حلب تشتعل مجدداً...وأيام حاسمة تنتظرها

حلب تشتعل مجدداً...وأيام حاسمة تنتظرها

أخبار سورية

الجمعة، ٢١ أكتوبر ٢٠١٦

الدكتور خيام الزعبي

أمريكا لا تبذل ما في وسعها من أجل مكافحة داعش وأخواتها في المنطقة، فهي لا تهاجم مسلحي داعش الفارين من الموصل، بل فتحت لهم ممراً يتجهون عبره إلى مدينة الرقة السورية، من دون أن يوجه التحالف الغربي الذي تقوده أمريكا أي ضربات جوية إليهم، وكل هذا يشير إلى وجود إتفاق ما يُسمح بموجبه للمتطرفين بمغادرة العراق من دون عوائق الى سورية.

تظهر التطورات الميدانية المتسارعة في مدينة حلب السورية أن "الشهباء " تنتظر أسبوعاً حاسماً خصوصاً أنه بات واضحاً، بأن عدد مقاتلي جبهة فتح الشام "النصرة سابقاً" يتعدى 1500 مقاتل في الأحياء الشرقية من حلب بخلاف التقديرات السابقة التي قللت من عددهم بشكل كبير، والهدف الرئيسي من تقليل عدد هؤلاء المسلحين هو نزع ذريعة قصفهم من الجيشين السوري والروسي والعمل دون فك إرتباط فصائل المعارضة المسلحة، التي تصفها وتصنفها واشنطن بـ"المعتدلة"، وعدم إيجاد الذرائع لإستمرار حصارهم من قبل الجيش السوري في وقت تسري فيه هدنة روسية تؤدي إلى خروج المسلحين من المدينة،والتي أبدى فيها الجيش السوري إستعداده لتقديم مهلة كافية للمسلحين من أجل التفكير وتحضير أنفسهم لرمي السلاح وحل أمورهم كما حصل مع من سبقهم في الإقدام على هذه الخطوة "مسلحي داريا".

حتى اليوم لم تتبلور الصورة النهائية لأعداد المسلحين الذين يودون الخروج من حلب باتجاه إدلب، هذا ويجري منذ أيام إزالة السواتر الترابية لتسهيل حركة المرور وتحديد طرق رئيسية يتم الخروج منها عبر شوارع حلب، لكن المشكلة الأكبر تبرز بإنقسام المسلحين داخل الأحياء، فمنهم من يفضّل البقاء أملاً بتحقق وعود المحيسني عبر فك الحصار عنهم ، فيما تفضل فصائل أخرى تسليم نفسها للجيش السوري وتسوية وضعها وما تبقى منهم يؤيد الخروج مع جبهة النصرة الى إدلب وريف حلب الغربي، أما فصائل لواء لسلطان مراد والفاتح فهي تنتظر توجهات أردوغان، بيد أن هناك مجموعات من داخل حلب تعمل على محاولة عرقلة أي إتفاق من خلال الضغط على المسلحين من أجل عدم تسليم أنفسهم وإجبار المسلحين على مراجعة حساباتهم بدقة وواقعية أكثر، مع العلم بأن أردوغان بحث مع بوتين سبل التوصل إلى اتفاق لإخراج مسلحي "النصرة"، من مدينة حلب ونقلت وكالة "الأناضول"عن أردوغان قوله، إن بوتين دعا إلى التعاون لإخراج «النصرة» من حلب، وقمت بدوري بإبلاغ المعنيين للقيام بما يجب، واتفقنا على القيام بهذه الخطوة كي نتيح لأهل حلب فرصة العيش بأمان.

