخف ديابي المشاكل التي يتعرّض لها بعض الأطفال المهجّرين إلى المناطق الآمنة تتمثّل بعدم تقبّل بعض المدرسين، والأطفال الآخرين للمهجّر، وعدم الاهتمام به، وبالتالي تدفع بالطفل إلى ترك المدرسة، وهنا يجب إيجاد كوادر تتعامل مع ظروف الحرب، وتضم اختصاصيين  مرشدين اجتماعيين ونفسيين، علماً أن الإرشاد غير مفعّل في المدارس، ولا يوجد تعاون بين الوزارات، لاسيما وزارات الشؤون، والتعليم العالي، والتربية، مع تفعيل القوانين المحيطة بالطفل: “عمالة الأطفال، التعليم الإلزامي”، وبحث واقع كل أسرة، والاستفادة من أرباب العمل، والصناعات، والحرف المهجّرين، مثلاً بأن تقوم وزارة الصناعة بالاستفادة منهم من خلال استثمارهم في معامل ومشاريع صغيرة، وهذا يساهم في إعالة الأسرة، وتخفيف التسول.
وأشارت  ديابي إلى أنه لا يوجد تعاون بين صانع القرار، والباحث الاجتماعي، فعند وضع استراتيجية صحيحة يجب أن يمتلك الباحث أرقاماً، وحالات  صحيحة، إضافة إلى وجود بنك معلومات عن الأطفال حتى يتم التصدي للعمالة، وبناء مستقبل بشكل أفضل، وفي حال تم تطبيق التعليم الإلزامي يجب تطبيق قانون عمالة الأطفال، فمنظومة القوانين التي تحيط بالطفل في سورية تشكّل سلسلة مترابطة، فتسرّب الطفل من المدرسة ليس لغبائه، بل إن العامل الاقتصادي يلعب دوراً كبيراً، لاسيما أنه يتسبب بالزواج المبكر عند الإناث.

رفاق السوء
وأخيراً من المشكلات التي يجب دراستها وتحليلها تأثر الطفل بمجموعة من رفاق السوء في الحي، والمدرسة، ومشكلات تأخر التلميذ عن الدوام الصباحي، أو الغياب، وعدم تجاوب الأهل في كثير من القضايا الاجتماعية، فبعض أولياء الأمور يلقون أعباء التدريس والعملية التعليمية على عاتق المدرسة، وكأن البيت والأهل لا علاقة لهم بمتابعة أوضاع الطفل، ولا علاقة لهم بتعليمه، وعدم القدرة على التكيف مع ظروف المدرسة، لاسيما مرحلة التعليم الأساسي، إضافة إلى ظهور مشكلات تشكّل الجماعات أو الشلل، وبخاصة بين طلبة الحلقة الثانية، والمرحلة الثانوية، ويصبح تأثير هذه الجماعات في الأبناء أكبر من تأثير المعلمين، ومن تأثير إدارة المدرسة، وحتى من تأثير الأبوين!.
ويتساءل البعض حول إمكانية تطبيق الإجراءات بشكل فعلي على هذه  الأعداد الكبيرة من الأطفال المنتشرة في شوارع المحافظات، فالكلام يبقى كلاماً، والأفعال تبقى أفعالاً؟!.

فداء شاهين