من أيام العرب المشهودة حرب تشرين تجلّت فيها العزة والكرامة العربية وغيّرت العلاقات الدولية

من أيام العرب المشهودة حرب تشرين تجلّت فيها العزة والكرامة العربية وغيّرت العلاقات الدولية

أخبار سورية

الخميس، ٦ أكتوبر ٢٠١٦

كان السادس من تشرين يوماً من أيام العرب المشهودة، استعاد به العرب مناخ انتصاراتهم الكبرى في التاريخ، وحرب تشرين المجيدة تعبير عن طبيعة الأمة العربية، وبنيتها، وتاريخها، وقدرتها على فرض قواعد الحق، والعدل، والسلام، وعلى النضال بأساليب متنوعة، لكنها متكاملة في الأداء، وفي الوظيفة، والهدف.

تعرية إسرائيل
لقد أظهرت حرب تشرين التحريرية إسرائيل بحجمها الصحيح، وأنها غير قادرة على الاستمرار في المنطقة العربية دون دعم الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى سبيل المثال، كان من المفترض أن تقدم الصناعة العسكرية الإسرائيلية معظم ما يحتاجه الجيش الإسرائيلي في الحرب، ولكن ما إن مضى أسبوع واحد على القتال حتى بدا واضحاً للعيان أن إسرائيل تقف على شفا الهاوية، وأن صناعتها الحربية لا يمكن أن تلبي متطلبات الحروب المعاصرة، بل لا يمكن أن تسد جزءاً من الخسائر التي مُنيت بها في الأيام الأولى من الحرب، ولهذا فقد عرفت إسرائيل حجمها الصحيح، وأنها لن تتمكن في المستقبل المنظور من الاعتماد على نفسها.

عجز
ولم يقتصر تأثير حرب تشرين التحريرية المباشر على ذلك، بل امتد إلى الميزان التجاري الإسرائيلي، حيث بلغ العجز خلال شهر كانون الثاني 1974 (142) مليون دولار، ويأتي هذا العجز ظاهرة تؤكد استمرار الأزمات التي تعاني منها إسرائيل منذ حرب تشرين على مختلف الأصعدة، أما المعضلة الإسرائيلية الكبرى التي بلورتها حرب تشرين من النواحي الاستراتيجية، والنفسية، والعسكرية، والاقتصادية، فهي على وجه التحديد تقلّصها من مشروع الامبراطورية الخيالي غير المتلائم مع روح القرن العشرين، إلى حجم “الدويلة” المعزولة التي ترفضها المنطقة المحيطة بها، كما يكاد يرفضها العالم بأسره.

تأثيرات حرب تشرين
ولعل أهم النتائج التي حققتها حرب تشرين التحريرية، تحرير الإرادة العربية، وتخليص الشعب العربي من شوائب الضعف واليأس التي علقت به بعد حرب حزيران 1967.
نعم، لقد حررت الحرب، كما قال القائد المؤسس، “نفس الإنسان العربي من بذور الشك والريبة، وسموم القلق والخوف، وأعادت إليه ثقته بنفسه، واعتزازه بشخصه، وأمته، وارتباطه بأمسه، ويومه، وغده، وحلت عقدة الذنب، والشعور بمرارة الهزيمة والتقصير، وأحيت في أعماقه الأمل والرجاء، وبعثت فيه القوة والجرأة، والقدرة على الصمود والتحدي والفعل”.

سلاح النفط
من مكاسب معركة تشرين، استعمال العرب النفط سلاحاً فعالاً في المعركة، وكان للتدابير التي اتخذتها الأقطار العربية المصدّرة للنفط دور بارز في دفع المجتمع الدولي للتحرك باتجاه تنفيذ الحل العادل للنزاع العربي- الإسرائيلي، وقد كشفت حرب تشرين النقاب عن أن ثمة إمكانات واسعة، على العرب أن يولوها اهتمامهم، على صعيد الثروات الطبيعية الضخمة، وعلى رأسها الثروة النفطية التي تملكها الأقطار العربية.

فن الحرب
إن المعارك العديدة التي دارت على جبهتي الجولان، وقناة السويس، تكوّن في حد ذاتها انعطافاً حاسماً، لا على مسرح عمليات الشرق الأوسط فحسب، وإنما أيضاً كدروس تعطى على المستويين التكتيكي، والعملياتي، وستدرّس معارك تشرين التحريرية في المعاهد، والأكاديميات العسكرية لفترة طويلة، من حيث التضحيات، والتفاني، والتسابق بتقديم الروح قرباناً للوطن لنيل شرف الشهادة، وقد قال القائد المؤسس بشهداء حرب تشرين: “الشهيد هو الإنسان العظيم الذي عاهد فصدق، دعاه الوطن فأسرع، قاتل فاستبسل، قارع العدو فأبدع، ومن أجل أن ينتصر الوطن والأمة قرر الشهادة واستشهد”.

معركة الوجود
الرؤوس اليوم مرفوعة شامخة إلى الأعالي، وهي تخوض معركة الوجود التي لا تختلف عن عظمة حرب تشرين، معارك تحرير كل ذرة من تراب الوطن من رجس الإرهابيين الذين عاثوا في البلاد الخراب، وأشاعوا القتل، والحرق، والنهب.

عارف العلي