إن تحرير حلب يعني الخسارة الكبرى لأمريكا التي مهدت إعلامياً وسياسياً وعسكرياً أن حلفاؤها من المسلحين والمتطرفين إقتربوا من السيطرة على حلب، لذلك فإن عجز أمريكا وحلفاؤها العرب في هزيمة الجيش السوري، وإحتلال حلب وعدم كسر محور ايران- سورية - حزب الله- روسيا، الذي يتضح الآن إنه زاد من قوته وجعل رهان أمريكا وحلفاؤها على هذه الجماعات المتطرفة خاسر وفاشل، لذلك فإننا على يقين أن النصر حليفنا، وما هي إلا بضعة أيام وسترجع حلب بأكملها الى أحضان سورية من جديد، أمريكا أطلقت تصريحات خبيثة قبل عدة أسابيع، فقالت أن الحرب لتحرير حلب قد تطول، وما هذه التصريحات إلا محاولة من امريكا، لإخراج أكبر عدد ممكن من القيادات الى الرقة ودير الزور، لإعادة توازن القوى بينها وبين روسيا في سورية، قبل ان تأتي الى المفاوضات الأخيرة المرتقبة مع روسيا، وهي تمتلك عناصر القوة، بعد أن رأت تقدم وانتصارات الجيش السوري في المعارك الدائرة الآن،وبمساعدة من الطيران الحربي الروسي.، من جهتها روسيا أدركت الأمر جيداً، فقامت بعدة خطوات عسكرية،فقد اعلنت عن تحرك أضخم سفينة نووية في العالم"بطرس الأكبر"، مع عدة سفن اخرى لحاملات الطائرات،بالأضافة الى الغواصات، وقوات بحرية روسية، التي ستصل خلال أيام الى الساحل السوري،عند القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، بالمقابل إنطلقت سفن حربية روسية قبالة ساحل النرويج تحمل قاذفات مقاتلة ، في إطار إستراتيجية روسيا لإستهدف مقاتلي تنظيم داعش لإعلان النصر في حلب.

في هذا السياق فإن أمريكا وتركيا وحلفاؤهم من الدول العربية وضعوا كل رصيدهم في معركة حلب، وخسارتهم هذه المعركة تعني خسارة كل الاوراق في المنطقة، فحلب مهمة جداً ومعركتها ستكون حاسمة وروسيا ستدخل بثقلها في هذه المعركة، و لن تتوقف عند حد معين في مساعدة سورية، وهنا لا أستبعد دخول قوات روسيا كثيفة من جهة قاعدتها البحرية المتواجدة هناك، لحماية مصالحها وإستثماراتها في الجهة الشمالية من سورية.

مجملاً...إنه في القريب العاجل ستفتح نيران جهنم على الجماعات المسلحة وأخواتها في الجبهات كافة، وأن الجيش السوري وحلفاؤه من الروس والإيرانيين يؤكدون أنه لن يقف أي عائق أمام إستمرار القتال هذه المرة، فالجيش السوري يدعو الأهالي للابتعاد عن مناطق تواجد المسلحين لأنها مرشحة لتكون جبهات قتال مفتوحة، لذلك فإن الساعات والأيام المقبلة ستحمل في طياتها معارك مدمرة لكل من بنى آماله وتواطأ مع الخارج، وسيشهد المسلحون والمتطرفين بجميع فئاتهم معارك ستكون شرسة لهم بقيادة الجيش السوري ومن خلفه الأصدقاء وإنطلاقاً من ذلك تبدو المهمة الأمريكية في سورية عسيرة وغير قابلة التحقيق، حيث يصعب عليها تمرير مشروعها، بسبب شدة الضربات الجوية الروسية والتقدم الكبير للجيش السوري وبسالة أفراده، وبإختصار شديد يمكنني القول أن الأيام القليلة القادمة هي كفيلة بحسم الموقف في حلب والمنطقة بأكملها وتبيان الأمور في حال كانت متجهة إلى الحلحلة أو هي ذاهبة نحو مزيدٍ من التأزيم ، فمعركة حلب هي أم المعارك التي ستحدد مصير سورية، ، وإن الملفات المتداخلة في المنطقة ستخضع وتتأثر لما قد يحدث في الفترة القادمة